الموسيقى تجمع مهاجري دول العالم في النمسا

على «مائدة موسيقى الثقافات» يؤلفون الأغاني بدل الحديث عن الماضي

TT

في مقهى للطلبة في مدينة جراز بالنمسا، رجل في منتصف العمر يدندن بأغانٍ من الفن الشعبي النمساوي بينما يعزف معه عدد من المهاجرين النيجيريين على الطبلة وآخر يعزف على آلة كمان للمرة الأولى في حياته.

وكانت هذه الأمسية هي أحد تجمعات الأمسيات التقليدية لمبادرة اجتماعية صغيرة تجمع موسيقيين هواة محليين مع مهاجرين من دول مختلفة في مسعى لمساعدة الأجانب والنمساويين في التواصل عبر الموسيقى.

وفي كل شهر، يبحث عازف الغيتار النمساوي المحترف فولفرام مايرزيندورفر ومجموعة صغيرة من المنظمين عن المهاجرين من دول مختلفة ويدعونهم لمقهى أو فندق صغير للمشاركة في حفلات متواضعة لموسيقى الجاز يطلقون عليها اسم «مائدة موسيقى الثقافات».

وقال مايرزيندورفر لوكالة الأنباء الألمانية: «نواجه مشكلة هنا في أن الأشخاص الذين لم يهاجروا إلا أخيرا يفضلون الانكفاء على أنفسهم».

ويعيش نحو 260 ألف نسمة في مدينة «جراز» في جنوب شرق النمسا، حيث تبيع المحلات السراويلات الجلدية القصيرة التقليدية وفساتين «دريندل» (نوع من فساتين النساء يتميز بضيق صدره وقصر أكمامه واتساع فتحة الصدر) في وسط المدينة الذي يتميز بمشهد فني نشط. وتعد الهجرة ظاهرة جديدة نسبيا بدأت في فترة التسعينات من القرن الماضي، عندما وصلت مجموعة من أشخاص فروا من دول البلقان.

وبينما يشرح مايرزيندورفر هدف مشروعه الذي بدأه منذ عشرة أعوام، يتوافد رواد على المقهى. وتنخرط امرأة شابة ترتدي قبعة سوداء في غناء أغنية من التراث الشعبي النمساوي وصاحبها آخرون على الغيتار.

ووجه مايرزيندورفر في هذه الأمسية الدعوة إلى مجموعة من خمسة مهاجرين نيجيريين في العقد الثالث والعقد الرابع من العمر.

في أول الأمر، بدا أنهم يشعرون بالانزعاج قليلا من الأصوات النمساوية المحيطة بهم، لكنهم سرعان ما انهمكوا يغنون الترنيمة الدينية «إذا مت اليوم، فلن أموت ثانية».

والتقط أحدهم - ويدعى إيفاي - آلة كمان على إحدى الطاولات، على الرغم من أنه لم يلمس آلة كهذه في حياته قط. وسرعان ما بدأ الغناء الارتجالي والعزف على الأكورديون وقرع الطبول وبدء صديقه جوزيف ديديا من ولاية ريفرز في نيجيريا في الرقص.

وقال صديقهما أليكس: «النمسا وأفريقيا تركيبة رائعة للغاية». وجاء النيجيريون إلى النمسا، مثل كثير من الأفارقة في البلاد، لطلب اللجوء. بيد أنهم شعروا في هذه الليلة أنهم يؤلفون الموسيقى بدلا من الحديث عن تجاربهم الماضية.

وقال مايرزيندورفر إنه على الرغم من أنه ضيوفه لا يرغبون عادة في الحديث عن ماضيهم فإنهم ينقلون هذا كثيرا من خلال الموسيقى، خصوصا من خلال الأغاني.