باكستان تدرس خطط الهجوم على مخابئ المسلحين في وزيرستان

الملاذ الأكثر أهمية والوحيد لعناصر «القاعدة» وطالبان

باكستانيون يعملون في الشريط الحدودي بالقرب من معبر شامان ينتظرون صاحب العمل لدفع أجورهم اليومية قبل ساعات قليلة من الاحتفال بيوم عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو في كل عام، حيث من المقرر تنظيم ورشات عمل للتعرف على مشكلات العمال الباكستانيين. (إ.ب.أ)
TT

يدرس الجيش الباكستاني، الذي طالما كان مترددا في الاستجابة للمطلب الأميركي بالهجوم على الجماعات المسلحة الباكستانية في معقلهم الرئيسي في وزيرستان الشمالية، في الوقت الراهن الفكرة التي تفيد بأنه يجب عليه القيام بهذا الهجوم، لأجل مصلحته الخاصة. كان المسؤولون الغربيون يعتقدون لفترة طويلة أن وزيرستان الشمالية هي الملاذ الأكثر أهمية والوحيد للمسلحين المنتمين لتنظيم القاعدة وحركة طالبان، الذين يحاربون القوات الأميركية والقوات التابعة لحلف الناتو في أفغانستان. احتضنت باكستان الجماعات المسلحة في المنطقة لعدة أعوام بهدف ممارسة النفوذ خارج حدودها.

ويمثل هذا التحول في أسلوب التفكير، الذي تم وصفه في مقابلات أخيرة مع دبلوماسيين غربيين ومسؤولين أمنيين باكستانيين، تغيرا مهما بالنسبة للجيش الباكستاني، الذي تحرك ضد مقاتلي طالبان، الذين يهاجمون الدولة الباكستانية، لكنه ترك المسلحين الذين يقاتلون في أفغانستان.

وقال مسؤولون باكستانيون وغربيون إنه أصبح من الصعب المحافظة على هذا التميز، حيث إن المنطقة أصبحت ملاذا للجماعات المسلحة الخطيرة التي وحدت صفوفها للوصول إلى مزيد من العمق داخل باكستان.

وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين: «إنها ظاهرة مخيفة. بدأت هذه الجماعات في الاتحاد معا».

وهناك توافق في الآراء على خلفية العلاقات المحسنة بين الولايات المتحدة وباكستان. حيث بدأت جهود إدارة أوباما مع باكستان تؤتي ثمارها، حسبما قال المسؤولون، في حين بدأت جيوش الدولتين في التعاون عن كثب، خاصة منذ أن عززت باكستان من جهودها العسكرية، وفقا لتقرير قدمه البنتاغون إلى الكونغرس الأسبوع الحالي.

ومع ذلك، لن يقوم الجيش الباكستاني بأي عمليات في وزيرستان الشمالية قبل شهور، حسبما ذكر مسؤولون باكستانيون وغربيون. وحتى إذا تم القيام بأي عملية، فإن هذه العملية قد لا تقطع العلاقات بين باكستان والمسلحين أمثال سراج الدين حقاني، الذين يخدمون مصالحها في أفغانستان، بصورة تامة.

ولفترة طويلة كانت هذه المنطقة ملاذا آمنا لحقاني، الذي يعد أحد مصادر القوة المهمة بالنسبة للجيش الباكستاني والمخابرات ويعد أيضا أحد الأشخاص الأكثر خطرا في التمرد ضد القوات الأميركية.

ومع ذلك، في الشهور الأخيرة، أصبحت المنطقة أيضا ملاذا لحكيم الله محسود، العدو رقم واحد بالنسبة لباكستان، الذي يعتقد الآن أنه نجا من إحدى الهجمات التي قامت بها الطائرات الأميركية من دون طيار في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وفقا لمصادر دبلوماسية غربية ومسؤولين في المخابرات الباكستانية.

ونجا محسود هو وأنصاره من عملية قام بها الجيش الباكستاني في وزيرستان الجنوبية، التي بدأت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وعلى الرغم من أن الجيش الباكستاني قال إن هذه العملية انتهت الشهر الماضي، فإن الجنود لا يزالون يلقون حتفهم بأعداد كبيرة، في الوقت الذي يهاجمهم محسود وقواته من قاعدتهم الجديدة. وفي الأسابيع الأخيرة، لقي ما لا يقل عن 19 جنديا مصرعهم في المناطق التي ادعى الجيش فيها تحقيق النصر.

ومما زاد الأمر سوءا أن الأسر التي غادرت المنطقة أثناء العملية ما زالت مترددة في العودة إلى ديارها، حيث قالوا إنهم يخشون انتقام القادة الذين لا يزالون طلقاء. وقال دبلوماسي غربي في إسلام آباد: «إنهم يعرفون أن الكثير من هؤلاء الشباب هربوا إلى وزيرستان الشمالية. هذا أمر واضح للغاية، وعاجلا أم آجلا سيكون عليهم الذهاب إلى هناك».

وفي مقابلة أخرى، وافق أحد كبار المسؤولين الباكستانيين على ذلك. وقال هذا المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه ليس مخولا للحديث علنا: «إن أصل المشكلة هو وزيرستان الشمالية، ويجب معالجتها». وكلفت العمليات العسكرية باكستان مقتل نحو 2700 جندي منذ عام 2001، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد الإجمالي للأميركيين الذين قتلوا في أفغانستان أثناء نفس الفترة.

وقد مزق القتال والهجمات المكثفة التي قامت بها الطائرات الأميركية من دون طيار في المنطقة القبلية الغربية، صفوف الجماعات المسلحة، التي تتكون الآن من مزيج خطير من أعضاء قبائل البشتون والعرب والأوزبك والبنجابيين العرقيين، الذين يشتهرون بوحشيتهم ضد الشيعة وعلاقاتهم الوثيقة بتنظيم القاعدة.

وهذا الانقسام عميق للغاية لدرجة أن أحد المسؤولين بالحكومة الباكستانية في المنطقة القبلية قال إن طالبان باكستان تتألف الآن من وحدات كثيرة تعمل بصورة مستقلة، وأن هذه الجماعات «لا تأخذ بالضرورة الأوامر من حكيم الله محسود». بيد أن العمليات التي يقوم بها المسلحون أصبحت أكثر تدفقا. وقال الدبلوماسي: «جميع هذه الجماعات تساعد بعضها البعض وتبيع الخدمات لمن يدفع أكثر». ويقر مسؤولون باكستانيون بأن الطبيعة المتطورة للمسلحين جعلتهم أكثر خطرا، وجعلت ضرورة ملاحقتهم في وزيرستان الشمالية لا مفر منها. وقال أحد المسؤولين عن إنفاذ القانون في باكستان: «علاقتهم مع طالبان البنجابية منحتهم تواصلا أكبر». بيد أنه في الوقت الذي يوجد فيه توافق في الآراء على أن وزيرستان الشمالية أصبحت الآن مصدر المشكلة، هناك نقاش متواصل داخل الجيش حول توقيت وكيفية معالجتها. يقول الجيش الباكستاني بصورة علنية إنه يحارب بالفعل على عدة جبهات، وأنه ليس لديه الموارد للاتجاه إلى وزيرستان الشمالية لعدة شهور على الأقل. ويقول مسؤولون غربيون إنهم يعتقدون أن الجيش الباكستاني يفعل ما بوسعه في ظل الأوضاع الراهنة.

* شارك في هذا التقرير سابرينا تافرنيس وكارلوتا غال من إسلام آباد وإسماعيل خان من بيشاور (باكستان)، وبير زبير من إسلام آباد.

* خدمة «نيويورك تايمز»