د. زينب رضوان لـ «الشرق الأوسط»: السماح بارتداء النقاب يساعد على الإرهاب والجريمة

وكيلة مجلس الشعب المصري ترى صعوبة وصول المرأة إلى منصب رئيس الجمهورية (4)

زينب رضوان وكيلة مجلس الشعب (البرلمان) المصري («الشرق الأوسط»)
TT

توقعت الدكتورة زينب رضوان، وكيلة مجلس الشعب (البرلمان) المصري، الذي يضم 8 سيدات فقط من إجمالي الأعضاء البالغ 454 عضوا، تحقيق المرأة المصرية مزيدا من التقدم في المشاركة السياسية خلال السنوات المقبلة، ومن خلال انتخابات مجلسي الشورى والشعب هذا العام، خاصة بعد أن تم تنفيذ الاقتراح الذي قدمه الرئيس المصري حسني مبارك للبرلمان بتخصيص 64 مقعدا للمرأة في مجلس الشعب، وقالت إن المرأة إذا نجحت فإنها ستستطيع أن تقوم بدورها في سن التشريعات ومراقبة الحكومة، لكنها قالت إنه من المستبعد أن تصل المرأة إلى درجة المنافسة على موقع رئيس الجمهورية، في الوقت الراهن لا في مصر ولا في أي دولة عربية، بسبب الثقافة السائدة التي تجعل من المرأة مرتبة أدنى من الرجل. وتحدثت الدكتورة رضوان في حوار أجرته معها «الشرق الأوسط» في القاهرة عن المحافظين ممن ينتقدون تعيين المرأة في المناصب القضائية، قائلة إن الإسلام بريء من نظرة المجتمع المعادية للمرأة ولمشاركتها في الحياة العامة، وأضافت أن الأمر لا يقتصر على الأمثال الشعبية التي تقلل من شأن المرأة، بل إن بعض مواد القانون نفسه مجحفة بحق المرأة. ودعت رضوان إلى إصدار قانون لمنع النساء من ارتداء النقاب؛ لأنه يحجب وجه الشخصية وهويتها، مما يصعب من عمل المؤسسات في ظل ظروف الإرهاب والجريمة التي تشهدها دول العالم، وليس مصر فقط. وقالت إنها تؤيد حظر النقاب في مصر، لأنه ليس من الإسلام. وهنا نص الحوار.

* هل ترين أن النائبات من النساء لعبن دورا مؤثرا في عمل البرلمان؟

- كل واحدة أدت دورها بكفاءة بالغة، لأننا لا نؤدي عملنا فقط في الجلسات ولكن أيضا في عدد من اللجان، حيث العمل الأساسي ومطبخ القوانين. في جلسات اللجان هذه، يتم اقتراح القوانين وتنقيح ما يأتي من قوانين من الحكومة، قبل عرضها على الجلسة العامة بمجلس الشعب. وكذلك في البعثات التي تمثل المجلس في الخارج. وأعتقد أن العضوات رغم قلة عددهن في البرلمان أثبتن كفاءة عالية في العمل والمثابرة على الإنجاز والمشاركة بفاعلية.

* هل تأملين أن يكون للمرأة قدرة أكبر في العمل البرلماني؟

- إذا نجحت.. من خلال الإعداد الجيد والقدرة على القيام بدورها في سَن التشريعات ومراقبة الحكومة، وإذا أصبحت قادرة على أن تؤدي العمل بما لا يقل كفاءة عن الرجل، أعتقد أن الناس ستنتخبها وستفضلها، لأن الناس يريدون من يستطيع أن يخدمهم ويحقق لهم ما يريدونه.

* هل يمكن أن نرى امرأة رئيسة لدولة عربية مثل مصر مثلا؟

- هذا أمر يحتاج لتغيير ثقافة.. فأنت تعيش في ثقافة تشير إلى تدني المرأة وأنها غير مساوية للرجل. إذا غيرت هذه الثقافة فسيكون متاحا للمرأة كل ما هو متاح للرجل من مناصب.

