العاصمة المقدسة تحيل آلات كتابة المعاريض إلى التقاعد

بعد نصف قرن من الطرق على قضايا الناس

كتاب المعاريض يقدمون المشورة القانونية والنظامية لأصحاب المعاملات الرسمية («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف الغرفة التجارية الصناعية في العاصمة المقدسة على إنشاء أكشاك مجانية لكتّاب المعاريض (العرضحالجية) في مكة المكرمة، في خطوة لتحسين الصورة النمطية القديمة للمهنة، وتزويدهم بأجهزة تبريد وكومبيوترات مجانية عوضا عن آلات الكتابة التقليدية التي ظلت تصدر أصواتها المألوفة كاتبة قضايا الناس لأكثر من نصف قرن في مكة المكرمة.

وقال طارق عبيد الله نجمي، رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، وعضو مجلس الإدارة إن اللجنة تعكف على دراسة مشروع إنشاء أكشاك لكتاب المعاريض والخطابات الموجودين أمام الدوائر الحكومية، من دون مقابل مادي، مشيرا إلى أن الهدف من هذا المشروع هو تحسين الصورة الجمالية لمواقع كتاب المعاريض في العاصمة المقدسة.

وأضاف نجمي أن الأكشاك سوف تكون مزودة بالإمكانيات كافة التي تكفل لكتاب المعاريض أداء عملهم على أكمل وجه من خلال تزويد تلك الأكشاك بمكيفات تخفف عنهم وطأة حرارة الشمس، التي تصل إلى أوجها في فصل الصيف، بالإضافة إلى تزويد الأكشاك بمكاتب ومقاعد جديدة.

وأبان رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في غرفة مكة، التي تم تكوينها حديثا بهدف نشر ثقافة خدمة المجتمع، أن المسؤولية الاجتماعية أصبحت مفهوما شاملا لمحاولة حل كل المشكلات التي تواجه المجتمع، مدللا على أن اللجنة تهدف من خلال تكوينها وأنشطتها المختلفة لمواجهة الكوارث التي تحدث فجأة، مثمنا دور سيدات الأعمال اللائي يدعمن كل المشاريع الخيرية بمكة المكرمة، بفكرهن ومالهن معربا عن أمله أن توضع آليات العمل للوصول إلى الأهداف المرجوة.

من جهته، تعهد الدكتور أسامة البار أمين العاصمة المقدسة لدى لقائه أمس عددا من أعضاء اللجنة، بتسخير إمكانيات كافة الأمانة لدعم أنشطة اللجنة سواء كان ذلك عبر الإعلان أو إقامة المهرجانات عبر إدارة الخدمات الاجتماعية بأمانة العاصمة.

وأكد أمين العاصمة المقدسة دعمه اللامحدود للجنة المسؤولية الاجتماعية في غرفة مكة، وقال إن العمل الاجتماعي عندما يكون مقننا ومبنيا على الدراسات الموثقة سيجد الدعم والمؤازرة من رجال الأعمال والخيرين كافة في بلاد الحرمين الشريفين، مبينا أن كل الأعمال الخيرية المنتشرة في أصقاع الدنيا كافة يقف خلفها رجال أعمال سعوديون.

ويعد كتاب المعاريض من أكثر الناس خبرة وحنكة في معرفة أنظمة الدوائر الحكومية، لم يكتسبوها من خلال دراسة، ولكن عبر الخبرة والممارسة على مدى أعوام طويلة، ولذلك يأتي إليهم المراجعون لتلك الدوائر الحكومية ليخطوا لهم خطابات موجهة إلى تلك الجهات الرسمية بهدف إنجاز معاملاتهم وفق الأنظمة والاشتراطات التي لا يعرف دهاليزها وخباياها سوى كتاب المعاريض، الذين يعتبر السواد الأعظم منهم من كبار السن الذين عاصروا بوابات تلك الجهات الرسمية على مدى عقود طويلة من الزمن.

يقول ساعد السلمي: «العمل في هذه المهنة يتطلب الإلمام الكامل بطبيعة المعاملات في إدارة الجوازات ومعرفة النظام من جميع جوانبه، وبطبيعة الحال يتطلب إجادة الطباعة على الآلة الكاتبة أو جهاز الحاسب الآلي». وتابع السلمي حديثه: «العمل يتلخص في تسهيل معاملات المراجعين مقابل مبالغ» يصفها بـ«الرمزية»، مقارنة بالجهد التي يبذلونه وجلوسهم لساعات طويلة تحت أشعة الشمس.

ويستعين المراجعون بكتاب المعاريض في عمل الاستمارات الخاصة بالمعاملات وكتابتها وتعديل المعلومات والأسماء والمهن، إضافة لخدمة سداد الرسوم، كرسوم المخالفات المرورية ورسوم تجديد الإقامة والخروج والعودة والكفالات ورسوم الجوازات للسعوديين. وعلى الرغم من إصرار كتاب المعاريض على مزاولة عملهم في هذا الموقع ومنهم من له في هذه المهنة أكثر من عشر سنوات، فإنهم ما زالوا يبحثون عن الاستقرار الوظيفي واعتماد عملهم رسميا وبتصاريح خاصة.