سيف الإسلام القذافي: التوريث في ليبيا غير وارد.. ووالدي على اطلاع واتفاق مع كل ما أقوم به

قال في محاضرة بلندن: الكتاب الأخضر ليس مقدسا.. وما زلنا بحاجة إلى أب للأمة

سيف الإسلام القذافي في لقطة باسمة خلال إلقائه محاضرة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قال سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ورئيس مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، إن التوريث في ليبيا مسألة غير واردة، لأن ذلك يعني العودة إلى الوراء. ونفى أن يكون في ليبيا أي ترتيبات لعملية توريث سياسي، رافضا فكرة أنه الوريث الشرعي للثورة الليبية.

وأضاف سيف الإسلام، في معرض جواب على سؤال حول ما إذا كان يعتبر نفسه خليفة لوالده: «ولماذا لا يتم الإعلان عن ذلك بشكل واضح؟ أنا أحب هذه الفكرة، ولمَ لا؟ لكن إذا تم ذلك فهذا معناه أن الثورة ضد النظام الملكي التي جرت عام 1969 كانت خطأ».

وزاد سيف الإسلام: «أنا لست الشخص المؤهل لأكون وليا للعهد لأن ليبيا ليست دولة ملكية والقائد معمر القذافي ليس ملكا، والتوريث ليس مسألة واردة في ليبيا، لأن ذلك يعني العودة إلى الوراء». وجاءت تصريحات سيف الإسلام عقب إلقائه الليلة قبل الماضية محاضرة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، بعنوان «ليبيا.. الماضي، الحاضر، والمستقبل»، تطرق فيها لأهم المحطات التي مرت بها بلاده خلال السنوات العشر الماضية، مركزا على أهم التطورات التي عرفتها البلاد على الصعيد الاقتصادي، والحلول الاقتصادية التي تبناها لكي يتمتع الليبيون كافة بمستوى معيشي يتلاءم مع الطموح الذي يحدوه لتحقيق المزيد من الإصلاح على الصعيد السياسي.

ووصف سيف الإسلام ليبيا بأنها أكثر دولة ديمقراطية في العالم، وقال إن لديها نظاما ديمقراطيا مباشرا لا يوجد فيه وسطاء (اللجان الشعبية)، بيد أنه أشار إلى أن «الواقع يظهر لنا شيئا آخر، فليس لدينا دستور في ليبيا، وليس لدينا أي ثقافة سياسية أو مشاركة مجتمعية».

وشدد سيف الإسلام على القول إن ليبيا بحاجة إلى رؤية توافقية للديمقراطية تجمع بين الديمقراطية الشعبية المباشرة والديمقراطية النيابية والديمقراطية التداولية، في نظام يكفل مشاركة أفراد المجتمع كافة في العملية الديمقراطية، وبما يتلاءم مع المجتمع الليبي وتركيبته القبلية وثقافته العربية والإسلامية.

إلى ذلك، قال سيف الإسلام في محاضرته، التي أدارها ديفيد هيلد أستاذ العلوم السياسية في الكلية، إن الكتاب الأخضر ليس كتابا مقدسا، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يتعرض للنقد مثل باقي الكتب.

وأوضح رئيس مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، أنه تم ارتكاب الكثير من الأخطاء في الماضي جراء القراءة الجامدة لنظرية «الكتاب الأخضر»، مؤكدا على حق الجميع في انتقاد الكتاب الأخضر، وما جاء فيه من أطروحات.

من جهة أخرى، قال سيف الإسلام: «ما زلنا في ليبيا بحاجة إلى أب للأمة»، مشيرا إلى أن القائد معمر القذافي ليس والده فحسب، ولكنه «أب للأمة، أب لكل الليبيين».

