دراسة: أكثر سكان المدينة المنورة غير راضين عن أوضاع الحدائق العامة

الأمانة تعتمد 300 مليون ريال للحدائق العامة لم يصرف منها إلا 90 مليونا

اعتماد مخصصات مالية للحدائق في ميزانيات الأمانة ولكن دون استفادة كاملة منها («الشرق الأوسط»)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في المجلس البلدي بالمدينة المنورة عن بلوغ إجمالي الميزانية التي اعتمدتها أمانة منطقة المدينة المنورة بشأن الحدائق العامة في المنطقة نحو 300 مليون ريال، يمثل إجمالي ما تم صرفه منها خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة ما يقارب 90 مليون ريال، فيما بقي من تكاليفها نحو 210 ملايين ريال.

ويأتي ذلك في وقت قالت فيه دراسة أعدها المجلس البلدي إن أكثر من 50 في المائة من سكان المدينة المنورة غير راضين عن أوضاع الحدائق العامة.

وأوضح الدكتور صلاح الردادي، رئيس المجلس البلدي في المدينة المنورة، أن تلك الميزانية تشمل كلا من تسوير الحدائق وصيانتها وتشغيلها وشبكات الري بها وممرات المشاة، إلى جانب ملاعب الأحياء.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تبلغ تكلفة كورنيش وادي العقيق 14 مليون ريال، تم صرف 12 مليون ريال منها حتى الآن، فيما تم اعتماد 7 ملايين ريال لصيانة النوافير والشلالات بالحدائق، بلغ عدد المنصرف منها 4 ملايين ريال».

وأشار إلى أن الميزانية المخصصة لمتنزه العاقول وصلت إلى 5 ملايين و300 ألف ريال، غير أنه لم يصرف منها سوى مليوني ريال حتى الآن، عدا عن أربعة ملايين ريال خصصت لصيانة الحدائق العامة وبلغت نسبة المنصرف منها 25 في المائة، إلى جانب 13 مليون ريال رصدت لتسوير الحدائق العامة، تم صرف ما يقارب 75 في المائة منها.

وأضاف «بلغت تكلفة صيانة وتشغيل حديقة الملك فهد نحو 12 مليون ريال، فيما قامت بلدية العقيق بصيانة وتشغيل الحدائق التابعة لها بنحو 15 مليون ريال، و13 مليون ريال لصيانة وتشغيل الحدائق في بلدية العوالي، إلى جانب صيانة وتشغيل حدائق بلدية الحرم بما يقارب 6 ملايين ريال ومثلها لحدائق بلدية أحد، عدا عن رصد 7 ملايين ريال لصيانة وتشغيل الحدائق في بلدية قباء».

وحول إعادة المبالغ التي لم تصرف من الميزانية المعتمدة إلى الدولة، أفاد رئيس المجلس البلدي في المدينة المنورة بأن تلك المبالغ لن تعاد، كونها تدخل ضمن عقود لمشاريع ما زالت في طور الترسية.

إلى ذلك، أظهرت دراسة صادرة عن المجلس البلدي بالمدينة المنورة أن أكثر من 50 في المائة من مجتمع المستفيدين من الخدمات البلدية في المدينة المنورة غير راضين عن وضع ألعاب الأطفال في حدائق أحياء المنطقة العشوائية، إضافة إلى وضع تلك الحدائق في الأحياء العشوائية وتشجيرها.

وخرج المجلس البلدي من تلك الدراسة بتوصيات عدة تتضمن عرض نتائج الدراسة على المعنيين في أمانة المدينة المنورة والبلديات الفرعية بهدف الوصول إلى طرح فكرة إعادة ترتيب الأولويات واهتمام المعنيين بالخدمات البلدية وفق ما ينسجم مع رأي أفراد المجتمع، وذلك من خلال قيام المجلس بتنفيذ ورش عمل في هذا الشأن.

وشدد على ضرورة قيام المسؤولين في أمانة المدينة المنورة والبلديات الفرعية بوضع خطط فنية وإدارية ومالية إجرائية عاجلة خلال عام على الأكثر من تاريخ اعتماد نتائج الدراسة، والتي تدور حول معالجة الوضع الراهن ورفع مستواه إلى درجات متقدمة ترضي مجتمع المستفيدين في الاستفتاء القادم.

وأوصى المجلس بمساعدة أعضائه للإدارات والبلديات الفرعية في وضع خطط علاجية طارئة لإصلاح شأن الخدمات البلدية من خلال عقد الدورات التدريبية الإدارية الخاصة بوضع الخطط الإجرائية للمسؤولين، وذلك بالتعاون مع خبراء في المجال الإداري بالجامعة.

