واشنطن تحاول تهدئة الغضب التركي من الاعتداء الإسرائيلي

ميتشل يزور المنطقة وسط تأكيد أميركي على مواصلة المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين

أحد نشطاء قافلة المساعدات الذين احتجزتهم اسرائيل بعد وصوله إلى الاردن أمس (رويترز)
TT

تحاول الإدارة الأميركية تهدئة الغضب التركي من الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية في المياه الدولية، في وقت تقدم فيه دعمها لإسرائيل وتشدد على علاقتها الوثيقة بها. وبقي الموقف الأميركي حذرا خلال اليومين الماضيين، في وقت تنتظر فيه واشنطن تداعيات الأزمة التي تنذر بالمزيد من التعقيد لجهود إحياء محادثات السلام التي يشدد مسؤولون أميركيون على أنها متواصلة.

واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الليلة قبل الماضية، مقدما تعازيه «العميقة» لضحايا العدوان الإسرائيلي على السفينة التركية. وأكد أوباما الموقف الأميركي الداعم لـ«تحقيق ذي مصداقية وغير متحيز وشفاف حول حقائق هذه المأساة»، مطالبا في الوقت نفسه بـ«أهمية وجود طرق أفضل لتزويد المساعدة الإنسانية لشعب غزة من دون إضعاف أمن إسرائيل».

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «تركيا وإسرائيل هما صديقان حميمان للولايات المتحدة، ونحن نتعامل مع الطرفين لمعالجة عواقب هذه الحادثة المأساوية». والتقت كلينتون بنظيرها التركي أحمد داود أوغلو قبل اتصال أوباما بأردوغان. وتم تمديد اللقاء إلى ساعتين لبحث المستجدات حول أسطول الحرية.

وزار مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيم جونز، أوغلو الذي انتقد الموقف الأميركي من الاعتداء، قائلا «نحن نتوقع تضامنا كاملا معنا، يجب ألا يظهر الوضع على أنه خيار بين تركيا وإسرائيل، إنه خيار بين الصواب والخطأ، بين الشرعي وغير الشرعي».

وتحاول الولايات المتحدة إبقاء تصريحاتها حول الاعتداء الإسرائيلي ضمن الإطار «الدولي». وردا على أسئلة الصحافيين حول الموقف الأميركي من «أسطول الحرية» كرر غيبس بيان مجلس الأمن حول «الأسف لخسارة الحياة والجرحى»، قائلا إن «المجلس يندد بالأفعال التي أدت إلى وفاة 10 مدنيين على الأقل والكثير من الجرحى». وبعد تكرار السؤال حول موقف أوباما، قال غيبس إن الموقف «ليس مدعوما فقط من الولايات المتحدة بل المجتمع الدولي».

إلا أن البيت الأبيض يرفض دعم المطالبات الدولية برفع الحصار على غزة، وهو موقف تلتزم الولايات المتحدة به. وقال غيبس «مثلما قلنا في السابق، نحن قلقون من الوضع الإنساني في غزة، ونواصل العمل مع الإسرائيليين والشركاء الدوليين لتحسين الأوضاع»، رافضا التصريح بمطالبة رفع الحصار. وأضاف غيبس «من المفيد الفهم أن هذا الحصار من أجل عدم السماح بوصول السلاح لأيدي حماس».

وبينما يخطو البيت الأبيض خطوات حذرة في الحديث عن هذا الاعتداء، عبر عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأميركيين عن دعمهم لإسرائيل. وقال عضو مجلس النواب عن نيويورك أنتوني يونر لصحيفة «واشنطن بوست»: «أي شيء تقوم به إسرائيل يؤدي إلى احتجاج دولي.. هذا الجهد كله كان من أجل خلق احتجاج دولي».

واعتبرت المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي سارة بالين أن «القافلة لم تكن حول تقديم الدعم الإنساني مثلما تقول وسائل الإعلام العامة الليبرالية، بل العملية كلها كانت مصممة لاستفزاز إسرائيل». واعتبر عضو الكونغرس الديمقراطي غاري اكرمان في تصريح لـ«بوليتيكو» أن حماس «هم المجرمون الحقيقيون في هذه الدراما».

ورغم ذلك تحاول واشنطن عدم الإدلاء بتصريحات ضد حماس في الوقت الراهن، مع تركيزها على إرضاء الإسرائيليين والأتراك في آن واحد. فبينما اتصل أوباما مرة بأردوغان أول من أمس، اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 3 مرات. وبينما أعرب أوباما لأردوغان عن اهتمام الولايات المتحدة بتحقيق السلام الشامل للمنطقة والتزام الولايات المتحدة بتأسيس دول فلسطينية قابلة للحياة، فإن الواقع هو أن جهود السلام تعقدت مجددا مع الاعتداء الإسرائيلي الأخير.

وتتوقع واشنطن أن تتواصل المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن من غير المعروف متى. وقال غيبس إن المحادثات ستستمر خاصة أنه «الآن أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة لخطة سلام شامل في الشرق الأوسط».

وبينما من المرتقب أن يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى واشنطن الأسبوع المقبل ليلتقي مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض يوم 9 يونيو (حزيران)، وكان من المرتقب أن يلتقي أوباما بنتنياهو أولا لإعطاء صورة من التوافق الأميركي - الإسرائيلي قبل لقائه عباس. فإن نتنياهو ألغى اللقاء بعد الاعتداء. وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن الدعوة ما زالت قائمة لنتنياهو، لكن تحديد الموعد الجديد لم يتم بعد، مضيفا أنه من المتوقع أن يتم اللقاء قريبا.

ويقود المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل الوفد الأميركي المشارك في مؤتمر الاستثمار الفلسطيني في بيت لحم. ومن المرتقب أن يتناول ميتشل إمكانية مواصلة المحادثات غير المباشرة، لكن من غير الواضح إذا كان سيحاول عقد جولة جديدة من المحادثات بين الطرفين أم لا.