واشنطن تركز على «الإرهاب الداخلي» والتعاون الدولي في خطة مكافحته

الإدارة الأميركية تكشف عن استراتيجية جديدة اليوم وتؤكد أنها في «حرب على القاعدة» وليس ضد الإسلام

عناصر من القوات الكندية والافغانية امام قاعدة للناتو امس (رويترز)
TT

تكشف الإدارة الأميركية عن استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب اليوم، تمزج بين أولويات قديمة وأخرى جديدة، بين استخدام القوة لهزيمة تنظيم القاعدة ومواجهة خطر لم تركز عليه الاستراتيجية القديمة وهو خطر «الإرهابيين من الداخل». وتعكس الاستراتيجية الجديدة رد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على الخطط الفاشلة للقيام بعمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية التي قادها أميركيون بدلا من مشتبه بهم من الخارج. وكانت آخر هذه الأحداث مخطط تفجير ميدان «تايمز سكوير» في نيويورك الذي اتهم الأميركي من أصول باكستانية فيصل شاه زاد بالتخطيط له.

وقدم مساعد الرئيس الأميركي للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب جون برينان شرحا حول الاستراتيجية الأميركية الجديدة أمس، قائلا إنها مبنية على قوة الولايات المتحدة العسكرية وقدرتها على التصدي للإرهاب و«الإخلاص للقيم الأميركية»، في إشارة إلى الصراع الآيديولوجي بين الولايات المتحدة ومؤيدي تنظيم القاعدة وغيرهم من المتطرفين. وأعلن برينان في خطاب يوضح نقاطا رئيسية حول الاستراتيجية الجديدة أن استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب لا تعتمد فقط على «استهداف قابليات القاعدة أو منع التهديد الإرهابي عن بلدنا ومواطنينا، ولن نرد ببساطة بعد الحدث أو محاولة هجوم، بل الولايات المتحدة ستعطل وتفكك وتضمن هزيمة طويلة الأمد لـ(القاعدة) وشركائها المتطرفين العنيفين التابعين لها». وقال إن هذه الرؤية ستتحقق من خلال إجراءات محددة، موضحا: «سنحرم (القاعدة) والشركاء التابعين لها من المأوى وسنحمي أسلحة العالم الأكثر خطورة وخاصة المواد النووية التي تسعى للحصول عليها (القاعدة) لاستخدامها ضدنا وسنبني شراكات إيجابية مع الجاليات المسلمة حول العالم والأمر الأهم سنحمي وطننا». وأضاف أن هذه الجهود ستحتاج «كل آلة من القوة الأميركية، العسكرية والمدنية، القوية والدبلوماسية وبالطبع قوة شراكاتنا مع الدول والمؤسسات الأخرى». وكرر برينان التزام الإدارة الأميركية بعدم الربط بين الدين الإسلامي والإرهاب، معتبرا أن ذلك «أكذوبة». وأضاف أن عناصر تنظيم القاعدة «يروجون أكذوبة بأن الولايات المتحدة تخوض حربا ضد الإسلام، الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لم تكن ولن تكون أبدا في حرب ضد الإسلام ففي النهاية الإسلام مثل كثير من الأديان جزء من الولايات المتحدة». وأضاف: «استراتيجية الرئيس واضحة ودقيقة، عدونا تنظيم القاعدة وشركاؤها الإرهابيون، فهي التي هاجمتنا بشراسة ورغبتها في مهاجمتنا في الولايات المتحدة ومهاجمة أصدقائنا وحلفائنا تبقى غير متراجعة». وأكد برينان: «الولايات المتحدة تخوض حربا ضد (القاعدة) الإرهابية وشركائها ولهذا الرئيس ينهي الحرب في العراق بمسؤولية ولهذا السبب أيضا أعاد تركيز جهودنا على أفغانستان حيث تبقى عناصر (القاعدة) وعلى الحدود مع باكستان وداخل باكستان». ويبقى عنصر