* حين أصدر الرئيس مبارك قرارا في عام 2003 بأن تكون المرأة قاضية في المحكمة الدستورية، تحفّظ البعض ممن كانوا يريدون لهذا القرار أن يكون استثناء لا استمرارا.. كما نشأ خلاف مؤخرا على تعيين المرأة في مجلس الدولة، وظهر عدم الرضا.. ما تفسيرك لهذا؟

- هذا نتيجة الثقافة السائدة، التي تقول إن المرأة أدنى من الرجل. هذه القضية تناولتها في كل كتاباتي وفي محاولاتي تصحيح هذه الأمور.. لأن الإسلام بريء تماما من هذا الأمر.. الإسلام هو أول من جاء بالمساواة بين الرجل والمرأة، وأعطاها من الحقوق أكثر، في بعض الجوانب، مما أعطى للرجل.. الفكر السائد حاليا مخالف للتشريع نتيجة عوامل تاريخية متعددة ونتيجة مجموعة من الأحاديث المغلوطة التي أدخلت على السنة، ولم يتم تصحيحها بأي وجه من الوجوه. الذي حدث هو أن مثل هذه الأحاديث جرى تداولها وتكرارها دون أن يتوقف أحد من أجل تصحيحها. هذا انعكس بمرور الزمن على الأمثال الشعبية الموجودة في المجتمع.. وهذه الأخيرة انعكست هي الأخرى في رؤية متدنية للمرأة.

* وكيف ترين الحل لإصلاح وضع المرأة في المجتمع؟

- لا ينبغي أن يوضع فكر سائد بأن المرأة أدنى من الرجل، وأنها لا تتحمل المسؤولية، وأن عقلها ليس على مستوى النضج مثل الرجل.. حين تكون هذه هي الثقافة السائدة عن المرأة وتأتي لتوليها القضاء، سيتم النظر إلى الأمر على أنه تصرف غير منطقي.. مجتمع فيه هذا الفكر كيف تطالبه بأن يسمح للمرأة بأن تكون في مكان اتخاذ القرار، وأن تكون قاضية وأن تفصل بين الناس. لكي تغير مثل هذه النظرة إلى المرأة ينبغي أن تغير التفكير الذي أدى إلى هذا السلوك أولا، ومن دون هذا التغيير لن تتمكن من إعطاء المرأة حقوقها. سيكون الأمر كما ترى في كل الدول العربية، كل قرار منصف للمرأة يأتي من أعلى، وليس من الشعب.. حتى لو ذهبت للمغرب ستجد كل القرارات التي تنصف المرأة، وهي قرارات تتفق مع الشرع، جاءت من الملك.. وليس من القاعدة الشعبية. القاعدة الشعبية لا تستطيع أن تفرض هذا، لأنها لا تستطيع أن تغير الثقافة السائدة عن المرأة في غمضة عين. تغيير الفكر يحتاج لمئات السنين، وبالتالي لكي تصل بسرعة يأتي القرار فوقيا.

* وماذا عن انتشار النقاب في مصر وبعض دول العالم، وما يدور حوله من لغط بين وقت وآخر، خاصة في بعض الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة؟

- ليس في الإسلام نقاب مطلقا.. نحن الآن في مجتمع، والتعامل فيه بين الشخص ومؤسسات المجتمع من خلال إثبات الهوية.. حين يكون بلد ما من البلاد مستهدفا، في أي مكان في العالم، من الممكن أن يحدث فيه إرهاب أو يجري فيه خطف للأطفال أو سرقات أو قتل أو غيره.. بكل بساطة، لو راجعت الأفلام السينمائية ستجد أن الذين يسطون على البنوك يغطون وجوههم حتى لا تعرف من هم.. فأنت الآن حين تكون في المجتمع ويكون المجتمع معرضا لمثل هذه الجرائم، التي تهز أمنه، وتهز سلامة المواطنين، فهنا الضرورة تفرض عليك أن تستصدر تشريعا بمنع هذا.. أن يبدو الإنسان واضحا. أنت لا تستطيع أن تدخل بنكا لعمل معاملة مصرفية وأنت تغطي وجهك.. ما يُدري موظف البنك بأن هذه هي صاحبة بطاقة الهوية، إذا كانت تغطي وجهها؟ في الجامعة، تدخل الطالبة لكي تمتحن في الكلية وهي تغطي وجهها.. لا.. آسفة.. ممنوع.. إلى جانب أن الإسلام لم يفرض هذا..

