الأرجنتيني المذهل ميسي.. أشهر «بعوضة» في العالم

مارادونا يرغب في دخول نادي الفائزين بالمونديال لاعبين ومدربين

TT

ليونيل ميسي هو الوريث الحقيقي لمواطنه دييغو مارادونا مدرب الأرجنتين حاليا، لا، بل يعتقد البعض أن جوهرة نادي برشلونة الإسباني ينقصه التتويج بلقب كأس العالم كي يتجاوز مارادونا ويصبح اللاعب الأهم في تاريخ الأرجنتين وربما في تاريخ اللعبة.

تكاثرت الألقاب والصفات والتشبيهات، لكن وصف ميسي بـ«البعوضة» قد يكون الأطرف، لأنه كالبعوضة لا يكل ولا يتعب، ويبقي الكرة ملتصقة بقدمه اليسرى العجيبة، ولا ينفك عن اختراق صفوف المدافعين واجتيازهم بأساليب استعراضية نادرة.

ولد ميسي في روزاريو في 24 يونيو (حزيران) 1987، وشق طريقه مع فريق نيوويلز أولد بويز، إلى أن واجه مشكلة صحية في هرمونات النمو لديه، ما بدل مشاريع عائلته ومسألة احترافه تجاه التكاليف المرتفعة لعلاج طفلها، انتقلت العائلة إلى إسبانيا لعدم تمكن ناديه وحتى فريق ريفربلايت من دفع تكلفة علاجه، وجاء انتقالها من خلال توقيع مدرب برشلونة السابق كارليس ريكساتش على منديل لوالد ليونيل بأن النادي الكاتالوني مستعد لمعالجته مقابل الاحتراف في صفوفه.

استهل مشواره مع الفريق الكاتالوني في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2004 ضد إسبانيول، ومنذ ذلك الوقت بدأت ملاحمه على الملاعب الإسبانية والأوروبية والعالمية.

على صعيد المنتخب، كانت مشاركة ميسي خجولة حتى الآن، ولو أنه لعب دور الاحتياطي في المونديال الأخير حيث سجل هدفا واحدا، كما أنه أحرز لقب بطولة العالم دون 20 عاما عام 2005 والميدالية الذهبية في ألعاب بكين عام 2008، واللافت في بداية مشواره مع المنتخب الأول أنه طرد في الدقيقة 18 من الشوط الثاني وبعد 47 ثانية على دخوله بديلا في مباراة المجر عام 2007 وفي نصف نهائي مسابقة الكأس سجل ميسي في مرمى خيتافي هدفا خرافيا دخل نخبة لمحات كرة القدم على مر التاريخ، وهو يشبه إلى حد بعيد الهدف الذي سجله مارادونا في مرمى إنجلترا ضمن ربع نهائي كأس العالم 1986 في المكسيك.

«مذهل»، «خارق»، «رائع».. إنها الكلمات التي استخدمت من قبل كل من تابع الأداء الذي قدمه الفتى الأرجنتيني الذهبي خلال مباراة فريقه برشلونة الإسباني مع ضيفه آرسنال الإنجليزي في إياب الدور ربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا في الموسم الحالي، ظهر ميسي كلاعب من كوكب آخر يحلق في سمائه الخاصة، فارضا نفسه أفضل لاعب في العالم على الإطلاق بعدما دك الشباك اللندنية برباعية رائعة حمل من خلالها فريقه الكاتالوني إلى دور الأربعة حيث خسر أمام إنتر ميلان الإيطالي.

من الكلمات الأكثر استخداما في معجم برشلونة ومدربه الشاب المميز جوسيب غوارديولا هي «التواضع»، وهذه الصفة تجسد تماما ليو ميسي الذي كسب ود الجماهير والخصوم على حد سواء بفضلها وهو الأمر الذي يميزه عن نجوم آخرين من طراز البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد حاليا ومانشستر يونايتد سابقا.

يقول أسطورة برشلونة السابق والرئيس الفخري للنادي الهولندي الطائر يوهان كرويف عن ميسي: «أنت ترى ميسي وتقول لنفسك إنه يقوم بأمور مستحيلة.. تراه يتحرك، يركض، يراوغ، يسجل فتقول إنه نابغة، يقوم بأصعب الأمور على الإطلاق.. لكن هذا ليس الواقع، الأمر الرائع الذي يميز ميسي هو أنه يقوم بأمور سهلة للغاية أو بالأحرى يقوم بما يبدو لنا صعبا للغاية ببساطة وبرودة».

وواصل الهولندي الطائر «لماذا هو أفضل لاعب في العالم؟ لأنه يملك القدرة على القيام بأمور صعبة دون أن يعاني.. ليو يطوف فوق أرضية الملعب.. في بعض الأحيان تعتقد أنه غائب (عن المباراة)، وبأنه يختبئ، لكنه هناك والمنافسون يعلمون ذلك»، وأردف قائلا «لا أحد في برشا يبذل جهدا أكثر من ليو»، معتبرا أن النجم الأرجنتيني يحافظ على طاقته قبل أن يفاجئ الخصوم وينطلق لمسافة 30 أو 40 مترا ثم يسجل أهدافه.