كما طالب باهتمام أعضاء المجلس البلدي بمتابعة آلية وإمكانية تنفيذ الخطط العلاجية المقدمة من الإدارات المعنية في الأمانة والبلديات الفرعية للخدمات البلدية عموما والخدمات ذات مستوى الرضا الضعيف بشكل خاص.

وأعلن المجلس البلدي خلال التوصيات عن قيام لجنة مشكلة من أعضاء المجلس بتقييم سير العمل الإداري والميداني في إصلاح مستوى الخدمات البلدية كافة والمعنية بالإصلاح تحديدا، إلى جانب مناقشة العقبات التي قد تقف أمام تقدم العمل الإصلاحي الذي يهدف إلى رفع مستوى الخدمات البلدية ووضع آلية علاجية تضمن سير العمل في الوقت الحالي وعدم توقفه مستقبلا.

ويبدو أن وجود مرافق ترفيهية بديلة عن الحدائق جعل الكثير من أفراد المجتمع يعتقد أن الانتفاع بالحدائق العامة مقتصر على فئة المجتمع «الفقيرة» فقط، وذلك بحسب ما تراه إحدى الساكنات في المدينة المنورة، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفتقر الحدائق العامة في المدينة المنورة إلى النظافة والاهتمام بما تحويه من مزروعات وألعاب وغيرها، الأمر الذي يجعلنا لا نفكر في التنزه بأي واحدة منها».

وأشارت إلى أن الحدائق العامة تنقصها أمور كثيرة لتكون محط جذب لكل فئات المجتمع، إلا أن غياب الخدمات التي يحتاجها الفرد جعل منها مكانا للفئات الفقيرة فقط - على حد قولها.

بينما يرى محمد الجهني أن الحدائق العامة قد تكون خيارا مناسبا للتنزه، غير أن غياب الرقابة عنها يشكل عائقا أمام الاستفادة منها بشكل مناسب، إلى جانب طبيعة الجو الحار للمنطقة، كونها أماكن مفتوحة وليست مغلقة أو مزودة بمكيفات باردة.

ويقول في حديث لـ الشرق الأوسط»: «في بعض الأحيان أصطحب أبنائي إلى إحدى الحدائق، إلا أن انعدام الصيانة للألعاب الموجودة بها يحول دون استمتاعهم بها، عدا عن خلوها من مستوى النظافة المأمول».

لكنه استدرك قائلا: «ليست البلدية الوحيدة التي تتحمل مسؤولية غياب النظافة، وإنما ينبغي معالجة السلوكيات الخاطئة من بعض فئات المجتمع، كونهم يسيئون استخدام المرافق العامة سواء في المحافظة على نظافتها أو حتى التوقف عن العبث بما في الحدائق من مرافق».

من جهته، كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس عايد البليهشي، مدير إدارة الإعلام في أمانة منطقة المدينة المنورة، عن وجود نحو 62 حديقة قائمة في المدينة المنورة، إلى جانب ما يقارب 16 ملعب أحياء.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تعمل الأمانة على إنشاء الحدائق العامة في نطاق كل بلدية لتغطية احتياجات الأهالي، لا سيما أن الخطة الموضوعة تتمثل في إنشاء حديقة لكل بلدية فرعية سنويا»، على حد قوله.

وأشار إلى أن وكالة الخدمات والإدارة العامة للحدائق والتجميل تعمل على طرح عقود لتنفيذ الحدائق المتضمنة جميع الإنشاءات المتعلقة بذلك من مبان وأسوار وشبكات ري وألعاب ومزروعات، لافتا إلى أنه بعد الانتهاء من التنفيذ تطرح الإدارة عقودا لصيانة الحدائق العامة والمرافق، إضافة إلى صيانة وري المزروعات للمحافظة على ما تم إنشاؤه، وهو ما يتم حاليا على أرض الواقع - بحسب قوله.

وأفاد بأن مساحة المسطحات الخضراء المزروعة في المدينة المنورة تبلغ نحو 464 مليونا و852 ألفا و59 مترا مربعا، مؤكدا على الانتهاء من معظم الأراضي المخصصة للحدائق في الأحياء السكنية ضمن تخطيطها، مع مراعاة حجم الكثافة السكانية والخدماتية في المخططات.

