تل أبيب ترحب باستئناف المفاوضات بعد التوصل إلى «صيغة جديدة للبناء» في القدس

مصادر: ميتشل يصل إلى المنطقة في غضون يومين لمواصلة محادثات غير مباشرة

TT

رحبت الحكومة الإسرائيلية، أمس، بإعلان وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في الأسبوع المقبل.

وقالت الحكومة أن هذه الخطوة جاءت في أعقاب التطورات الجديدة في الموقف الأميركي والتي أدت إلى التوصل إلى صيغة جديدة لموضوع البناء (الاستيطاني) في القدس الشرقية تتيح للإسرائيليين والفلسطينيين التعايش معها. ومع أن الناطق الإسرائيلي الرسمي لم يفصل هذه الصيغة، فقد ذكرت مصادر غير رسمية أن البناء في القدس سيجمد فعليا طيلة الشهور الأربعة المقبلة ولكن ليس بشكل رسمي أو علني. بل إن المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، السناتور جورج ميتشل، وافق على أن يتواصل البناء في بعض الأحياء اليهودية وأن يعلن عن مشروع أو اثنين صغيرين للبناء في أحياء القدس، حتى لا يظهر أن نتنياهو رضخ للضغوط الأميركية الفلسطينية في وقف الاستيطان في القدس.

وفي الوقت نفسه، مارس ميتشل الضغوط على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كي يقبل بهذه الصيغة، قائلا: «عمليا هناك تجميد. وأنت قلت إنك مستعد لاستئناف المفاوضات، حتى لو كان التجميد بقرار سري غير معلن».

وأضافت تلك المصادر أن الاتفاق على استئناف المفاوضات يشتمل على تلبية عدة مطالب أميركية من الطرفين، أبرزها المطالب الموجهة إلى الطرف الإسرائيلي، وهي: إلغاء مشروع بناء 1600 وحدة سكن في حي شعفاط في القدس الشرقية المحتلة (وافق نتنياهو على تأجيل البحث فيه لمدة سنتين ولم يوافق على إلغائه تماما)، تخفيف الحصار عن قطاع غزة، إطلاق سراح دفعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين (الفلسطينيون طلبوا 2000 أسير ونتنياهو وافق على نحو 1000)، إعادة فتح مقرات لمؤسسات مدنية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية مثل بيت الشرق والغرفة التجارية وغيرهما (نتنياهو وافق بشرط أن يتم ذلك بالتدريج)، تمديد فترة التجميد الجزئي للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية بعد انتهائها في سبتمبر (أيلول) المقبلة، إعادة الجيش الإسرائيلي إلى المواقع السابقة التي رابط فيها قبل الانتفاضة وجعلها تحت سيطرة فلسطينية كاملة، إزالة المزيد من الحواجز العسكرية، التوقف عن وضع العقبات في سبيل مشروع بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية الذي ينفذه رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ومشروع بناء مدينة «الروابي» قرب رام الله.

وفي إطار الاتفاق مع ميتشل، سينفذ نتنياهو التزاماته هذه بالتدريج وليس دفعة واحدة وسيباشر ذلك، فقط بعد استئناف المفاوضات، حتى تظهر كبادرة للنيات الطيبة وليس كإملاءات أميركية. ويستدل على ذلك من تصريح لناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية، نشرته صحيفة «هآرتس» في موقعها الإلكتروني، أمس، حيث قال إن إعلان كلينتون عن استئناف المفاوضات يؤكد أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صدق في تصريحه الخميس الماضي. وقال إن الأميركيين رضخوا أخيرا ووافقوا على استئناف المفاوضات من دون تجميد البناء الاستيطاني في القدس. وفهموا رسالة نتنياهو بأن هناك خطوطا حمراء لا تقبل حكومته التنازل عنها. وأضاف: نحن من جهتنا بذلنا كل جهد ممكن لتسوية الأزمة، والكرة الآن في الملعب الفلسطيني.

وأكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية، أمس، أن ميتشل سيصل إلى المنطقة في غضون يومين لمواصلة المحادثات. وأن الاتصالات التي سيجريها مع الطرفين ستكون عمليا مفاوضات غير مباشرة. وذكر الإسرائيليون أن ميتشل وعدهم بالتحول إلى مفاوضات مباشرة في أقرب وقت ممكن، مؤكدا أنه في حال التقدم وانتشار أجواء إيجابية في المفاوضات غير المباشرة، سيتاح الإعلان عن مفاوضات مباشرة تتم ليس على مستوى الوفود التفاوضية، بل على مستوى وزراء ورؤساء أيضا.

ويتوقع الإسرائيليون أن استئناف المفاوضات، سيعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها وسيسقط الكثير من التهديدات والتلميحات الأميركية التي أسمعت في الأشهر الأخيرة، مثل التهديد بالتوقف عن استخدام الفيتو على قرارات لمجلس الأمن ضد إسرائيل. ولفتوا النظر، في هذا الإطار، إلى تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض، تومي فيتور، أمس، «السياسة المتعلقة بإسرائيل والأمم المتحدة واضحة ولن تتغير، وسنستمر في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».

وكانت تقارير صحافية تناقلت أول من أمس أنباء تشير من خلالها إلى أن باراك أوباما تعهد للرئيس عباس بأن واشنطن لن تستخدم «فيتو» في مجلس الأمن، لتعطيل أي قرار يدين مواصلة إسرائيل لسياستها الاستيطانية، في محاولة من الإدارة الأميركية ترمي لتشجيع الفلسطينيين على العودة لطاولة المفاوضات مع إسرائيل. وأشارت التقارير ذاتها إلى أن هذه الضمانات التي تعهد بها أوباما نقلت لعباس بشكل شفهي، خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي بينه وأحد كبار الدبلوماسيين الأميركيين، مضيفة أن الإسرائيليين والفلسطينيين على وشك العودة لمفاوضات غير مباشرة.