أزمة الديون الأوروبية لم تتضح معالمها والأسواق مرشحة لمزيد من التراجع

عوامل نفسية وراء تراجع الأسواق المالية الخليجية

TT

يرجح خبراء وعاملون في مؤسسات مالية استمرار تذبذب أداء الأسواق المالية الخليجية في الفترة المقبلة نتيجة عدم الوضوح الذي يغلف أزمة الديون الأوروبية وضعف اليورو.

ويصف صالح السلمي، نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة الاستشارات المالية الدولية «إيفا» الوضع «بالدخول في نفق مظلم لا ندري متى يتم تجاوزه، وذلك بسبب أننا نجهل حتى اليوم عمق الأزمة وحجم الضرر الذي خلفته». وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن التراجع الذي تشهده الأسواق المالية الخليجية يعود في الدرجة الأولى إلى عوامل نفسية تسيطر على المتداولين «فنحن في مرحلة تقييم لآثار الأزمة، والتراجعات التي تشهدها الأسواق تعيدنا إلى الأوضاع التي كانت سائدة عند وقوع أزمة القروض العقارية، على الرغم من أنني أجد أن لا مبرر لهذا التراجع، وهو يعود إلى عوامل نفسية ليس أكثر». واعتبر السلمي أن تعافي الأسواق مرتبط بالمعالجات القائمة حاليا للأزمة في أوروبا. ولفت إلى أن الوقت الراهن قد يكون فرصة لتكوين محافظ بأصول جيدة.

ويرى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب البحريني الدكتور جاسم حسين أن رد فعل الأسواق الخليجية لتفاعلات هذه الأزمة مبرر «بالنظر إلى أن أسواقنا كانت ولا تزال سريعة التأثر بالأزمات العالمية، فالتأثير الذي وقع على الأسواق الخليجية بفعل الأزمة المالية العالمية كان في بعض الأحيان أكبر منه في دول أوروبا وحتى الولايات المتحدة. وربما يعود السبب في ذلك إلى سلوكيات المستثمر الخليجي، حيث هو قابل للتأثر بشكل سريع واتخاذ قرارات سريعة. ولكن إلى جانب هذا الأمر هناك أيضا أسباب موضعية أدت إلى التراجعات التي شهدتها الأسواق المالية، فالاتحاد الأوروبي شريك استراتيجي لدول الخليج ومركز ثقل اقتصادي عالمي».

وتوقع حسين أن تستمر وتيرة التراجع في الأسواق المالية إلى ما بعد فصل الصيف، وقال: «قد تخف وتيرة التراجع عموما بسبب قدومنا على موسم الصيف الذي يشهد نوعا من التراخي أو التراجع في الاستثمار في منطقتنا. لكن أسباب الأزمة موجودة وستبقى حالة عدم الاستقرار موجودة».

ورأى حسين أن الأزمة في أوروبا ستستمر على أقله فى المدى المنظور. وقال: «إن عاملين أساسيين يلعبان دورا أساسيا في هذا الأمر، وهما: نقص الشفافية حول واقع الأزمة، والتكهنات في ما يتعلق باقتصادات إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبولندا. هذا الأمر يترك الأبواب مشرعة على مختلف الاحتمالات في الفترة المقبلة، فشكل الأزمة لم يعرف بالكامل حتى اليوم. أما الأمر الآخر فهو غياب الاتفاق التام داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الأزمة، وهذا أمر لن يخدم عملية القضاء عليها في فترة سريعة».

بدوره، وضع مرتضى الجمالاني عضو اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة عمان عملية التراجع التي تشهدها أسواق المال الخليجية في خانة المضاربات. وقال: «هناك عملية انتشار لعدوى اسمها أزمة الديون الأوروبية بين أسواق المال العالمية، ولذلك ليس مستغربا التراجع الذي يغلب على أداء أسواق منطقتنا في هذه الفترة. وقد نشهد تراجعات أكبر في الفترة المقبلة، لأن صورة الأزمة لم تكتمل حتى اليوم، وهذا بالتأكيد ما يزيد من حالة القلق التي تعيشها الأسواق. ومع ذلك، تبقى أسواق منطقة الخليج واقتصاداتها بمأمن من أي تأثير مباشر عليها جراء أزمة اليورو».

واعتبر أن ما يحدث اليوم في أوروبا يثبت من جديد أنه لا وجود لما يسمى بالاقتصادات الحرة ويطرح مجددا موضوع الضوابط التي يجب وضعها.

وبينما اعتبر حسين أن لتراجع قيمة صرف اليورو تأثيره الإيجابي على فاتورة المستوردات الخليجية من أوروبا، رأى الجمالاني أن هذا الأمر لن تكون له تأثيراته الكبيرة على اقتصادات دول الخليج، لأنها مرتبطة بالدولار، وقال: «قد يؤدي هذا التراجع في قيمة صرف اليورو إلى ارتفاع في أسعار السلع الأوروبية لا سيما أن أسعار النفط المقومة بالدولار ستكون مرتفعة بالنسبة إلى الصناعات الأوروبية».