مهرجان الكتاب في لوس أنجليس يجذب 130 ألف زائر

نجمه إيغرز صاحب كتاب «زيتون» الذي يروي قصة مهاجر سوري أميركي صارع إعصار كاترينا

المواطن الأميركي المهاجر السوري عبد الرحمن زيتون، شقيق الراحل محمد زيتون بطل السباحة في العالم عام 1960. يسكن عبد الرحمن زيتون في مدينة نيو أورليانز مع زوجته الأميركية التي اعتنقت الإسلام وأولاده الأربعة («الشرق الأوسط»)
TT

هل بقي عدد كاف من القراء في أميركا لكي تطبع لهم دور النشر كتبا مغلفة مطبوعة على الورق في عصر السرعة والتقنية الحديثة والهواتف الذكية التي تقرأ الكتب من موقع «كيندل» والإنترنت والمنتج الجديد لشركة «أبل» المسمى «آي باد»؟ يجيب الكاتب والروائي والصحافي السابق ديف إيغرز المدعو «صوت الجيل الجديد» ونجم مهرجان الكتاب، الذي نظمته جريدة «لوس أنجليس تايمز» في جامعة كاليفورنيا، دون تردد «نعم، فالناس ما زالوا يحبون القراءة وأمامهم كتاب مجلد يقلبون صفحاته، وقد أسست بنفسي منذ عدة أعوام دارا جديدة للنشر في سان فرانسيسكو باسم (ماكسويني)، وقد نجحت وربحت، لأنها تختار النوعية الجيدة من المؤلفات وتقتصر منشوراتها على عدد محدود من الكتب».

يبدو أن كلام إيغرز صحيح. في عام 2010 الحضور فاق 130 ألفا ضاقت بهم جامعة كاليفورنيا الواسعة في لوس أنجليس والشهيرة ببرنامجها الأكاديمي العالي ومنتخبها الرياضي في كرة السلة، وآخر مبانيها وهو مستشفى الرئيس رونالد ريغان التابعة لكلية الطب. شارك في المهرجان 400 كاتب ومؤلف كما أسهم البعض منهم في عقد جلسات نقاش مع الحضور.

شاهدنا من بين المشاركين مجموعة من المشاهير في عاصمة السينما والابتكار منهم النجمة أليسيا سلفرستون التي ألفت كتابا عن الغذاء و«الحمية الرقيقة» والمغنية كارول بورنت، التي تحدثت عن مذكراتها، ورائد الفضاء بوز ألديرين الذي ناقش الهبوط على سطح القمر ومشاريع غزو المريخ.

أما مؤلفو قصص الأطفال مثل كارل رينر وبرناديت بيترز، فقرأ مقاطع من كتابيهما الجديدين. شارك شخصيا أو عن طريق تقديم كتبه إلياس خوري المشهور بكتابه «باب الشمس»، الذي يتناول فيه عذاب الفلسطينيين، والإيراني رضا أصلان (كتاب: كيف نربح الحرب الكونية)، والكاتبة المغربية ليلى العلمي التي أدارت إحدى حلقات النقاش.

كانت جلسة النقاش مع ديف إيغرز أكثر الجلسات شعبية وحضورا وتحدث فيها مع ديفيد أولين محرر ملحق الكتاب في الصحيفة والكاتب المسن هيرمان ووك (94 عاما) الحائز على عدة جوائز «بوليتزر». كما نال إيغرز جائزة أهم الكتب على كتابه المنشور في الخريف الماضي وعنوانه «زيتون». يثير موضوع الكتاب الاهتمام، فهو ليس رواية أو قصة مغامرات، بل قصة حقيقية حدثت عام 2005 وكانت الشخصية الأولى فيها المهاجر السوري من مدينة جبلة الساحلية عبد الرحمن زيتون (53 سنة) شقيق الراحل محمد زيتون بطل السباحة في العالم عام 1960.

يسكن عبد الرحمن زيتون، وهو مواطن أميركي مدينة نيو أوريليانز مع زوجته الأميركية التي اعتنقت الإسلام وأولاده الأربعة، وحين أصاب إعصار كاترينا القوي تلك المدينة ودمر قسما كبيرا منها في عهد الرئيس جورج بوش الابن، أصيبت الحكومة آنذاك بالتخبط، مما أدى إلى خسارة آلاف الضحايا. كان زيتون يعمل في دهان المنازل وإشادتها ويسكن في الجزء الأعلى من المدينة لكن المياه غمرت الأحياء السكنية بعد تصدع الحواجز والسدود، فانبرى البحار الجبلاوي السابق لمساعدة المواطنين وحصل على قارب قديم وصار يطوف به الشوارع ويوزع ما تيسر له من الطعام على العجائز والضحايا العالقين في بيوتهم، لكنه فوجئ حين اعتقلته قوات الأمن الخاصة والحرس الوطني إثر دخولها إلى تلك الأحياء بعد عدة أيام من الطوفان، ثم حققت معه لمدة طويلة وأطلقت سراحه. علق بعض الحضور على الموضوع قائلا إنه لا يصدق أن تجري مثل هذه الأحداث في بلد حر متقدم يحترم القانون مثل الولايات المتحدة، لكن إيغرز أكد إنه تابع التفاصيل كافة، بل زار سورية ومدينة جبلة وجزيرة أرواد المجاورة وحضر يوميات الأحداث التي يذكرها زيتون، فبدت له القصة مثل روايات الكاتب التشيكي المعروف كافكا. كتاب إيغرز رائع بوصفه الدقيق للشخصيات وخلفيتها وتصرف المهاجرين والأميركان العاديين، وقد حصلت غالب المكتبات العامة في الولايات المتحدة على نسخ من الكتاب كي تمكن القراء من الاطلاع عليها مجانا.

القارئ الأميركي من أفضل القراء في العالم، فهو واقعي وعملي لكنه يحب الاستطلاع، وليس متحجر الفؤاد تستهويه الاختراعات الحديثة فقط، وتتراوح الكتب التي يهتم بها بين «الجمهورية» لأفلاطون، و«الرابطة الإنسانية» لسومرست موم، وحياة الممثل وارين بيتي الجنسية، وكتب الطهي العالمية، وقصص الخيال العلمي، والحمية الصحية وتخفيف الوزن. وأكثر الكتب مبيعا هذه الأيام ألفته الكاتبة جودي بيكو التي وصلت مبيعات كتبها إلى 14 مليون دولار. يصل عدد الكتب الجديدة المنشورة في الولايات المتحدة سنويا إلى 172 ألف كتاب، فهي تحتل المركز الثاني في العالم بعد إنجلترا، وتحاول جريدة «لوس أنجليس تايمز» في غرب البلاد (توزيعها اليومي 616 ألف نسخة مطبوعة في مدينة يصل عدد سكانها إلى 17,7 مليون نسمة) مجارة منافستها في الشرق، وهي «النيويورك تايمز» لترويج الكتاب وتشجيع القراء على اقتنائه، وأكثر الكتب رواجا في مكتبات لوس أنجليس حاليا هو رواية دان براون بعنوان «الملائكة والشياطين»، التي يصفها البعض مازحا بأنها ترجمة اسم مدينة عاصمة السينما، فهل يبدل «زيتون» تلك الصفة أم يثبتها، وهل يتحول الكتاب إلى فيلم سينمائي في العام القادم؟