بعد حظر التدخين.. الكتاب يأخذ مكان السيجارة في مقاهي دمشق

موقع إلكتروني سوري يزود 20 مقهى بمكتبات تحمل اسمه

تنوي «سيريا نيوز» التوسع بمشروعها نحو عدة سلاسل لمطاعم ومقاهٍ معروفة في دمشق من خلال الاتفاق مع «إن هاوس» و«جيميني كوستا» و«فيرست كاب» («الشرق الأوسط»)
TT

لم تكن سوى مصادفة لكنها فكرة مميزة لا شك في فائدتها، وهي تزامن تنفيذ قرار منع التدخين في سورية، مع قيام موقع «سيريا نيوز» الإخباري بإهداء مكتبات إلى سلسلة من المقاهي الشبابية في دمشق للتشجيع على القراءة.

فهل يحل الكتاب مكان السيجارة والأركيلة لتبديد وقت الانتظار أو هل يتمكن من اقتحام ثرثرة المقاهي بموضوعات معرفية وثقافية؟

رئيس تحرير «سيريا نيوز» نضال معلوف قال لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء مكتبات في المقاهي تزامن مع تطبيق قرار منع التدخين بالمصادفة، لكنها «مصادفة جيدة» وعبر عن أمله أن تستبدل عادة التدخين «السيئة» بعادة القراءة «الجيدة».

«سيريا نيوز» الموقع الإلكتروني الإخباري الذي حقق حضورا واسعا بين مستخدمي الإنترنت السوريين في الداخل والخارج، فكر بنقل تجربته في التواصل من العالم الافتراضي (الإنترنت) إلى الأرض، من خلال إنشاء مكتبات في بعض الأماكن العامة التي يرتادها الشباب كخطوة نحو تعميم «ثقافة القراءة» وكانت البداية مع سلسلة مطاعم «إن هاوس» التي تستقطب الشباب الجامعي بالدرجة الأولى نتيجة لطبيعة أجوائها المنزلية التي تتيح بشكل ما المكوث ساعات طويلة للدراسة. وهذا أحد الأسباب التي دفعت «سيريا نيوز» لاختيار هذه السلسلة من المقاهي لانطلاق مشروعها في تشجيع القراءة.

ويقول نضال معلوف إن «ابتعاد جيل الشباب عن الكتاب دفعنا للذهاب إليهم في أماكن تواجدهم لنخبرهم بأن الكتاب موجود بالقرب منكم وذلك بعدما لمسنا من خلال عملنا واتصالنا مع الهم العام بشكل مباشر أن أكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمع سببها قلة الوعي» وبرأي معلوف «أن هذا الوعي لا يتشكل إلا عن طريق القراءة واكتساب المعرفة» وتابع أن «الغاية من هذا المشروع بقاء الكتاب ضمن وسائل المعرفة إلى جانب التلفزيون والإنترنت والصحف».

ولم ينف نضال معلوف الغايات الترويجية لمشروعه، حيث يتم تخصيص ركن في المقهى لمكتبة تحمل لوغو «سيريا نيوز» وتعرف المكتبة باسم الموقع ويقول «لا ننكر الهدف الترويجي للموقع، فإنشاء مكتبات في عشرات المقاهي أمر مكلف ماديا ومن أدنى الحقوق المعنوية أن تحمل المكتبة اسم (سيريا نيوز)، خاصة أنه لا يوجد تجربة سابقة مماثلة لهذا المشروع، وإن وجدت المكتبة في مقهى ما فإنها من مكملات الديكور ليس إلا».

وحول نوعية الكتب المختارة أضاف معلوف «تم اختيار كتب تلبي احتياجات القارئ العادي التي تعرفه بالتاريخ السوري المعاصر وشخصياته وبأعمال الأدباء والكتاب السوريين المعروفين، بالإضافة إلى الأعلام العالميين من فلاسفة ومخترعين.. إلخ».

وتنوي «سيريا نيوز» التوسع بمشروعها نحو عدة سلاسل لمطاعم ومقاهٍ معروفة في دمشق وجرى الاتفاق مع «إن هاوس» و«جيميني كوستا» و«فيرست كاب». وردا على الانتقادات بأن تلك السلاسل من المقاهي يرتادها أبناء الطبقة الميسورة ولا يستفيد منها أبناء الطبقة الفقيرة قال معلوف «ممكن أن يكون هناك اعتراض على نوع السلاسل، لكنها مرتادة من قبل معظم الجامعيين وقد بدأنا بهم ولا يوجد مانع من الامتداد لأي مكان عام يرغب بالتعاون معنا، وكانت رغبتنا بهذه المطاعم كونها سلاسل وتضمن لنا انتشار المكتبة في عدة أفرع منها، لكننا بالنهاية نبحث عن أماكن أخرى ونحن جاهزون للتعاون». كما عبر عن استعداده للتعاون مع دور النشر أو أي شخص لتزويد تلك المكتبات بالإصدارات الحديثة.

وعن مدى فاعلية هذا المشروع في تشجيع عادة القراءة لدى الشباب، أضاف معلوف أنه سيكون هناك بعض الأنشطة الأخرى وذلك عن طريق مسابقات ستقوم بها «سيريا نيوز»، «تتضمن أسئلة ثقافية متنوعة، تحرض على البحث والقراءة في المكتبة الإلكترونية أو المكتبة في المقهى وسنزود المقاهي ببروشورات توضيحية عن المكتبة والمكتبة الإلكترونية لتوضع على الطاولات».

لاقت فكرة إنشاء مكتبة في المقهى استحسانا من مرتاديه، سيما أنها أول مشروع من نوعه يوفر الكتاب إلى جانب الصحف والمجلات للتصفح والمطالعة، والبعض بات يطلب كتبا معينة تناسب اهتمامه. وهناك من رأى أنها فكرة جيدة جدا خاصة بعد أن أقفرت بعض الأماكن بسبب منع التدخين وبات الجو مهيأ للقراءة وقضاء وقت مفيد للعقل، بدل أن يكون وقتا لقتل الفراغ بعادات مضرة بالصحة بحسب تعبير زينة المثابرة على الجلوس في «إن هاوس».

وكانت سورية قد بدأت بتطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة منذ نحو أسبوع، وأجبرت أصحاب المقاهي والمطاعم على تخصيص أماكن مكشوفة للمدخنين، الأمر الذي جعل المدخنين يتكومون في ركن ضيق، فيما المساحة الواسعة المغلقة خالية. حيث بينت إحصاءات رسمية أن «التدخين متفش في سورية بنسبة 60 في المائة بين الرجال و23 في المائة بين النساء بمعدل إنفاق يتجاوز 600 مليون دولار سنويا. وهذا ما يجعل من فكرة استبدال السيجارة بالكتاب تحديا صعبا للغاية هذا إذا كان وجده البعض بالأساس منطقيا.