أما الفرنسي أرسين فينغر مدرب آرسنال الإنجليزي فشبه أداء ميسي بألعاب الكومبيوتر «ميسي يصنع الفارق، وبإمكانه قيادة فريقه إلى الفوز في أي لحظة. إنه كلاعب بلاي ستيشن» إذ يستفيد من كل فرصة.. إنه أفضل لاعب في العالم وبفارق كبير عن باقي اللاعبين»، وأضاف المدرب الشاب «يستحق ليو (ميسي) كل الثناء، إنه مثال رائع لكل اللاعبين الناشئين رغم أنه من شبه المستحيل أن يكرروا مما يقوم به.. أن يتم وصفه بلاعب بلاي ستيشن هو أمر واقعي، لكن لا أعلم في أي مرحلة من اللعبة يمكن تصنيفه».

* مارادونا ومجد آخر..

* وفي الطرف الآخر، يريد مدرب المنتخب الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا أن يدخل النادي المصغر من الأشخاص الذين تمكنوا من إحراز اللقب العالمي لاعبين ومدربين، وهو ما نجح في تحقيقه اثنان فقط هما البرازيلي ماريو زاغالو (1958 لاعبا، و1970 مدربا) والقيصر الألماني فرانتس بكنباور (1974 لاعبا، و1990 مدربا).

وكان مارادونا قاد بمفرده منتخب «ألبي سيليستي» إلى إحراز كأس العالم في المكسيك عام 1986 عندما سجل هدفا تاريخيا بيده في مرمى إنجلترا ودمغ الملاعب المكسيكية بموهبة لا تقارن، فأصبح أسطورة في بلاده وهو يؤمن أنه بإمكانه إعادة الكأس الأغلى إلى الأرجنتين في مونديال جنوب أفريقيا الذي ينطلق الشهر المقبل، خصوصا أنه يملك قائمة من اللاعبين المميزين الذين يعدون من أبرز الأسماء العالمية في الوقت الحالي، أمثال نجم برشلونة الإسباني ليونيل ميسي وهداف أتلتيكو مدريد الإسباني سيرخيو أغويرو، إضافة إلى كارلوس تيفيز والقائد الجديد خافيير ماسشيرانو وغيرهم.

يقول مارادونا (50 عاما): «أولا لدي هدف واحد هو الفوز بكأس العالم. ليس هناك نقطة تجعلني أفكر بالوصول إلى دور الأربعة (كأقصى حد)، إذ في ظل وجود هؤلاء اللاعبين سيكون هذا هدفنا وسأعمل على تحقيقه»، وأضاف «من الرائع العمل مع هؤلاء اللاعبين، وأنا أستمتع بلحظتي.. سأعمل على النواحي التكتيكية وكيف نقارب المباريات، لكن من المهم جدا أنني دخلت قلوب اللاعبين»، وتابع: «أعتقد أنهم بحاجة إلى أحد ليرشدهم وأنا أستطيع فعل هذا الأمر.. أريد أن أجعل اللاعبين يشعرون بالفخر لارتداء قميص الأرجنتين».

ترك مارادونا عالم كرة القدم كلاعب وهو بعمر الـ37، بعد سلسلة طويلة من الفضائح، ليدخل في صراع مرير مع عالم الإدمان والسمنة أوصله إلى حافة الموت نتيجة أزمات قلبية عدة كان أخطرها عام 2004.

بقي مارادونا أربعة أعوام ذهابا وإيابا على خط كوبا - الأرجنتين يحاول التخلص من إدمانه، نظرا للصداقة المتينة التي تربطه بالرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو.

وخضع مارادونا عام 2005 في بوغوتا الكولومبية لجراحة في معدته ساعدته في خسارة 50 كلغ من وزنه الزائد، وعاد مارادونا بعدها إلى الحياة، ونجح في استقطاب أكبر كمية من المشاهدين في البرنامج التلفزيوني الذي قدمه «الليلة الرقم 10» بمساعدة الحارس الدولي السابق سيرخيو غويكوتشيا، ومن الحلقات الملفتة تلك التي استضاف فيها «الملك» البرازيلي بيليه.

لم يستخلص دييغو أي عبرة، عاد للشرب، سمن مجددا وسقط في هاوية جديدة أوصلته إلى المستشفى عام 2007، لكن القدر ودعوات ملايين الأرجنتينيين الذين يعشقون هذا الرمز أعادته إلى شاطئ الحياة مجددا.

ظهر نجم برشلونة الإسباني ونابولي الإيطالي السابق من المدرجات هذه المرة يلاحق منتخب بلاده في القارات المختلفة، ويراقب النجوم الصاعدة من ليونيل ميسي إلى أغويرو «الصهر» المنتظر. وبعدما رمى المدرب ألفيو باسيلي أوراقه على رأس الـ«البي سيليستي»، لعب رئيس الاتحاد الأرجنتيني خوليو غروندونا الورقة المنتظرة، دييغو مارادونا مديرا فنيا بمعاونة سيرخيو تروليو في حين استلم المدرب السابق في انتصار 1986 كارلوس بيلاردو مهمة مدير المنتخب، وذلك قبل يومين من عيد ميلاد مارادونا الثامن والأربعين.

لم تكن مسيرة مارادونا المدرب مشجعة أبدا فهي اقتصرت على بضعة أشهر مع ناديي مانديوو كورينتيس وراسينغ كلوب الأرجنتينيين، في منتصف التسعينات من القرن الماضي، وعانى مارادونا المدرب كثيرا على رأس الجهاز الفني للمنتخب وتعرض فريقه لهزائم تاريخية أبرزها سقوطه أمام بوليفيا 6 - 1 ولانتقادات لاذعة، لكنه نجح في قيادة السفينة إلى بر الأمان في المباراة الحاسمة ضد الأوروغواي ليشارك في العرس العالمي.