«بي بي» تجاهلت 3 إنذارات قبل ساعة من انفجار بئر خليج المكسيك

أوباما يزور البقعة النفطية للرد على منتقديه

عامل تابع للشؤون البيئية والصحية ينظف بقع النفط على شاطئ في «برورت فور شون» بولاية لويزيانا (رويترز)
TT

فيما قال نواب أميركيون إن انفجار منصة شركة «بي بي» في خليج المكسيك سبقته ثلاثة إنذارات من خطر وشيك في الساعة التي سبقت الانفجار، تتفاقم الأزمة السياسية في الولايات المتحدة من جراء انفجار البئر النفطية في خليج المكسيك وانتشار البقعة النفطية الناتجة عن غرق منصة شركة «بي بي» النفطية. وأعلن البيت الأبيض في وقت متأخر ليلة أول من أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيقوم بزيارة لولاية لويزيانا، إحدى أكثر الولايات المتضررة من البقعة النفطية التي نتجت عنها أسوأ الكوارث البيئية في الولايات المتحدة بالإضافة إلى خسارة مئات الملايين من الدولارات. وكشف النقاب أمس أن النائبان هنري وكسمان وبارت ستوباك نقلا عن تقرير داخلي لـ«بي بي» إن الإنذار الأول وصل «قبل 51 دقيقة من الانفجار». وقد أطلق هذا الإنذار لأن «كمية السوائل المتدفقة من البئر أصبحت تفوق الكمية التي تضخ داخله». وبعد ذلك بعشر دقائق أطلق إنذار ثان. ورغم إغلاقه للقيام بتجربة «فإن الدفق تواصل في البئر وزاد الضغط في مجرى ثقب البئر بشكل غير متوقع». وأطلق الإنذار الأخير قبل 18 دقيقة من الانفجار، بحسب النائبين. ولوحظ عند هذا الحد وجود «ضغط غير عادي» مما أدى إلى غلق المضخة. وخلف الانفجار الذي هز المنصة 11 قتيلا. وغرقت المنشأة في 22 أبريل (نيسان).

ومن المقرر أن يصر الرئيس أوباما إلى ساحل خليج لويزيانا صباح غد لتقييم الجهود الحالية للتغلب على البقعة النفطية. وأكد بيان للبيت الأبيض أن «الإدارة حشدت إحدى أكبر الفرق (للتغلب) على أكبر حادثة كارثية في التاريخ، مع 1200 سفينة في المنطقة و22 ألف عامل، من بينهم ألمع المفكرين في مجال العلوم من القطاعين العام والخاص الذين يعملون على مدار الساعة لتخفيف تأثير النفط». ووزع البيت الأبيض أمس صورا لوزير الطاقة الأميركي ستيفن تشو وهو يتشاور مع مسؤولين من شركة «بي بي» حول أفضل الطرق لمعالجة البقعة النفطية. واتصل أوباما بتشو مباشرة لمعرفة آخر جهود «بي بي» التي تحملها الإدارة الأميركية مسؤولية الانفجار والضرر الناتج عنه. ومن اللافت أن المسؤولين الأميركيين يتعمدون تسمية البقعة النفطية في خليج المكسيك باسم «بقعة بي بي النفطية» للتأكيد على مسؤوليتها، بينما تسميها «بي بي» «بقعة ديب واتر هورايزن النفطية»، وهو اسم منصة «بي بي» التي انفجرت يوم 20 أبريل (نيسان) الماضي وأدت إلى كارثة في خليج المكسيك. ويعمل تشو مع كبار المسؤولين الأميركيين بالتعاون مع «بي بي» للتغلب على البقعة النفطية، بما في ذلك جمع 11 مليون غالون من خليط الماء والنفط ومحاولة سد البئر لمنع التسرب النفطي منه. وأفاد البيت الأبيض أن «تشو شرح للرئيس تقييمه العملي والتقني لخطط (بي بي) لإمكانية وقف التسرب والخطوات الممكنة إذا فشلت (بي بي) في وقف التسرب». ومن القضايا التي تشغل الإدارة الأميركية تأثير هذه الكارثة على قطاع الصيد والأسماك التي تعتمد الكثير من الشركات الصغيرة عليه في لويزيانا وغيرها من الولايات الأميركية الجنوبية كمصدر رزق. وقد تم غلق عدد من مناطق الصيد في المنطقة التي تشمل أكثر من 54 ألف متر مربع وهو ما يعادل نحو 22 في المائة من خليج المكسيك. وستكون هذه من بين القضايا التي يناقشها أوباما خلال زيارته إلى لويزيانا، وهي الزيارة الثانية للمنطقة المتأثرة منذ وقوع الانفجار. يذكر أن «بي بي» تسلمت حتى الآن أكثر من 25 ألف طلب من التعويضات من الأشخاص والشركات المتضررة من البقعة النفطية، وقد وزعت 29.4 مليون دولار من التعويضات حتى الآن، مؤكدة أنها لم ترفض أي طلبات بالتعويض حتى الآن. وأعلن البيت الأبيض عن موقع «بي بي» الإلكتروني لتسلم التعويضات بشكل واسع وأكد تحميله «بي بي» المسؤولية المالية والتقنية لتنظيف المنطقة. إلا أن تأكيد الإدارة الأميركية على مسؤولية «بي بي» لم يخفف الانتقادات المتزايدة لأوباما بسبب أزمة «ديب واتر هورايزون». ويأتي إعلان البيت الأبيض عن زيارة أوباما المرتقبة في وقت تتصاعد فيه الأصوات المنتقدة له ولإدارته لعدم التحرك بالسرعة الكافية والاهتمام الكافي بالقضية خاصة في الأيام الأولى من الانفجار وقبل أن يظهر مدى أثره.

