«السلاح خارج المخيمات».. موروث من زمن «فتح لاند»

القواعد العسكرية الفلسطينية «أنفاق أخطبوطية» في الجبال تحمي الخاصرة السورية

TT

يؤكد مسؤول فلسطيني من «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف الناري المشتعل اليوم بين الحكومة اللبنانية والقيادة العامة حول ما يسمى «السلاح الفلسطيني خارج المخيمات»، هو سياسي بامتياز وليس أمنيا على الإطلاق، على عكس ما يمكن أن يتصور البعض. ويضيف: «الاتهامات والاتهامات المضادة، والتراشق الإعلامي، لا معنى له، هذه قضية لا تحل إلا بالاتفاق بين الدولة اللبنانية والدولة السورية، وكل ما تبقى هو مضيعة للوقت». ويشرح المسؤول الفلسطيني: «حين نتحدث عن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، فهذا يعني أننا نتكلم عن مجموعة من القواعد العسكرية، الموجودة في مناطق بعيدة عن السكان، أو هي أنشئت على الأراضي اللبنانية في بداية ومنتصف السبعينات، في منأى عن مكان وجود الأهالي، ثم حدث أن اقترب العمران من بعضها، وبقي بعضها الآخر بعيدا ونائيا».

ويستغرب المسؤول الفلسطيني «من صمت اللبنانيين عن هذه القواعد، عندما خرج الجيش السوري من لبنان في 26 أبريل (نيسان) 2005 وكانت الفرصة سانحة للتخلص منها. لكن اللبنانيين حينها ميزوا بينها وبين المواقع العسكرية السورية، وتأخرت المطالبة بإخلاء القواعد ما يقارب عاما كاملا، وفجأة بدا وكأن اللبنانيين تذكروا وجودها».

ورغم أن مسؤول القيادة العامة في لبنان أبو عماد رامز لا يعتبر هذه القواعد سرية، فإنه يرفض أن يفصح لنا عن تفاصيل محتوياتها، أو يقدم لنا توصيفا لها. أحد أهم هذه المخيمات التي تخضع للقيادة العامة، هو الناعمة، وأهميته تكمن في أنه الوحيد الذي يقع في العمق اللبناني قريبا من المطار الدولي، على خط الطريق الذي يربط بين بيروت والجنوب. كوسايا ولوسي قاعدتان أخريان تابعتان للقيادة العامة، عبارة عن أنفاق خفية ومتشعبة في الجبال. والقاعدتان تتألف كل منهما من مجموعة من المواقع، التي لا بد يربط بينها دهاليز. قاعدة كوسايا في البقاع أو القطاع الشرقي، وهي قريبة من السلسلة الجبلية التي تفصل بين الأراضي السورية والأراضي اللبنانية، بينما تقع قاعدة لوسي في القطاع الغربي. وهاتان القاعدتان، كما هو حال الناعمة، تتمتعان بتحصينات مهمة يصعب اختراقها. ويستبعد من يعرفهما أن يكون ثمة أنفاق تربط بين هاتين القاعدتين بسبب البعد الجغرافي الذي يفصلهما. ولم توفر إسرائيل هذه القواعد الفلسطينية أثناء حرب 2006، وهي تعرف جيدا أماكنها، لكنها لم تتمكن أبدا من تدميرها، خلال حروبها المتتابعة.

أما مخيم حلوة، فله وضعية مختلفة، إذ إنه الوحيد الذي يتموضع أفراده فوق الأرض، وهو، جغرافيا، أقرب هذه القواعد جميعا إلى سورية، لكنه مقام على أراض لبنانية، كما أنه الوحيد الذي يخضع لإمرة فتح الانتفاضة. ويقول أحد مقاتلي فتح الانتفاضة حين نسأله عن إمكانية تهريب سلاح من سورية إلى لبنان عبر هذا المخيم: «هذه القاعدة مقامة على أرض لبنانية لا تداخل بينها وبين الأراضي السورية، كما أن مرور السلاح أمام أعين المقاتلين الفلسطينيين ليس بالأمر الذي يمكن أن يقبل به حزب الله».

إذن لماذا الجدل القائم حول هذه القواعد، وتمسك سورية بها؟ يقول المسؤول الفلسطيني من القيادة العامة الذي رفض الكشف عن اسمه: «نحن أمام موروث قديم، تتم الاستفادة منه سياسيا. أما لو تحدثنا استراتيجيا فيمكن أن تشكل قواعد البقاع الثلاث خاصرة تحمي الخلف السوري». ويستطرد المسؤول الفلسطيني: «لكن يجب أن لا نبالغ في الكلام عن مدى فعالية هذه القواعد، فالسلاح الفلسطيني الموجود اليوم بين أيدي المقاتلين، لم يجدد بشكل جدي، ولم يتم تحديثه منذ عام 1982 ويمكن نعته بأنه سلاح متقاعد، وهو لا يقاس بما يمكن أن يوجد عند حزب الله على سبيل المثال». وإذ ينفي المسؤول الفلسطيني إمكانية وجود أنفاق تصل القواعد الموجودة في البقاع بالأراضي السورية، يمكن مرور المقاتلين أو المهربين عبرها، بسبب بعد المسافة الجغرافية، وصعوبة حفر أنفاق بهذا الطول، فإنه يؤكد أن مرور المهربين عبر هذه المخيمات شبه مستحيل إذ إنها حكر على المقاتلين الذين يحملون تصريحا يخولهم دخول الأراضي اللبنانية.