وفي ما يتعلق بخطة أمانة المدينة المنورة المقبلة في زيادة تطوير الحدائق، أبان المهندس عايد البليهشي أنه جار العمل على إنشاء حديقة لكل بلدية سنويا، وذلك بمعدل ست حدائق في كل عام. وزاد «تراعي الأمانة في تطوير الحدائق القائمة كل ما هو جديد بشأن وسائل الترفيه المتلائم مع الطابع الاجتماعي والديني، إلى جانب وسائل السلامة الآمنة لألعاب الأطفال وتطبيقها في الحدائق الجديدة والقائمة على حد سواء».

وعلى عكس ما تنص عليه الأنظمة في كل المرافق العامة والمتضمنة «للعائلات فقط»، جاءت حديقة أمين مجني الواقعة على تقاطع طريقي خالد بن الوليد وأبو بكر الصديق في المدينة المنورة بمساحة تبلغ نحو 4 آلاف و20 مترا مربعا.

فكرة تلك الحديقة التي فتحت أبوابها «مجانا» للشباب بدأت بإعادة تأهيل إحدى الحدائق القائمة في الطبيعة، وذلك عن طريق طرحها للاستثمار من خلال أحد المستثمرين على أن يستغل مساحة لا تتجاوز 10 في المائة منها كموقع لتحضير القهوة «كوفي شوب».

وقال المهندس عايد البليهشي «يكون ذلك مقابل إعادة تأهيل كامل مساحة الحديقة وفتحها مجانا للشباب وتوفير شاشات لعرض القنوات الرياضية، عدا عن خدمات الإنترنت اللاسلكي من دون رسوم وصيانة المزروعات»، لافتا إلى أنه تم توفير حراسات أمنية للحديقة كاملة إلى جانب إيجار سنوي لمن يرغب في ذلك.

ولأن معظم الحدائق العامة تحوي ألعابا مختلفة للأطفال، كان لزاما على الجهات المعنية الاهتمام بمراقبتها وتقييمها بشكل دوري، وذلك بهدف التأكد من موافقتها لاشتراطات السلامة المتعارف عليها.

العقيد منصور الجهني، الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بالمدينة المنورة، أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أبرز المخالفات التي وجدت في ألعاب الأطفال بالحدائق العامة تتضمن إهمال تطبيق وسائل السلامة وعدم صيانة الألعاب من قبل شركات مختصة في هذا المجال.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «من مخالفات السلامة التي تمت ملاحظتها في ألعاب الأطفال بالحدائق العامة وضع عوائق على مخارج الطوارئ، ووجود بعض الأسلاك المكشوفة خاصة بجانب الألعاب، إلى جانب استخدام القواطع الخشبية وعدم وضع حواجز حول الألعاب المتحركة أو أحزمة أمان لها».

وفي ما يتعلق بالعقوبات المترتبة على تلك المخالفات لفت إلى أنها يتم ضبطها عن طريق محضر الضبط، ومن ثم إحالتها إلى لجنة النظر في المخالفات لاتخاذ اللازم، إلى جانب إغلاق الجزء الخطر أو الحديقة بالكامل إذا ما كانت هناك مخالفة خطيرة لحلين إزالة الخطر أو إصلاحها، مبينا أنه يتم إعطاء مهلة زمنية مع مراعاة مراقبتها أثناء هذه المهلة.

وأضاف «تخضع جميع الألعاب للمراقبة المستمرة بصفة دورية من خلال المتابعة الميدانية والمستمرة من قبل ضباط ومفتشي السلامة التابعين للدفاع المدني، إضافة إلى تسجيل جميع الملاحظات على أي لعبة مخالفة لاشتراطات السلامة إن وجدت وضبطها ومن ثم اتخاذ اللازم بهذا الشأن».

وشدد الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بمنطقة المدينة المنورة على ضرورة الفصل بين الألعاب الثابتة والمتحركة في الحدائق، وعمل سياج حولها لحماية الموجودين بالخارج وتركيبها، وتثبيتها بصورة فنية سليمة، إلى جانب فحصها بصفة دورية والتأكد من وجود صيانة مستمرة لها.

وزاد «ينبغي عدم إغلاق مخارج الطوارئ خصوصا في منطقة الألعاب، ووضع سياج حول النوافير والبرك المائية بالحدائق حفاظا على سلامة الأطفال، والتأكد من سلامة التمديدات الكهربائية والأجهزة ووضع لوحات تحذيرية حول الألعاب المتحركة»، مشيرا إلى ضرورة توفير متطلبات السلامة المتنوعة ووجود سيارة إسعاف في مثل تلك الأماكن.