أساسي في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب التي يكشف عنها البيت الأبيض اليوم مرتبطة بالعمليات العسكرية في أفغانستان وباكستان ومناطق أخرى من العالم. وقال برينان: «سنأخذ المعركة لـ(القاعدة) وشركائها التابعين لها المتطرفين حيثما يخططون ويتدربون، في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وأبعد من ذلك، نحن لا نواصل الضربات القوية ضد (القاعدة)، نحن نساعد تلك الحكومات لتطوير قدراتها على تزويد أمنها، ونساعدها على استئصال سرطان (القاعدة) داخل حدودها». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية لا تعتبر أن هجمات «القاعدة» في العراق تشكل تهديدا حقيقيا، صرح برينان بأن: «(القاعدة) في العراق ما زالت تشكل تهديدا وتبقى تشكل تهديدا»، مضيفا: «نحن سعداء بعمل قوات الأمن العراقية» التي تعول عليها الولايات المتحدة الآن لمواجهة (القاعدة) في العراق مع مواصلة خطط سحب القوات الأميركية من العراق. وأردف قائلا: «علينا ألا نقع في حال من الرخاء في العراق أو مناطق أخرى»، مؤكدا أن «القاعدة» «مصرة على مواصلة هجماتها». ويعتبر الانسحاب من العراق و«إنهاء الحرب هناك بمسؤولية» إحدى ركائز السياسة الأميركية الخارجية التي تعمل على تقليل المشاعر المعادية للولايات المتحدة. وتلقي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خطابا اليوم حول الأمن الوطني لتكشف عن تفاصيل الجانب الآخر من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب التي تعتمد على تقوية الدبلوماسية الأميركية والعمل في إطار دولي لمكافحة الإرهاب. كما من المرتقب أن تتطرق كلينتون في خطابها إلى أهمية الدبلوماسية والدعم الاقتصادي والتحاور الثقافي لمكافحة الإرهاب. وأكد برينان أن القوة العسكرية ستبقى مهمة وتحتفظ الولايات المتحدة بحق استخدامها، لكنه أضاف أنه يعرف أن هذه القوة أحيانا تشكل مشكلة أكبر مع المدنيين، موضحا: «نجاح تكتيكي أحيانا يشكل فشلا استراتيجيا». وأضاف أن «الرئيس أوباما يطالب بالدقة» في تنفيذ العمليات العسكرية، بالإضافة إلى عدم السماح لـ«القاعدة» بـ«مد القابليات الأميركية أكثر من قدرتها عسكريا واقتصاديا وفكريا ولن نسمح بذلك». وتحدث برينان مطولا عن الإرهاب «الداخلي»، أي الذين يشكله أميركيون من الداخل على الولايات المتحدة أو أميركيون في الخارج، وأبرزهم الأميركي من أصول يمنية أنور العولقي. وقال برينان إن هؤلاء يشكلون «مرحلة جديدة من الإرهاب» بالنسبة للولايات المتحدة، محذرا من قدرتهم على جذب «أميركيين مسلحين بجواز السفر الأميركي» لاستهداف الولايات المتحدة. وردا على سؤال حول الخطر الذي يشكله العولقي على الولايات المتحدة، وإذا كان يشكل خطرا أكبر من رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، أجاب برينان: «لدى الاثنين القابلية على إلهام وتدمير ضحاياهما الذين يتصورون أنهم مسلمون حقيقيون». وأضاف: «إنهما يشكلان تهديدا بطرق مختلفة». ومن جهة أخرى، أقر برينان أن معتقل «غوانتانامو» العسكري يشكل مشكلة للولايات المتحدة خاصة أنه «أصبح سببا لتجنيد الإرهابيين». ولكنه في الوقت نفسه لم يقدم تفاصيل عن إمكانية تنفيذ وعد أوباما بإغلاق المعتقل، قائلا إن «بعض المعتقلين خطرون إلى درجة أنه لا يمكن إطلاقهم أو محاكمتهم».