«العولمة» تقسم مثقفي السعودية المشاركين في الحوار الوطني

فريق اعتبرها مفهوما لفرض الهيمنة الغربية

TT

بين شد وجذب، حضر مفهوم المواطنة والعولمة بقوة متساوية على طاولة حوار، نظمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، لفتح باب النقاش حول واقع الخطاب الثقافي السعودي، في جلسة التأم حول طاولتها أكثر من 70 شخصا من المفكرين السعوديين من الجنسين.

وافترق الطرفان حول تعريف مفهوم العولمة في الخطاب الثقافي، بين من يراها «مفهوما يعني هيمنة الثقافة الغربية على المنجز الثقافي العربي»، فيما يراها طرفا آخر مواجه للأول «ظاهرة عالمية، تشكل واقعا حتميا يجب الاستفادة منه، مع الحرص على المفاهيم الأساسية، وخصوصية المجتمع المحلي».

وطالب المشاركون بضرورة أن يكون الحوار الوطني بمثابة متسع لتلاقح تنوعات الخطاب الثقافي السعودي، بفئاته وتياراته ومشروعاته الفكرية التي تتمحور حول إطار الشريعة الإسلامية.

وتباينت آراء المشاركين في الحوار الوطني حول مفهوم الخصوصية الخاصة للمجتمع السعودي، باعتبارها لا تعني انغلاقا عن الآخر أو تعاليا عنه، مع تأكيد على تعزيز الهوية الوطنية، المرتكزة على ثوابت الإسلام، مع الانفتاح الواثق على العالم، انفتاحا إيجابيا يستثمر الصالح ويدعمه، ويتوقى الضار ويسهم في دفعه.

ورأى طرف من الأطراف أن تباين الآراء عند طرح موضوع العولمة والاختلاف حولها في الخطاب الثقافي السعودي، يعكس مدى اللبس لدى المثقفين في مفهوم العولمة، فيما يرى الطرف الآخر أنه لا يمكن الحديث عن الخطاب الثقافي السعودي بمعزل عن العولمة والمتغيرات التي أحدثتها في العالم، وأنه يجب أن يدرك المثقفون أنهم ليسوا بمعزل عن العالم، ولذلك فإنه من الضروري الحفاظ على الهوية الثقافية التمسك بها، في ظل تلك المتغيرات.

وتزامنت تلك الآراء مع دعوات للمثقفين السعوديين والفاعلين على الساحة الثقافية السعودية للعمل على تعزيز مفاهيم المواطنة، مع التركيز على إنتاج تطبيقات عملية لتأصيل وترسيخ ذاك المفهوم قيمة وسلوكا.

واعتبر المثقفون السعوديون أن العولمة بصفتها حالة تاريخية يعيشها العالم اليوم بمعطياتها الكثيرة تتضمن تحديات لسائر العالم، وتفتح في المقابل فرصا، تقتضي بأن يكون للمجتمع السعودي بإمكاناته دور في الاستجابة لتحدياتها، وانتهاز فرصها للصالح الوطني، والإسلامي، والإنساني، بالإضافة إلى المساهمة في نشر رسالة المملكة التي تعبر عن وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه.

وأعطى البعض الآخر من المثقفين للأسرة دورا في تشكيل هوية الخطاب الثقافي، وفي الحفاظ على الهوية ومواجهة العولمة، مع الاعتراف بمحاولات البعض استخراج المرأة المسلمة من كينونتها، وبالتالي سلخها عن التوازن المجتمعي، وهو ما يعطي دورا أساسيا للأسرة في الحفاظ على تلك الخصوصية في مواجهة ما سموه «رياح العولمة والتغريب العاتية» للمحافظة على تشكيل خطاب ثقافي مبني على هذا الخصوصية المحلية.

ولم يسدل ستار جلسات الحوار الوطني التي شهدتها العاصمة الرياض على مدى يومين ماضيين، دون ذكر ما شهده قطاع غزة، وهو ما قاد المثقفين السعوديون لإصدار بيان تزامن مع انعقاد جلسات الحوار الوطني، يدعو إلى استنكار ما يجري من أحداث حول قطاع غزة.

وقال المثقفون في بيان صدر أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن المثقفين والمثقفات المجتمعين في الرياض في اللقاء الوطني للحوار الفكري «الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي السعودي» يتابعون بألم شديد ومرارة كبيرة ما يجري من أحداث حول قطاع غزة، ويستنكرون ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من سفك لدماء الأبرياء، الذين آمنوا برسالتهم الإنسانية، وجاءوا يحملون المساعدات لأهالي غزة الذين يعيشون حالة من الحصار والدمار.

ويرى المجتمعون أن مثقفي العالم أجمع مطالبون بوقفة إنسانية أقوى مع الإنسان في غزة، والعمل مع حكوماتهم لإيقاف الظلم ورفع الحصار، وتحقيق العدالة، لشعب ظل يعاني لعقود من العدوان والحرمان من حقوقه الأساسية.