بنك «غولدمان ساكس» الأميركي ربما يواجه تحقيقات جنائية

مجرد التهديد بتوجيه اتهامات يؤدي إلى انهيار الشركات

تظاهر ألاف من الأميركيين في حي المال والأعمال بنيويورك للمطالبة بسجن لويد بلانكفين رئيس «غولدمان ساكس» (أ.ف.ب)
TT

أحالت لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية تحقيقها بشأن «غولدمان ساكس» إلى وزارة العدل لاحتمال توجيه اتهامات جنائية ضد الشركة، بعد أقل من أسبوعين من الدعوى المدنية ضد الشركة بالتحايل في السندات المالية. بحسب ما ذكره مصدر مطلع على القضية، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بمناقشة هذه المسألة علنا. وأشار إلى أن أي تحقيق من قبل وزارة العدل، إذا ما يجري حاليا، سيكون في مرحلة أولية، فلم يتم استجواب أي من موظفي «غولدمان ساكس» الضالعين في المعاملات المالية المرتبطة بالرهن العقاري موضع تركيز لجنة الأوراق المالية والبورصات في هذه القضية من قبل المدعين العامين التابعين لوزارة العدل أو وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يجرون تحقيقات في كثير من الأحيان باسم المدعين العامين.

ومعروف أن وزارة العدل عادة ما تقوم بالتحقيق في القضايا الكبرى في التلاعب في السندات المالية، لكن توجيه اتهامات جنائية أعلى من القضايا المدنية، حيث تكون قضايا لجنة الأوراق المالية والبورصات قضايا مدنية.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» وشبكة «بلومبيرغ» التلفزيونية ليلة الخميس أن مكتب وزير العدل الأميركي في مانهاتن تابع الطلب وفتح تحقيقا جنائيا في القضية. لكن المكتب رفض التعليق على الأنباء.

وقال لوكاس فان براغ، المتحدث باسم «غولدمان ساكس»: «بالنظر إلى التركيز الأخير على الشركة، لا نندهش من التقارير بفتح تحقيق. وسوف نتعاون بشكل كامل مع طلب المعلومات».

وعلى الرغم من أن لجنة الأوراق المالية والبورصات عادة ما ترسل قضاياها إلى وزارة العدل من أجل تحقيقات جنائية، فإن المخاطر عالية لأن قضية «غولدمان» تتضمن واحدة من أكبر شركات وول ستريت التي تمكنت من النجاة من الأزمة المالية العالمية محققة أرباحا لكنها تواجه الآن اتهامات بتضليل عملائها.

وتجدر الإشارة إلى أنه من النادر أن توجه الحكومة الأميركية اتهامات إلى إحدى الشركات، فحتى مجرد التهديد بالاتهامات الجنائية يمكن أن يؤدي إلى دمار الشركة، فقد أدى التحقيق الجنائي إلى دمار شركة «ديركسيل بورنهام لامبرت» في الثمانينات على الرغم من تسوية الشركة وضعها مع الحكومة.

وعلى الرغم من نقض المحكمة العليا الاتهامات الموجهة ضد شركة «آرثر أندرسن للمحاسبة» فإن الشركة انهارت في أعقاب الاتهامات الجنائية التي وجهت لها لعلاقتها بالفساد في شركة «إرنون» عام 2002.

وقال القضاة إن المحاكم الجزئية منحت المحلفين خطوطا إرشادية واسعة النطاق لم تمكنهم من اتخاذ قرار بشأن إدانة الشركة. وقال المحامون في ذلك الوقت إن القرار سيصعب على المدعين العامين إقامة قضايا جنائية ضد الشركات.

وتقول لجنة الأوراق المالية والبورصة إن «غولدمان» والموظف فابريس توري انتهكا القانون وارتكبا الاحتيال عندما باعا لعملاء المصرف استثمارات معقدة ترتبط بقيمة قروض المنزل التي تم التخطيط مسبقا بأن تهبط. وقد ساعدت شركة «بولسون وشركاه»، وهي صندوق تحوط، «غولدمان ساكس» في إنشاء هذا النوع من الاستثمار والتخطيط للرهان ضده. وقالت اللجنة إن العلاقة لم يتم الكشف عنها لعملاء المصرف و«إيه سي إيه فينانشيال غوارنتي» ومصرف إي كي بي الألماني. وقد أنكر توري ارتكابه أي مخالفة، قائلا إن مصرفي إيه سي إيه وإي كي بي كانا مستثمرين ذوي خبرة وإن الكشف عن دور «بولسون» لم يكن بالأمر الضروري.

ربما يكون إثبات التهم الجنائية أمرا بالغ الصعوبة إذ يتعين على المدعين العامين إثبات، بما لا يدع مجالا للشك، أن «غولدمان ساكس» وموظفيه ارتكبوا جريمة التحايل مقارنة ببدايتها كقضية مدنية وهو ما يتطلب وفرة في الأدلة.

وبموجب القانون المدني، لا يتوجب على لجنة الأوراق المالية والبورصات إثبات نية «غولدمان» إلى التحايل على المستثمرين. لكن القانون الجنائي يتطلب من المدعين العامين البرهنة على نوايا «غولدمان» بخداع مستثمريه.

ومنذ أن أقامت اللجنة القضية هذا الشهر، ناقش محامو السندات المالية مزايا قضية الوكالة. واتفق غالبيتهم على أنها تمثل نظرية قضائية طموحة، قائلين إن إثبات دور «بولسون» بالأمر سيكون صعبا للغاية لأن الشركات المالية المتورطة في الأمر ضخمة وتشترك في مراهنات تخيلية.

وتقول شركة «غولدمان» إن مصرف إيه سي إيه كان على اطلاع بدور «بولسون» وأن الشركة كتبت خطابا إلى المستثمرين تؤكد فيه بقوة على ذلك.

وقد عانت وزارة العدل من بعض الفشل هذا العام عندما سقطت القضية ضد مديري صندوق التحوط بير ستيرنز، حيث رفضت هيئة المحلفين الاتهامات بالتحايل ضد مديري صندوق التحوط الذين يديرون التمويلات الخاصة بالرهون العقارية مرتفعة المخاطر بعد تقديم أدلة على أنهم كانوا يعلمون بشأن المخاطر لكنهم لم يكشفوا عنها للمستثمرين. ولا تزال لجنة الأوراق المالية والبورصات تتابع قضية بير ستيرنز.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»