«نظرية المؤامرة» في قضية محاولة تفجير «تايمز سكوير»

الباكستانيون يرون أن الولايات المتحدة سبب المشكلات التي تتهدد بلادهم

TT

ربما يعتقد الأميركيون أن محاولة تفجير سيارة مفخخة في «تايمز سكوير» يقف وراءها رجل يدعى فيصل شاه زاد. ولكن ترى نقابة محامي المحكمة العليا في العاصمة الباكستانية إسلام آباد أن المجرم هو «مركز بحثي» أميركي. ويبدو أنه لا يوجد من يعرف اسم المركز البحثي، ولكن للجميع رأي بشأنه. إنه كيان ذو نفوذ ومبهم، ويبدو أنه يسيطر على كل شيء داخل الحكومة الأميركية، ومن بينها الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ويقول حشمت علي حبيب، وهو محام وعضو في نقابة المحامين: «قاموا بزرع هذا الشخص فيصل شاه زاد من أجل تنفيذ مسرحيتهم». وعندما سأل: «من هم؟»، قال مبتسما: «من المؤكد أنك تعرف، فأنت من أميركا. نصيحتي للأمة الأميركية أن تتحرر من هذه المراكز البحثية».

وتحظى نظرية المؤامرة برواج كبير داخل باكستان، واللاعبون الثلاثة الرئيسيون هم الولايات المتحدة والهند وإسرائيل. وتقوم هذه الدول الثلاث بتبديل المواقع على حسب التغيرات التي تطرأ. وتحتل الولايات المتحدة مركز الصدارة منذ 2001، ويتصور الناس داخل باكستان أنها مسؤولة عن كل خطأ يحدث. ويقول شاسيتا سراج الدين، أستاذ اللغة الإنجليزية في لاهور: «عندما تنقطع المياه، يقول الناس إن أميركا مسؤولة عن ذلك».

ولا تقف المشكلة عند كونها ظاهرة محلية غريبة في باكستان، ولكن هناك حديث في مختلف الأنحاء عن باكستان الضحية، ويمثل ذلك حاجزا لا يمكن اختراقه تقريبا ويعوق أي نقاش صريح حول المشكلات الموجودة داخل باكستان. ونتيجة لذلك، كان هذا الوضع أحد المعوقات الرئيسية التي تقف أمام الولايات المتحدة في سعيها لبناء تحالف أقوى مع باكستان، التي تحصل على مساعدات سنوية تبلغ أكثر من مليار دولار من الولايات المتحدة.

ولا يوجد طرف في الدولة الباكستانية، سواء الحكومة المدنية الضعيفة أو الجيش القوي، مستعد لأن يخاطر علنا بوجود هذه العلاقة. وعليه، فإن كل ما تقوم به أميركا مع باكستان يكون في السر، وهو ما يؤدي إلى تعزيز الشعور بوجود مؤامرات. وتذهب شخصيات عسكرية أميركية بارزة إلى العاصمة الباكستانية سرا، وتستخدم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية شبكات من الجواسيس الخاصين، كما لا يتم الاعتراف علنا بالأداة الأميركية الرئيسة هنا، وهو برنامج الطائرات التي تعمل من دون طيار. ويقول عدنان رحمت، وهو محلل إعلامي في إسلام آباد: «يمثل الأمن الجزء الأساسي في العلاقات الأميركية، ولا يتم الحديث عنه علنا». ويشغل المساحة العامة الشاغرة نقاد متشددون وأحزاب سياسية إسلامية ذات صوت صاخب، ويتواصلون مع المواطنين الباكستانيين من خلال وسائل إعلام إلكترونية جديدة والعشرات من الشبكات التلفزيونية الفضائية التي تتحدث دوما عن الولايات المتحدة ككيان شرير رئيسي.

ويقول دبلوماسي باكستاني، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: «يرغب الناس في تفسيرات بسيطة، مثل تحالف أميركي صهيوني هندوسي شرير».

ومن هؤلاء النقاد زايد حميد، وهو إعلامي من اليمين اشتهر على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة الجديدة داخل باكستان. ويستخدم حميد موقع «غوغل» للبحث عما يعزز نظريته التي تقول إن الهند وإسرائيل والولايات المتحدة يخططون لتدمير باكستان، من خلال أجهزتهم الاستخباراتية والشركة التي كان يطلق عليها في السابق «بلاك ووتر».

وبالنسبة لحميد، فإن قضية شاه زاد عبارة عن وسيلة من وسائل متنوعة للضغط على باكستان. ويقول: «إذا قمت بالربط بين الأشياء، ستجد أمامك قصة مثيرة، وإلا ما السبب الذي جعل القنبلة لا تنفجر». ولكن، تمثل وسائل الإعلام مجرد جزء من المشكلة. ويقول رحمت إن ثلث الشعب الباكستاني فقط يستطيع مشاهدة القنوات الفضائية، ولكن تحظى الجماعات الإسلامية بنفوذ مماثل من خلال نشاطها وسط جموع الشعب الباكستاني.

وعلى الرغم من أن باكستان أنشئت كمأوى للمسلمين، فقد كانت علمانية في البداية، ولم تتحول إلى دولة مسلمة على الورق حتى 1949. ويشير مفكرون إلى أن هذه اللحظة تشبه الخطيئة الأصلية، فقد أصبح حينها الإسلام جزءا من المنظومة الديمقراطية داخل باكستان، وأعطى ذلك نفوذا كبيرا للمتشددين الإسلاميين، الذين يمكنهم الزعم بأنهم الحماة الحقيقيون للدولة، على الرغم من عددهم الصغير. وتستخدم هذه المجموعات، ومعها قيادات سياسية وعسكرية، الشعارات الإسلامية من أجل تحقيق مكاسب شخصية، وإغلاق باب النقاش.

ويقول عاصم سجاد، أستاذ الاقتصاد السياسي المساعد في جامعة «قائد أعظم» بالعاصمة إسلام آباد: «نعيش في هذه الفوضى لأن هناك قوى سياسية تستخدم الإسلام من أجل تعظيم مصالحها الخاصة».

ويتبنى المحامون في باكستان اتجاها قويا من الإسلام السياسي. ويقول حبيب، الذي لديه وكلاء من المسلحين، إن «القاعدة» اختراع أميركي. وتمتلئ خطاباتهم بتصريحات معادية للسامية، وهو الشيء الذي تقوم به التنظيمات الإسلامية كافة في المنطقة. ويقول محمد إكرام شودري: «جماعات الضغط هم اليهود، وربما بعض الهنود، وهم يعملون داخل الإدارة الأميركية».

ويرى ليبراليون من اليسار الباكستاني أن الوطنية القائمة على كره الأجانب ونظريات المؤامرة مجرد وسيلة دفاع لتجنب تحمل المسؤولية عن المشكلات الموجودة داخل المجتمع وأنها تحمي من واقع أليم للغاية ولا يمكن مواجهته. وتوجد أسباب حقيقة تدفع الباكستانيين إلى الشك في الولايات المتحدة؛ فقد دعمت الولايات المتحدة - وقدمت تمويلا - إلى الجهاديين الذين كانوا يحاربون ضد السوفيات في الثمانينات، ودعمت العسكري المستبد ضياء الحق، الذي وضع بذور نظام التعليم الباكستاني مع إسلاميين.

* خدمة «نيويورك تايمز»