سور بغداد.. معلق بين إصرار السلطات الأمنية على تنفيذه وتردد المحافظة

مسؤول لـ : المشروع خيالي ويحتاج إلى ميزانية 3 أعوام

TT

تخطط السلطات العراقية لتنفيذ مشروع إقامة سور خراساني يحيط بالعاصمة العراقية لحمايتها ومنع دخول السيارات المفخخة إليها القادمة من مدن ومحافظات مجاورة. وفي الوقت الذي تؤكد فيه قيادة عمليات بغداد، المسؤولة عن حفظ الأمن في العاصمة استمرارها في المشروع للحد من الهجمات، وصف مسؤول في محافظة بغداد المشروع بأنه «خيالي». وسبق لقيادة عمليات بغداد وبعد موجة التفجيرات الدموية التي شهدتها العاصمة مؤخرا، أن قررت المباشرة في إنشاء السور الأمني المحيط بالعاصمة ليفصلها عن المحافظات المجاورة، ويتكون من سياج خراساني وخنادق في المناطق الزراعية، مع فتح 8 مداخل رئيسة للعاصمة عبر 8 نقاط تفتيش نموذجية.

ونفى اللواء قاسم عطا المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد في حديث لـ«الشرق الأوسط» المعلومات التي تحدثت عن إيقاف مشروع سور بغداد لأسباب مالية، مشيرا إلى أن هذا المشروع يحوي كثيرا من المراحل والتفاصيل. وأوضح أن المرحلة الأولى من المشروع تشمل «بناء سيطرات نموذجية، وأن محافظة بغداد قامت بإنجاز ما نسبته 75% من هذه السيطرات. أما المرحلة الثانية، فتشمل إغلاق الطرق الفرعية والميسمية كافة المؤدية للعاصمة، وهذا تم الانتهاء منه بشكل كامل، حيث بلغت نسبة الإنجاز 100%، وجرى الاكتفاء بالطرق السريعة لمرور السيارات من خارج بغداد إلى داخلها».

وأقر اللواء عطا أن المراحل المتبقية، التي تضم نصب كاميرات وحفر خنادق ورفع سور خراساني وأسلاك شائكة وأجهزة اتصال ومراقبة، تحتاج لتخصيصات مالية، غير أنه أكد أن «هذا لا يعني توقف المشروع وأن العمل جار حتى هذه اللحظة، لأنه مشروع أمني مستقبلي».

وعن تكلفة هذا المشروع، قال عطا: «ليس لدي فكرة عن التكلفة الإجمالية لأن مجلس المحافظة أخذ الأمر على عاتقه، وأيضا أمانة بغداد المساهمة في تمويل هذا المشروع، وبانتهائه ستباشر عمليات بغداد رفع الحواجز الخراسانية والسيطرات الداخلية تدريجا، بالإضافة إلى تقليص انتشار العناصر الأمنية داخل العاصمة».

ويدار الملف الأمني في العاصمة العراقية بغداد من قبل قيادة عمليات بغداد التي يرأسها حاليا الفريق أحمد هاشم عودة ويشرف عليها بشكل مباشر مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة فاروق الأعرجي، وتنتشر في العاصمة بغداد أربع فرق من الجيش العراقي هي السادسة والتاسعة والحادية عشرة والسابعة عشرة، كما يوجد فيها عدد من فرق الشرطة الوطنية هي الأولى والثانية والثالثة.

من جانبه، قال عضو مجلس محافظة بغداد ورئيس اللجنة الإدارية الدكتور محمد الربيعي لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة بناء سور حول بغداد راودت ثلاثة شخصيات على مر العصور، الأولى في زمن العباسيين حين أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ببناء المدينة عام 762 ميلادية، وأقام سورا حولها بأربع بوابات، ثم في عصر ما بعد غزو المغول حيث بنيت خنادق وأسوار، ثم بنى العثمانيون سورا من تراب يحيطها لمنع غرقها بفيضانات نهر دجلة الذي غمرها ثلاث مرات في أزمان مختلفة، غير أنه أضاف أن «تطويق مدينة بهذا الحجم لم تشهده أي مدينة في العالم سابقا وهو أمر بعيد عن الواقع ومشروع خيالي».

وأوضح الربيعي أن مجلس المحافظة لم يناقش مع قيادة عمليات بغداد مشروع سور بغداد، وكل ما حدث هو أن «عمليات بغداد» عقدت قبل مدة اجتماعا مع اللجنة الأمنية والإدارية في مجلس المحافظة، وتحدثت «عمليات بغداد» عن استراتيجية أمنية جديدة ستطبق في العاصمة بغداد، وتطرقوا لموضوع رفع الحواجز الخراسانية داخل العاصمة وتقليل العناصر الأمنية والسيطرات أيضا، لكنه لم يتم التطرق لسور بغداد لا من قريب ولا من بعيد.

وأشار المسؤول إلى انعدام التنسيق بين الجهتين، وأشار إلى أن تمويل مشروعات أمنية كهذه يجب أن ينفق عليه من خزينة الحكومة الاتحادية وليس من حكومة بغداد المحلية التي تعنى بالإنفاق على المشروعات الخدمية والتنموية. وكشف الربيعي عن أن «مشروعا كهذا إذا تم تنفيذه فسيشكل خطرا كبيرا من الناحية الإدارية على العاصمة، فبحسب التقسيمات سيشكل خطرا على القصبات والقرى والأرياف المحيطة بالعاصمة، فهي لم تحدد حدودها إداريا بين بغداد، فكيف سيتم اختيار القرى التي ستدخل ضمن السور وكيف سيتم إبعاد أخرى؟».

وبشأن تكلفة المشروع التقريبية، قال الربيعي إنها «أرقام خيالية إذا احتسبنا أن بغداد المحافظة تبلغ مساحتها 4200 كيلومتر مربع، ولو أحطناها بسور فسيبلغ طوله 60 ألف متر طولا، وسعر القطعة الخراسانية الواحدة مع تكاليفها يصل إلى 1000 دولار، وهذا يعني أن المشروع يحتاج لميزانية بغداد لثلاث سنوات متتالية». واقترح الربيعي تنفيذ مشروعات بديلة يمكن أن تساعد في إيجاد حلول للملف الأمني مثل «تفعيل جانب المصالحة وتعزيز الدور الاستخباري وإعادة ثقة المواطن بالأجهزة والاستعانة به في المعلومات»، وأشار إلى أن عمليات تفخيخ السيارات ليست بالضرورة تتم خارج بغداد، مؤكدا أن «عمليات بغداد سبق أن أعلنت عدة مرات أن عمليات التفخيخ تتم داخل مناطق بغداد، فما نفع هذا السور؟».