واشتدت الانتقادات ضد أوباما بسبب سفره خلال الفترة الأخيرة إلى ولايات عدة لحضور حفلات جمع التبرعات لمرشحي الحزب الديمقراطي لانتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وكان أوباما في ولاية كاليفورنيا قبل يومين لدعم السيناتور باربرا بوكسر، مما جعل منتقدين وخاصة من الحزب الجمهوري يدعونه إلى الكف عن السفر لدعم المرشحين للكونغرس والتركيز على الكارثة النفطية. ويقول بعض المحللين إن هذه الحادثة ستكون «كاترينا أوباما»، في الإشارة إلى إعصار كاترينا الذي ضرب ولاية «نيواورلينز» عام 2005 وتأخر الرئيس الأميركي جورج بوش حينها في الاهتمام به مما أثر بدرجة كبيرة على شعبيته. ووجه الرئيس السابق لمؤسسة «اوكسفام» الخيرية في الولايات المتحدة روبرت ريديك رسالة مفتوحة أمس إلى أوباما، سأله فيها: «ما هو العمل الذي قمت به وتدفق السم يسمم خليج المكسيك؟» ليجيب: «إنك تفشل» في الرد الصحيح على الكارثة. وأضاف: «لديك كامل الحرية للتصرف ولكن ما يفطر القلب أنك قررت عدم العمل». وتابع: «لا يمكن لك أن تنتظر، لا تدع يوما آخر يمر»، منتقدا قرار أوباما بترك «بي بي» لتحمل مسؤولية تنظيف خليج المكسيك والتوصل إلى الحل التقني المناسب لمنع تدفق النفط.

وعلى صعيد آخر، تزداد الأصوات المطالبة بوقف عقد شركة «شل» لبدء الحفر البحري في القطب الشمالي. وتجمع تحالف من منظمات مناصري البيئة لبث إعلانات تلفزيونية ونشر إعلانات في الصحف الأميركية تطالب الشعب الأميركي بكتابة رسائل إلى أوباما ومطالبته باتخاذ قرار يمنع بدء المشروع في يوليو (تموز) المقبل. وبدأت حملة مماثلة على المواقع الإلكترونية مثل «فيس بوك» و«تويتر» من مناصري البيئة وسكان الولايات الأميركية الشمالية القريبة من موقع الحفر البحري الجديد. وأصدرت شركة «شل» الأسبوع الماضي عددا من البيانات تؤكد على عزمها اتخاذ كافة الإجراءات لمنع أي تسرب نفطي. وقال رئيس «شل» مارفن اودوم في رسالة إلى الحكومة الأميركية تم نشرها الاثنين: «إنني واثق أننا مستعدون بالقيام بالبرنامج بسلام و(شل) تتحمل مسؤولية هذا البرنامج». وقد طلبت الإدارة الأميركية من «شل» طرح المزيد من التوضيحات حول إجراءاتها الأمنية وتشديدها، ولكن حتى الآن لم توقف المشروع، على الرغم من قرار أوباما وقف منح عقود لمشاريع حفر بحري مستقبلية في الوقت الراهن.