مصر تودع فتاها الضاحك.. محمود السعدني

تقدم جنازته رجالات الدولة وحشد من الفنانين والصحافيين والإعلاميين

الفنان صلاح السعدني يتلقى التعازي في وفاة شقيقه الأكبر الكاتب محمود السعدني (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

بعيون امتلأت بالأسى والحزن ودّعت مصر فتاها الضاحك الكاتب الصحافي محمود السعدني. وشيع المئات من الفنانين والصحافيين والكتاب المصريين جثمان الفقيد، أحد أبرز أقطاب الكتابة الساخرة في مصر الذي وافته المنية، أول من أمس، عن عمر يناهز 82 عاما، وبعد صراع مع المرض داهمه في السنوات الأخيرة.

خرجت جنازة الفقيد بعد الصلاة عليه ظهر أمس من مسجد الحامدية الشاذلية في منطقة المهندسين بمحافظة الجيزة، مسقط رأس السعدني، ووري جثمانه بمدافن الأسرة في المحافظة نفسها.

شارك في تشييع الكاتب الراحل كوكبة من رجالات الدولة تقدمهم رئيس مجلس الشورى الأمين العام للحزب الوطني الحاكم صفوت الشريف، والدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، والدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام في الحزب الوطني، والمهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق، والدكتور أحمد جويلي أمين مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، والمستشار محمود أبو الليل وزير العدل السابق، والدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب.

وغصت الجنازة بجمع غفير من الفنانين والصحافيين والكتاب، تقدمهم مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، وإبراهيم نافع رئيس اتحاد الصحافيين العرب، وجلال عارف نقيب الصحافيين السابق، وعبد القادر شهيب رئيس مجلس إدارة دار «الهلال»، والكاتب صلاح منتصر، والمهندس إبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين العرب. والكتاب: ضياء رشوان، وفتحي سند، وسعد هجرس، وبلال فضل، والإعلامي محمود سعد. كما شارك في الجنازة أشرف زكي نقيب الممثلين، والسيناريست ممدوح الليثي، والفنانون والمخرجون: محمود عبد العزيز، وإسماعيل عبد الحافظ، وتوفيق عبد الحميد، وحسن كامي، والمنتصر بالله، ونبيل الحلفاوي، وجلال الشرقاوي، وأحمد يحيي. والكابتن محمود الخطيب نائب رئيس النادي الأهلي الرياضي.

وخيمت أجواء الحزن على الفنان صلاح السعدني، الذي كان يعتبر أخاه الراحل بمثابة الأب الروحي له، وعبثا حاول أن يكف عن البكاء طوال فترة الجنازة. بينما أحاط به زملاؤه من الفنانين والأصدقاء محاولين التخفيف من أحزانه.

عاش محمود السعدني حياة حافلة بالنضال والعطاء، سواء في الصحافة، أو في مجال الكتابة الأدبية، واستطاع أن يحفر لنفسه بقلمه وسعة أفقه ومعارفه وشخصيته الدمثة المحبة للخير والحياة، مكانة في تاريخ الكتابة الساخرة في مصر. وفي مجال الصحافة عمل السعدني مع كوكبة من رموزها من بينهم كامل الشناوي، وإحسان عبد القدوس، وبيرم التونسي، وعبد الرحمن الخميسي. وعلى الرغم من تنقله بين صحف ومجلات كثيرة في مصر والعالم العربي وفي أوروبا، ظلت الفترة التي قضاها في العمل بمجلة «روزاليوسف» من أفضل محطاته الصحافية، وحسبما كتب السعدني نفسه: «كان الجو العام في (روزاليوسف) جو إبداع مثالي، فلا توجد صراعات في الدار، وذلك بفضل حنكة وسعة أفق وأمانة القائمين عليها آنذاك».

ولم تنفصل هموم الصحافة والكتابة عن هموم العمل في الحياة السياسية وقضايا الواقع المصري بشكل عام. وقد انخرط السعدني في مجريات هذا الحياة في بواكير حياته العملية، وانضم إلى التنظيم الطليعي أحد أهم تنظيمات الفترة الناصرية، وكلفته مواقفه المنتقدة للسلطة الحاكمة أثمانا باهظة، وصلت إلى السجن والنفي والتشريد والفصل من العمل. فدخل السجن في عهد الرئيس عبد الناصر، ومنع من الكتابة في عهد الرئيس السادات.

أثرى السعدني المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات الأدبية الهامة، من ضمنها مجموعة من المسرحيات وثلاث مجموعات قصصية بشرت به كاتبا مهما في تيار الكتابة القصصية الواقعية الجديدة في فترة الستينيات منها «خوخة السِعدان»، و«قهوة كتكوت». كما ترك أثرا لافتا في أدب الرحلة والسيرة الذاتية وأدب السجون، وله عدد ضخم من الكتب الساخرة ستبقى متوهجة في ذاكرة الكتابة في مصر والعالم العربي منها: «الظرفاء» و«المضحكون» و«مسافر على الرصيف» و«وداعا للطواجن» و«رحلات ابن عطوطة» و«أمريكا يا ويكا» و«مذكرات حمار من الشرق»، وسجل مذكراته بعنوان «الولد الشقي في المنفى» و«مذكرات الولد الشقي».