وذكر سيف الإسلام أن والده على اطلاع واتفاق كامل مع كل الخطوات التي يقوم بها، نافيا ما يشاع عن وجود أجنحة متصارعة في ليبيا، مثل الحرس القديم أو التيار الإصلاحي، مشيرا إلى أن الجميع متفق على قيام الإصلاح. وشدد سيف الإسلام على القول إن الإصلاح لا يمكن له أن ينجح دون موافقة القائد (القذافي)، الذي يساند بالكامل مشروع الإصلاح في ليبيا. وربط سيف الإسلام في محاضرته في الكلية، التي سبق له أن درس فيها، بين ضرورة إيجاد بيئة مناسبة للديمقراطية والإصلاح الاقتصادي، وقال إن الديمقراطية لا يمكن إقامتها بين عشية وضحاها. وزاد: «إذا كنت جائعا وفقيرا ومشردا فلن تكون قادرا على أن تسمع عن الديمقراطية والمجتمع المدني، فالديمقراطية ليست سيارة، والأحزاب ليست وجبات سريعة (فاست فود)، وبالتالي ليس بإمكاننا إقامتها بين عشية وضحاها، فهي تحتاج إلى البنية التحتية، وتحسين مستوى معيشة الناس». وذكر سيف الإسلام أنه إذا لم تتم تلبية حاجات الناس فإن الديمقراطية لن تكون أولوية بالنسبة إلى المواطن الذي يعاني الفقر والحرمان. وتحدث سيف الإسلام عن الطبيعة القبلية للمجتمع الليبي، وقال إن هذا المجتمع سيصوت في حال إجراء انتخابات على الطريقة الغربية، متأثرا بتلك الطبيعة، للوائح ومرشحي القبيلة، وذكر أنه لا توجد بيئة مناسبة لتكوين الأحزاب والديمقراطية الحزبية في ليبيا، كما أن غياب الثقافة الديمقراطية والسياسية في البلاد لأكثر من خمسين سنة سيؤدي إلى تكوين أحزاب قبلية قد تصل إلى المئات، وهو ما لا يحبذه.

وعبّر سيف الإسلام عن فخره بالتغيرات عرفتها بلاده خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرا إلى أن ليبيا الآن تسعى لتحقيق المزيد من الإصلاحات وبخاصة على الصعيد السياسي وحقوق الإنسان والإعلام الحر. واعتبر سيف الإسلام الفارق المعيشي بين ليبيا والدول الغربية، هو السبب في استمرار هجرة العقول الليبية والكفاءات والمؤهلين إلى خارج البلاد، مشيرا إلى تفهمه لقرار الآلاف من الأطباء والمهندسين والخبراء الليبيين الذين درسوا على حساب المجتمع، وفضلوا البقاء في الخارج بسبب ذلك الفارق المعيشي. وقال إنه يسعى من خلال الإصلاحات الاقتصادية، التي طرحها خلال محاضرته، إلى رفع مستوى المعيشة في البلاد، وذلك لجذب العقول الليبية المهاجرة وتشجيعها على العودة للإسهام في عملية البناء والإصلاح في البلاد. وتحدث سيف الإسلام عن العلاقات الليبية الأوروبية، وقال إن علاقة بلاده مع أوروبا عميقة تاريخيا واقتصاديا وسياسيا، وإنها ستتوطد من خلال اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يأمل أن يتم التوقيع عليه نهاية هذا العام، مؤكدا أن ليبيا تسارع في بناء المشروعات السياحية من فنادق ومنتجعات لتشجيع السوق السياحي في البلاد.

وقال إن هناك نية لتسهيل دخول المواطنين من بريطانيا والاتحاد الأوروبي وشمال أميركا واليابان وأستراليا، إلى ليبيا دون تأشيرة، وذلك لجذب رؤوس الأموال والسياحة.

وشدد سيف الإسلام على القول: «لا يمكننا تجاهل البعد الأوروبي والمتوسطي. ليبيا متوسطية، والأوروبيون شركاؤنا في التجارة، لا الأفارقة والعرب، والمشروعات السياحية لدينا تروم جلب السياح الأوروبيين لا الأفارقة». وزاد: «أوروبا والمتوسط مهمان بالنسبة إلينا في الماضي والحاضر والمستقبل، والبعد المتوسطي حيوي بالنسبة إلى مستقبل ليبيا». وردا على سؤال حول الوضع الصحي لعبد الباسط المقرحي، الذي كان حكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد تفجير طائرة أميركية فوق بلدة لوكيربي الاسكوتلندية، قال سيف الإسلام إنه لا يزال «مريضا جدا»، ويعاني سرطانا «في مرحلة متقدمة. هذا كل ما أعرفه عن حالته»، وذلك بعد مرور تسعة أشهر على الإفراج عنه لأسباب إنسانية.

على صعيد آخر، أشار سيف الإسلام إلى أنه على اتصال دائم بجناحي الحكومة الفلسطينية: حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، مؤكدا على جهوده المتواصلة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية قبل كل شيء، وبعد ذلك فإن الطريق لقيام الدولة الفلسطينية وتحقيق سلام عادل وشامل مع إسرائيل قد يصبح حقيقة. وقال سيف الإسلام إن الصراع الفلسطيني الداخلي يجعل المهمة صعبة في الوقت الحالي.