* هذا يعني أنك تؤيدين حظر النقاب في مصر؟

- نعم.. لأن هذا يضر بأمن وسلامة المجتمع.. وهذا ثبت في أكثر من حادثة.. وهناك رجال يرتدون النقاب ويقترفون جرائم من خلف النقاب.. أحيانا، تكون هناك مواقف تبدو ساذجة يقوم فيها الرجال باستخدام النقاب، مثل أن يتخفى رجل في النقاب للوقوف أمام المخبز في طابور السيدات للحصول على الخبز قبل الرجال الآخرين، لأن طابورهم أكثر عددا.. أو رجل آخر يتستر وراء النقاب ويدخل باتفاق مسبق بيت امرأة، ويظهر أمام أهلها أنه امرأة.. بهذه السلوكيات، تكون ساعدت على نشر الفساد أكثر، وخصوصا أن النقاب ليس مطلبا دينيا.

* ترأستي عدة جلسات بحكم منصبك.. ما أبز المواقف التي تعرضت لها، كونك امرأة ترأسين البرلمان وغالبيته من الرجال؟

- المشكلة هي أنك حين تجلس على المنصة، يبدأ الأعضاء (النواب) في إرسال طلبات إضافية لإلقاء كلمات في الجلسة، بينما يكون أمامي قائمة بأسماء قدمت في مواعيدها لطالبي الكلمات. هم بهذا يتجاوزون قواعد معينة.. وحين ألتزم بالقواعد، يغضبون، ويقولون: أنت لم تعطنا الكلمة. ومهما حاولت إقناع أحدهم باتباع النظام في الجلسة، وأنه إذا كان هناك في الوقت متسع فسأعطيه الفرصة، إلا أنه يغضب مني، لأنه يعتبر هذا امتناعا من جانبي عن خدمته.. ينظر إلى الأمر من منظور العلاقة الشخصية، وأنني ما دمت أنا فوق المنصة وفي يدي كل شيء، من وجهة نظره، فإنه ليس هناك ما يبرر لي منعه من إلقاء كلمته التي تقدم بها خارج الدور وخارج النظام المتبع.. هذا هو الشيء الذي يضايقني، لأنني أحب الموضوعية.

* أحد النواب من الحزب الوطني قاطعك وأنت تلقين تقريرا في إحدى الجلسات بسبب الحجاب.. ماذا حدث؟

- هذا حدث في الدورة البرلمانية الماضية حين كنت أقدم تقريرا عن حقوق الطفل، ووقف هذا النائب وقال: من المفترض أن التي تقدم التقرير تكون محجبة. لكن النائب نفسه جاء بعد ذلك واعتذر اعتذارا شديدا.. وقلت له: لا أريد اعتذارا، ولا أريد أن أعرفك. وقلت له: أنت في الحقيقة لم ترق لتكون تلميذا من تلامذتي (في الجامعة)، حتى أقوم بإفهامك.. ولا بد أن تفهم أن الارتباط بين السلوك والأخلاق والفضيلة لا يتحدد بزي معين.. وقلت له أيضا إن هناك آية في القرآن عن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة.. يعني المرأة التي وصلت لسن لا ينظر فيها الرجال إليها، من حقها ألا تضع غطاء على رأسها، وقلت له إنك لا تفهم ما الهدف، وتم الاعتذار.

د. زينب رضوان

* وكيلة مجلس الشعب المصري (البرلمان).

* عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي للمرأة.

* أستاذة الفلسفة وأصول الشريعة الإسلامية.

* حاصلة على بكالوريوس الفنون والتعليم في الفلسفة من كلية البنات بجامعة عين شمس عام 1964، وماجستير الفلسفة الإسلامية من الكلية نفسها عام 1972. ودرجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من جامعة الإسكندرية عام 1978.

* لها عدد من الكتب والمؤلفات، من بينها: النظرية الاجتماعية في الفكر الإسلامي: أصولها وبناؤها من القرآن والسنة، التعليم الديني في مصر، المرأة في المنظور الإسلامي: بعض القضايا.