مصر: البورصة تعوض خسائرها وترتفع 4% بفضل مشتريات المصريين والعرب

رئيسها اعتبر أسهمها الأكثر جاذبية عالميا ومحللون طالبوا بإلغاء تحويل شهادات الإيداع إلى أسهم محلية

TT

بعد تراجع للبورصة المصرية دام لخمس جلسات متتالية فقد مؤشرها الرئيسي فيها أكثر من 12% من قيمته، عادت أمس أغلب الأسهم إلى المنطقة الخضراء، لتعوض جزءا من خسائرها التي منيت بها، ليرتفع «EGX30» بنسبة 4.43 في المائة، ويغلق عند 6200 نقطة، في الوقت الذي وصف فيه الخبراء هذا الارتفاع بـ«ردة فعل» طبيعية بعد التراجعات الكبيرة للبورصة خلال الفترة الماضية. وبدت أسعار الأسهم جاذبة للمستثمرين التي ظهرت على مشتريات المصريين والعرب.

وعادت قيم التداول في البورصة أمس إلى معدلاتها الطبيعية، وجاوزت المليار جنيه بنحو 185 مليون جنيه بعد التداول على أكثر من 147 مليون سهم، وتصدر ارتفاعات الأسهم سهم إسمنت بورتلاند وسهم شارم دريمز، وارتفعا بنسبة 16.94 في المائة و14.05 في المائة.

ويرى محللون أن الأسهم في السوق الآن أصبحت مغرية للشراء بشكل كبير، وتوقعوا أن يرتفع المؤشر الرئيسي ليصل إلى 6500 نقطة على المدى القصير.

رئيس البورصة المصرية ماجد شوقي يرى أن الأزمات الاقتصادية العالمية جعلت أسهم الشركات المصرية الأكثر جاذبية على مستوى العالم بعدما فقدت تلك الأسهم الكثير من قيمها السوقية قابلها أداء جيد على الصعيد الاقتصادي الكلي للدولة أو للشركات.

هذا التراجع أصاب مستثمري البورصة بالدهشة، وفقد البعض بسببه أكثر من نصف أموالهم.

عبد الرحمن البهي الشاب المصري، الذي لا يتعدى عمره 33 عاما، يتخذ من البورصة المصرية أداة لكسب عيشه، يدير أموالا لبعض أفراد عائلته وأصدقائه كانت تقدر بنحو 500 ألف جنيه، ومكسبه الوحيد في الحياة ثلث الربح الناتج عن تدوير محفظته في البورصة، إلا أن الحال تبدل أمس بعد أن قامت شركة السمسرة التي يتعامل معها بالبيع الإجباري لأسهمه.

يقول عبد الرحمن إن شركة السمسرة منحته 250 ألف جنيه إضافية في صورة قرض من دون فوائد، يطلق عليه الكريدت «credit»، وبعدما خسر ثلث محفظته في السوق مع بداية تعاملات أمس، قامت الشركة ببيع أسهمه إجباريا حتى تضمن سداد القرض.

وتابع: «الصورة أصبحت قاتمة، لا أعرف ماذا أفعل، أخشى شراء أسهم، بالرغم من أن أسعارها أصبحت مغرية، ولكن هناك شيء لا نعرفه، هو الذي أدى إلى تراجع البورصة بهذا الشكل خلال الفترة الماضية»، ويندم عبد الرحمن على ما سماها لعبة البورصة، ويقول: «أرغب فقط في تعويض خسارتي، وبعدها سأخرج من البورصة، وأبحث عن وظيفة».

ويرى المستثمرون في البورصة أن التراجعات الكبيرة التي عصفت بالأسهم في البورصة المصرية غير مبررة، أرجعوا السبب الرئيسي في التراجع إلى شهادات إيداع الشركات المصرية المدرجة في بورصة لندن، إلى جانب غياب الإفصاح من قبل الحكومة المصرية على مدى تأثر الاقتصاد المصري بأزمة اليونان.

وقال خبراء إن الحكومة المصرية يجب أن تتدخل في الوقت الحالي لمساندة البورصة، من خلال إصدار قرارات من شأنها أن تعيد الثقة في البورصة مرة أخرى، ورأوا أن الحكومة تعاملت مع أزمة اليونان بشكل غير كفء، وطالبوها بالإعلان عن تأثير أزمة اليونان على القطاعات المختلفة للاقتصاد المصري.

