الأردنيون يهربون من الذهب الأصلي إلى الروسي المقلد

مع تغير النمط الاستهلاكي لدى الشباب المقبلين على الزواج

ذهب حقيقي في أحد متاجر عمان.. و«ذهب روسي» مقلد («الشرق الأوسط»)
TT

تغير النمط الاستهلاكي لدى الشباب الأردني، وخاصة للمقبلين على الزواج، بسبب ارتفاع أسعار الذهب التي وصلت إلى أرقام لا تتناسب ودخل الفرد والقدرة الشرائية لدى الغالبية العظمى منهم. فقد ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية ليصل سعر الغرام عيار 21 قيراطا إلى نحو 24 دينارا.. أي ما يعادل 34 دولارا أميركيا.

إلا أن المقبلين على الزواج هذا الصيف لم يعدموا وسيلة لابتكار بدائل للذهب الأصلي الثمين، إذ غدت المصوغات المقلدة أو المؤجرة لزينة العرائس أمرا مستساغا اجتماعيا، بل أكثر قبولا، في ظل الآمال بعودة الذهب لمعدلاته خلال التسعينات.

هبة صلاح الدين، إحدى العرائس، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ارتفاع أسعار الذهب دفعها وخطيبها إلى التفكير في إمكانية وضع المبلغ المحدد للمصاغ واستثماره في السوق المالية. وأضافت «المصاغ يبقى من الأساسيات في حفل الزفاف، ولذا سأشتري خاتم الزفاف فقط.. بينما أستأجر باقي المصاغ». وبينت هبة أن الكثير من بنات جيلها ممن لديهن الوعي الكافي سلكن الطريق نفسه، لا سيما أن الأسعار وتكاليف المعيشة في ارتفاع مستمر في حين لا تزال معدلات الدخل تراوح مكانها لدى الغالبية من المواطنين. واعتبرت أن «الاهتمام يجب أن يولى بشكل أساسي إلى ضمان حياة كريمة لبقية العمر عوضا عن إنفاق الأموال على ليلة واحدة».

في المقابل، ما يسمى بـ«الذهب الروسي» سبب مشكلات اجتماعية كثيرة خلفت وراءها طلاقات أو فسخ خطوبات، بعد اكتشاف أن هذا المعدن المقلد بشكل متقن للذهب الحقيقي، ليس له أي قيمة. ومواطنون كثر تعرضوا لحالات نصب نتيجة صعوبة تمييزهم بين المعدن المقلد وبين الذهب الحقيقي، وبعض الشباب المقبلين على الزواج تحايلوا على رغبات الأهل فاشتروا «الذهب الروسي» دون علمهم على أساس أنه ذهب حقيقي. وحالات أخرى حدثت باتفاق العروسين نتيجة ضعف قدرة العريس على دفع تكاليف الزواج.

ضياء عياد، مدير المبيعات في أحد محلات الصاغة بوسط العاصمة الأردنية عمان، تحدث عن شكاوى كثيرة وقصص حقيقية في هذا المجال. وذكر أن المبيعات «تراجعت نحو 35 في المائة لأن أسعار الذهب مرتفعة، لكن الذين لا يقدرون على شراء الذهب يلجأون إلى الذهب المقلد أو ما يسمى (الذهب الروسي)..»، مشيرا إلى أن «عمليات الاحتيال كانت موجودة في السابق عبر طلاء الفضة بالذهب، لكن هذه الإكسسوارات المصنوعة من مادة النيكل سهلت العملية». ثم قال «الذهب الروسي ليس ذهبا وإنما هو إكسسوار، وتسميته بالذهب تسمية خاطئة خلفت مشكلات اجتماعية كثيرة وخاصة لدى المبالغة بسعر البيع من قبل التاجر، فالمواطن عند شرائه هذا الإكسسوار بسعر كبير يظن مخطئا أنه يستطيع إعادة بيعه بسعر عالٍ».

وأضاف عياد «في محلات الذهب الحقيقي وفي النقابة قدمت لنا شكاوى كثيرة من المواطنين، أغلبها أن بعض الأشخاص المقبلين على الزواج قدموا شبكة كاملة هي عبارة عن إكسسوار من (الذهب الروسي)، بينما كانت العروس وأهلها يعتقدون أنها شبكة من الذهب الحقيقي».

وأشار إلى أن «نقابة تجار الحلي قدمت طلبا لوزارة الصناعة والتجارة بمنع إطلاق تسمية الذهب لهذا المعدن أو بشطب أي علامة تجارية تحمل اسم ذهب لأي معدن غير الذهب، فعلى الوزارة حماية المواطن من الوقوع في شرك التسمية الخاطئة ونحن نتوقع الحصول على أجوبة إيجابية من الوزارة».

وعن انتشار ظاهرة «الذهب الروسي»، قال عياد «إنها ظاهرة قديمة لكنها برزت كثيرا عندما ارتفع سعر الذهب الحقيقي - أي منذ نحو 3 سنوات - ولوحظت عام 2008 بشكل واضح». وتابع أنه «لا توجد أي منطقة لا يوجد فيها محل لبيع هذا الإكسسوار الذي يستورد من شرق آسيا، كالصين وتايوان وسنغافورة، أما تسمية (الروسي) فلا علاقة لها بروسيا.. بل تستخدم للتضليل، لأنه جرت العادة على أن يكون بلد المنشأ للإكسسوارات دول شرق آسيا.. ولذا اختير لقب (الروسي) تعمدا للتضليل وإبعاد الشبهة». ثم أشار إلى أن ظاهرة الإكسسوار «الروسي» انتشرت بسرعة كبيرة في الدول العربية باستثناء مصر، التي منعت استيراده، ولكن انتشارها في الأردن كان أسرع منه في الدول المجاورة.

من جانبه، قال الصائغ طارق النتشة «باتت القضية الرئيسية لمحلات الصاغة هي انتشار محلات بيع (الذهب الروسي) له نفس الشكل واللون للذهب الأصلي». وأشار إلى تعرض «حتى كثرة من تجار الذهب للاحتيال من قبل سيدات يشترين الذهب الروسي ويدخلن محلات بيع الذهب الأصلي ويأخذن بتقليب البضاعة، وأثناء ذلك يعمدن إلى التبديل خفية».

وعن محلات بيع «الذهب الروسي»، قال النتشة إن معظم المحلات تعمل كمحلات لبيع الإكسسوارات وهي غير مخولة ببيع أي نوع من أنواع الذهب كون أصحابها لا يحملون رخصا لمزاولة مهنة الصاغة.

أخيرا، ثمة أمر لافت في هذا السياق هو وصف بعض الفتيات «الذهب الروسي» بأنه أكثر جمالا بجانب كونه قليل التكلفة في حال تعرضه للتلف أو السرقة. على أن ما يستحق الإشارة حقا هو قول محمد شديد، أحد تجار الذهب المقلد إن «نحو 90% من الناس يقبلون اليوم على شراء الذهب المقلد» كنتيجة مباشرة للغلاء الكبير الذي طرأ على سعر الذهب الأصلي.