تركيا تشترط على إسرائيل إنهاء حصار غزة كي تعود علاقاتهما إلى طبيعتها

داود أوغلو: حان الوقت لأن يحل الهدوء محل الغضب

TT

اشترطت تركيا على إسرائيل رفع الحصار الذي تفرضه على غزة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، لكنها أضافت أنه «حان الوقت لأن يحل الهدوء محل الغضب»، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قافلة سفن مساعدات لغزة مدعومة من تركيا، حسب ما ذكرته وكالة «رويترز».

وقال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، في مؤتمر صحافي في أنقرة، إثر عودته من الولايات المتحدة: «مستقبل العلاقات مع إسرائيل يعتمد على موقف إسرائيل». وزاد قائلا: «إنني لا أرى سببا لعدم عودة العلاقات إلى طبيعتها بمجرد رفع الحصار عن غزة والإفراج عن مواطنينا».

وألغت تركيا مناورات عسكرية مشتركة، واستدعت سفيرها من إسرائيل بعد الهجوم على «أسطول الحرية». وأصدر برلمان تركيا المنقسم عادة بالإجماع أمس قرارا غير ملزم يدعو إلى مراجعة العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع إسرائيل.

وقال أوغلو إنه تم التعرف على ثلاثة أتراك من بين تسعة نشطين قتلوا عندما اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية سفنا تحاول نقل مساعدات إلى غزة. وكان ناشط رابع يحمل بطاقة ائتمان تركية لكن جنسيته لم تتأكد.

وكان أوغلو يتحدث في الوقت الذي استعدت فيه البحرية الإسرائيلية لاعتراض سفينة مساعدات أخرى هي السفينة «ريتشل كوري» التي يتوقع أن تصل إلى النقطة التي شهدت حادث اعتراض القافلة، مساء الجمعة أو صباح السبت. وتحدث أوغلو مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس لبحث الأزمة الدبلوماسية وكان يزور نيويورك في اليوم السابق لحضور اجتماع لمجلس الأمن دعت لعقده تركيا لإصدار قرار يندد بالأعمال الإسرائيلية.

وكان منتظرا أمس عودة مئات الناشطين الأتراك من إسرائيل بعد إرسال طائرات مدنية وعسكرية لنقلهم. وقال أوغلو: «أبلغت السيدة كلينتون هاتفيا أننا سنعيد النظر في كل العلاقات مع إسرائيل إذا لم يفرج عن مواطنينا خلال 24 ساعة، أي بحلول هذه الليلة (أمس)»، لكنه أشار إلى أن اثنين منهم أصيبا بجروح شديدة تمنعهما من السفر. وتواجه واشنطن مهمة حساسة في التصدي للأزمة بين حليفين ساعدت الصداقة بينهما الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط.

ودعا أوغلو الأمم المتحدة إلى التحقيق في الحادث وانتقد بشدة احتمالات إجراء تحقيق إسرائيلي. وقال: «نحن نريد تحقيقا تفصيليا تجريه الأمم المتحدة في أعمال دولة إسرائيل المارقة»، وأضاف متسائلا: «ما الذي يمكن توقعه من تحقيق تجريه دولة في وضع المتهم جنائيا. إنها أفعال إسرائيل التي تحتاج إلى التحقيق فيها».

وتحولت تركيا التي كانت حليفا وثيقا لإسرائيل إلى منتقد شديد بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2008. لكن مقتل أتراك على متن السفينة التي ترفع العلم التركي في المياه الدولية دفع بالعلاقات إلى شفا الانهيار. واكتسب أردوغان شعبية كبيرة في العالم الإسلامي بسبب انتقاده الجريء للسياسات الإسرائيلية بشأن الفلسطينيين.

وتنظم احتجاجات أمام البعثتين الإسرائيليتين في أنقرة وإسطنبول منذ يوم الاثنين.

وقال أوغلو: «حان الوقت كي يحل الهدوء محل الغضب في الرد على إسرائيل. ينبغي أن يتجنب الناس السلوك الانفعالي». وأضاف: «سلامة أسر الدبلوماسيين الإسرائيليين والسياح الإسرائيليين واليهود الأتراك مسألة تتعلق بشرف أمتنا وسنضمن سلامتهم».

إلى ذلك، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية العامة أمس نقل جميع المعتقلين المتبقين من متضامني قافلة سفن «أسطول الحرية»، وعددهم نحو 630 متضامنا، تمهيدا لإبعادهم إلى تركيا، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية. وذكرت الإذاعة أن عملية الإبعاد ستستمر حتى الساعات القليلة المقبلة (أمس)، على أن يتم إبعاد أربعة لبنانيين ممن كانوا على متن سفن الأسطول إلى بلادهم مساء اليوم (أمس) عن طريق معبر «روش هانيكرا» بين إسرائيل ولبنان.

وكان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن الليلة قبل الماضية في بيان عن قرار الحكومة طرد ركاب «أسطول الحرية» كافة في غضون 48 ساعة، على الرغم من معارضة وزير العدل، الذي طالب بمحاكمة بعضهم بدعوى «الاعتداء» على القوات الإسرائيلية. وكانت البحرية الإسرائيلية اعتقلت هؤلاء بعد استيلائها بالقوة على سفن الأسطول ومنعها من التوجه إلى قطاع غزة. وقال مسؤولون أتراك أمس إنهم ما زالوا ينتظرون إحصاء نهائيا لعدد مواطنيهم الذين أصيبوا أو قتلوا في الهجوم الإسرائيلي. وعاد حتى الآن 20 تركيا مصابا إلى بلادهم، ولكن المسؤولين قالوا إنهم ينتظرون معرفة عدد المصابين الآخرين الباقين في إسرائيل. ومن بين الضحايا التسعة الذين قتلوا في الهجوم، حددت هوية أربعة منهم حتى الآن كأتراك. ولكن مسؤولي تركيا لم يتمكنوا من إعلان أسمائهم.

من جهتها، بدأت إسرائيل في إعادة عائلات طاقمها الدبلوماسي في أنقرة، حسبما أعلنت الإذاعة الإسرائيلية العامة أمس، وأضافت الإذاعة نقلا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته أن هذا الإجراء يشمل نحو خمسين شخصا مرتبطين بالعاملين في قنصلية وسفارة إسرائيل في أنقرة. وتابعت الإذاعة نقلا عن المصدر نفسه أنه ليس من الوارد حاليا قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتعمل مئات الشركات الإسرائيلية في تركيا وبلغ حجم التبادلات الثنائية عام 2009 أكثر من 5 مليارات دولار.