توقعات بانخفاض مؤقت لمؤشرات الاقتصاد السعودي مع تراجع اليورو

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: تراجع قصير المدى لأسعار المنتجات وسط زيادة 30% في صادرات المملكة غير النفطية

بعض أنواع الصناعات البتروكيماوية تأتي في أول قائمة واردات المملكة («الشرق الأوسط»)
TT

رشحت آراء اقتصادية في السعودية حدوث انعكاسات محتملة على المدى القصير لبعض المؤشرات الاقتصادية المحلية، متمثلة في انخفاض أسعار بعض السلع المستوردة من أوروبا، وكذلك تراجع مؤشر التضخم والرقم القياسي لتكاليف المعيشة.

وشهدت السعودية مؤخرا ارتفاع معدل التضخم، وفقا لمعلومات أعلنتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية، حيث بلغ التضخم 4.9 في المائة حتى أبريل (نيسان) المنصرم، إذ إن تراجع حزم تكاليف المعيشة المتعلقة بالشراب والأطعمة سيكون كفيلا بتشكيل انخفاض ولو طفيف.

ويرشح الدكتور حسن يوسف حسن، رئيس قسم التمويل في كلية إدارة الأعمال بجدة، أن انخفاض السلع ربما يكون ملموسا نتيجة انخفاض اليورو حاليا لكن على المدى القصير فقط، لكنه لفت إلى أنه لابد من إدراك أبعاد فنية مهمة في عملية الاستيراد والتصدير لا سيما حينما تتعلق الأمور بجانب التعاقدات بين الشركات المصدرة والمستوردة، إذ دائما ما تبنى على علاقة طويلة الأجل تفضي إلى عقود طويلة الأمد، مع الوضع في الاعتبار أن الطرف ليس أشخاص بل وكلاء يدركون تقلبات الأسواق والعملات.

وشدد خبير التمويل الدكتور حسن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن الاتحاد الأوروبي هو اتحاد اقتصادي بالدرجة الأولى وليس سياسيا، بدليل أن دول أوروبا تمثل أصواتا منفصلة في الأمم المتحدة، مما يعطي دلالة واضحة عن الهدف الرئيسي من الاتحاد الأوروبي الذي انتظروا فيه 10 سنوات لإقرار الوحدة رغم تحديد العملة والاتحاد الجمركي والتفاصيل الفنية.

ويرى الدكتور حسن أن تراجع اليورو لن يكون أمام أعين الاتحاد الأوروبي سهلا، بل لن تترك أوروبا اليورو أو حتى دولة اليونان تنهار، مستدلا بما أشارت إليه المستشارة أنجيلا ميركل التي أكدت أن الاتحاد واليورو «قام ليبقى».

ويفيد رئيس قسم التمويل في كلية إدارة الأعمال بأن الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة تربطها علاقات اقتصادية متداخلة وقوية، حيث إن انهيار أي منها ليس في صالح المجموعة، مع وجود استثمارات راسخة ومتداخلة ضمن بوتقة اقتصاد حر، يحرك السياسة في إطار المصالح السياسية، تنبع من المصالح الاقتصادية، وبالتالي انهيار العملات التابعة لهم مسألة غير واردة، ربما تتأثر لتداعيات أزمة لكنها لن تبقى على وضعها السيئ.

ولفت الدكتور حسن إلى ضرورة مطالبة الجهات الحكومية في المملكة بعكس تراجعات اليورو على المنتجات الأوروبية، وأن المملكة تنتهج سياسة الاقتصاد الحر، والمنافسة تعيد الأمور إلى نظامها، بيد أن ذلك مرتبط بتلاحم وترابط كبار المستوردين واتفاقهم ضد المستهلك الذي بيده إعادة التوازن وفقا لقدرته على ممارسة الضغط المنطقي بالتخفيف من حجم الاستهلاك على المنتج أو السلعة وبالتالي فرضه واقعا جديدا أمام المستوردين.

إلى ذلك، يؤكد علي الحازمي، زميل الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، أن تراجع اليورو يؤثر على عمليات الاستيراد والتضخم المستورد بشكل مباشر، حيث ستظهر انعكاساته كما هو مفترض، بيد أن السلع وعمليات التضخم تنخفض خاصة المنتجات الأوروبية، مشددا على ضرورة تدخل الدولة من خلال السلطة الرقابة والإشراف لمتابعة السلع وحركة تدفقها لضمان أكبر انعكاس مفترض.

وأبان الحازمي لـ«الشرق الأوسط» أن التفاعل مع المعطيات والتجاوب والنشاط الاقتصادي لا بد أن يكون عاليا من قبل شرائح التجار والاستفادة من كل الفرص لرفع القوة الشرائية، وبالتالي تحركات المنتجات وزيادة عمليات الاستيراد أو الإنتاج لأصحاب المصانع المحلية.

وتزامنت هذه المطالب مع معلومات رسمية حكومية كشفت عن بلوغ قيمة الصادرات غير النفطية للمملكة خلال شهر فبراير (شباط) الماضي 10 مليارات ريال مقابل 7.7 مليار ريال من الشهر ذاته في العام الماضي بزيادة 30 في المائة.

وأوضح التقرير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن منتجات البلاستيك جاءت في صدارة السلع المصدرة من المملكة بنسبة 32 في المائة، فيما جاءت السلع البتروكيماوية في المرتبة الثانية بنسبة 27 في المائة، والسلع المعاد تصديرها بنسبة 14 في المائة، وبقية السلع بنسبة 12 في المائة، تلتها المواد الغذائية بنسبة 9 في المائة، فالمعادن العادية ومصنوعاتها بنسبة 6 في المائة.

وكشف التقرير أن مجموعة الدول الآسيوية غير العربية والإسلامية جاءت في المرتبة الأولى المصدر إليها من المملكة، تليها مجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم دول الجامعة العربية الأخرى، ثم دول الاتحاد الأوروبي والدول الإسلامية غير العربية، ثم بقية المجموعات.

وحدد تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أهم الدول التي تم التصدير إليها من المملكة للشهر ذاته، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة، تلتها الصين ثم سنغافورة ثم دولة قطر ثم مصر، فيما استحوذت بقية المجموعات الأخرى على ما نسبته 62 في المائة من إجمالي الصادرات السعودية في فبراير.

وحول واردات المملكة خلال فبراير الماضي، وجد التقرير أن قيمة الواردات للمملكة خلال ذلك الشهر انخفضت بنسبة 6 في المائة، بعدما بلغت قيمتها الإجمالية 24.5 مليار ريال مقارنة بالشهر ذاته من العام المنصرم، في وقت جاءت فيه الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية كأهم السلع الواردة للمملكة، تلتها معدات النقل ثم المواد الغذائية.

وجاءت البتروكيماويات والبلاستيك في المرتبة الرابعة، تلتهما المعادن العادية ومصنوعاتها، فالأدوية وبقية السلع ومثلت ما نسبته 12 في المائة، في حين جاءت الولايات المتحدة الأميركية كأهم دولة مصدرة، ثم اليابان، تلتها ألمانيا، ثم الهند.