يقول دكتور عيسى فتحي العضو المنتدب لـ«شركة المصريين في الخارج للاستثمارات» إنه في ظل البيانات الحكومية التي تؤكد نمو معدلات الناتج المحلي الإجمالي، ومع إعلان الشركات عن نتائج أعمال جيدة خلال الربع الأول من العام الجاري، فإن البورصة تتراجع، وهو ما يعد مؤشرا سلبيا، لأن البورصة تعكس الأداء الاقتصادي، فإذا لم تعكس هذا الأداء فإن الخلل قد يكون في البورصة، أو أن تكون البيانات الحكومية غير صحيحة.

وأضاف عيسى أن القرارات الحكومية غالبا ما تتم بشكل فردي دون أن تستشير الهيئات أو الجهات التي قد تتأثر بهذا القرار، وقال: «القرارات الخاصة بفرض ضرائب إضافية على الحديد والإسمنت الأخيرة، جاءت في توقيت غير مناسب، كيف تصدر وزارة المالية تلك القرارات دون أن تعرف كيف يمكن أن تؤثر تلك القرارات سلبيا على أداء البورصة المصرية، في الوقت التي نحتاج إلى قرارات تدعمها».

وطالب الحكومة المصرية بالتعامل مع سوق المال مثلما تتعامل الحكومات الأوروبية مع أسواقها، وقال: «الرئيس أوباما أخذ على عاتقه إصلاح بورصة وول ستريت، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تدخلت وقامت بإلغاء (short selling) وهو (نظام اقتراض الأوراق المالية بغرض بيعها) في البورصة الألمانية، أما في مصر فقمنا بإصدار قرارات من شأنها أن تزيد المضاربة في السوق مثل زيادة عدد الشركات التي يتم شراؤها وبيعها في الجلسة نفسها (T+0) من 52 شركة إلى 100 شركة».

ويرى عيسى أن المستثمرين الأجانب كانوا السبب الرئيسي في هبوط السوق بهذا الشكل، ويقول إنهم السبب الرئيسي في إحداث الحالة النفسية السيئة في السوق، فهم يقومون بالبيع أول الجلسة رغبة في الشراء في آخرها، وهو ما يحدث حالة ذعر للمستثمرين المصريين، ويؤدي إلى تراجع كبير في أسعار الأسهم.

وتبنى خبراء السوق مطلبا يرون أنه سينعش السوق، هو إلغاء عملية الأربيتراغ Arbitrage (تحويل شهادات إيداع الشركات المصرية إلى أسهم في السوق المحلية والعكس).

يقول مصطفى بدرة المدير التنفيذي بشركة «أصول لتداول الأوراق المالية» إن الهدف من شهادات الإيداع كان بغرض جذب المستثمرين الأجانب في الماضي، وذلك عندما كانت البورصة المصرية صغيرة، ولكن الآن أصبحت البورصة المصرية على الخريطة العالمية، وأصبحت الشركات المصرية معروفة للمستثمرين الأجانب. لذلك فإن وجود شهادات إيداع دولية للشركات المصرية ببورصة لندن الآن لن تفيد تلك الشركات كثيرا، وإذا كانت لها إفادة فإن تحويل الشهادات إلى أسهم محلية لن يفيد إلا المضاربين.

ويرى أن شهادات الإيداع كانت السبب الرئيسي في تراجع البورصة المصرية، فمع انخفاض بورصة لندن بسبب أزمة اليونان، أثرت على أداء شهادات إيداع الشركات المصرية المدرجة بها، وهو ما استغله المستثمرون في تحويل تلك الشهادات إلى أسهم في البورصة المصرية وبيعها بأسعار متدنية لا تعكس أسعارها الحقيقية ما أثر على أداء تلك الأسهم وانتقلت إلى باقي الأسهم.

يقول محللون إن السوق يفتقر في الوقت الحالي إلى مشتر في ظل وجود قوى بيعية كبيرة من المستثمرين، خاصة الأفراد، وأرجعوا ذلك إلى وجود ثلاثة أسهم بنهاية تداولات أمس لم تجد عروض شراء عليها وهي أسهم «الإسكندرية لإسمنت بورتلاند» و«ليفت سلاب» و«بيراميزا للفنادق»، مع وجود عروض بيع كبيرة، مما أدى إلى تصدرها قائمة الأسهم المتراجعة اليوم.

وعلى الرغم من هذا الهبوط العنيف، يرى محللون أن الأسهم في السوق الآن أصبحت مغرية للشراء بشكل كبير، وتوقعوا أن يرتفع المؤشر الرئيسي ليصل إلى 6400 نقطة على المدى القصير.