الحريري: السلام الحقيقي والعادل في فلسطين ضرورة لتقارب الغرب والعالمين العربي والإسلامي

رئيس الحكومة اللبنانية ترأس اجتماعا لمجلس الأمن والتقى بان كي مون

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مستقبلا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك أمس (دالاتي ونهرا)
TT

اختتم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري جولته الأميركية التي قادته للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتوّجها بترؤسه أمس اجتماعا لمجلس الأمن الدولي بعنوان «الحوار بين الثقافات من أجل السلام والأمن الدوليين». حاملا معه إلى المنبر الدولي «المبادرة العربية للسلام» التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في قمة بيروت، وأكد الحريري أمس أنها تسعى إلى «صنع السلام الحقيقي والعادل في فلسطين»، معتبرا أن هذا السلام «يؤثر بصورة بالغة على العلاقات بين الثقافات والأديان. أكثر من ذلك، هي ضرورة لإنجاح الحوار نهجا لمعالجة المشكلات ولتحقيق تقارب فعلي بين العالم الغربي والعالمين العربي والإسلامي».

وأشار الحريري في كلمة ألقاها في افتتاح المناقشات إلى إسهام لبنان في الجهود لأجل مضاعفة فرص الحوار والإفادة منها وتعزيز تأثيرها «مستلهما خبرته التاريخية الخاصة وتجربته المجتمعية والسياسية، التي كثيرا ما نُعتت بالصيغة الفريدة». معتبرا أن لبنان «يشهد في مواقفه وجهوده، لكل ما يشده إلى المنظمة الدولية، التي تخصه دائما باهتمامها وتحرص على حريته وسيادته واستقراره. ويشهد أيضا لاحترامه الشرعية الدولية وقراراتها، فضلا عن اهتمامه بإظهار الخصوبة التي يعد بها لقاء الأديان والثقافات». وقال: «ولا يخفى عليكم أن الصعاب التي امتحنت بلدنا وشعبنا لم تنل من إرادة العيش معا في وطن واحد، يغتني بتنوعه وانفتاحه، وبرسوخه في الانتماء العربي وتفاعله مع ثقافات العالم، وبالشراكة الإسلامية المسيحية في صنع المصير الوطني الواحد».

وإذ شدد الحريري على الاهتمام بالحوار بين أهل الثقافات المتنوعة والمنتمين إلى أديان مختلفة اعتبر أن الحوار «يبدأ من الاعتراف بالهويات والخصوصيات وبالوقت نفسه تفادي سلوك التعبير عنها عن طريق العداء للآخر وصولا إلى رسم الحدود الدائمة معه، ومن احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافي»، داعيا إلى «التنبّه للظواهر الجديدة والمتجددة والمطبوعة بالعنف الطائفي والإثني والإرهاب والإكراه ومعالجة أسبابها واستباقها عن طريق الدبلوماسية الوقائية» ورأى أن ذلك «يفترض ائتلافا في مواجهة التعصب والتطرف وتعاونا في القيام بوساطات من أجل حلول سلمية ومنصفة للنزاعات، وقبل ذلك وبعده بذل الجهود الحوارية الصبورة، في السياسة والثقافة والإعلام من أجل مناعة أفضل ضد العنف والتطرف والإرهاب. فالحوار لا يوفق دائما في إطفاء الحرائق، إلا أنه إذا مورس بجدية ومثابرة كثيرا ما يضعف احتمالات اشتعالها». وقال الحريري: «ليس الحوار الحق عملية تفاوضية محكومة أو مقيدة بعلاقات القوى، بل مساهمة في تغييرها، وإن نسبيا، لمصلحة التكافؤ بين المشاركين فيه. لذلك يلتقي السلوك الحواري على الصعيد العالمي، مع العمل الدبلوماسي الذي يستند إلى القانون الدولي بعيدا عن منطق القوة والإملاء والمعايير المزدوجة... والحقيقة أن الحوار لا يستقيم إذا ما احتجبت غاياته الفعلية وراء أهدافه المعلنة. وهو لا يؤتي ثمارا ما لم يرتض أطرافه أن تقوم بينهم علاقات متكافئة».

ورأى أن ذلك «يصح بشكل جلي في بلدنا الذي عانى قرابة ربع قرن من الاحتلال الإسرائيلي، والحروب الإسرائيلية المتكررة عليه، فدفع آلاف الأرواح من خيرة أبنائه وبناته، وعانى استقراره واقتصاده وما زال من التهديدات الإسرائيلية بتكرار المجزرة بحقهم، فيما الاحتلال لا يزال يجثم على جزء من أراضينا». متسائلا: «كيف يمكن للحوار أن يبني الثقة ويؤسس لعلاقات جديدة، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية والانتهاك المتمادي لحقوق الفلسطينيين الوطنية والإنسانية، وعلى رأسها حقهم بالعودة إلى دولة مستقلة عاصمتها القدس». وقال: «لا يخفى عليكم أن صنع السلام الحقيقي والعادل في فلسطين، وهو ما تسعى إليه مبادرة السلام العربية، يؤثر بصورة بالغة على العلاقات بين الثقافات والأديان. أكثر من ذلك، إنها ضرورة لإنجاح الحوار نهجا لمعالجة المشكلات ولتحقيق تقارب فعلي بين العالم الغربي والعالمين العربي والإسلامي».