أبو مازن في باريس غدا.. وفرنسا تسعى مع أوروبا لبلورة آليات لتخفيف الحصار

أكد بعد لقاء كلينتون أهمية فك الحصار عن غزة وتحقيق السلام والتحقيق في اعتداء «مرمرة»

TT

تنتقل ملفات الشرق الأوسط الرئيسية.. الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والعراق ولبنان، ابتداء من غد إلى العاصمة الفرنسية التي ستستقبل مجموعة من زعماء المنطقة، في الوقت الذي تتأهب فيه الدبلوماسية الفرنسية لطرح سلة من الأفكار في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المزمع بعد غد في لوكسمبورغ بهدف تخفيف الحصار عن غزة وتسهيل وصول مزيد من السلع والبضائع إليها فضلا عن موضوع التحقيق الدولي الذي تطالب به الأسرة الدولية بعد الاعتداء الإسرائيلي على «قافلة الحرية» في المياه الدولية وفق بيان مجلس الأمن.

وسيصل إلى باريس الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والبطريرك الماروني نصر الله صفير ومسعود بارزاني، رئيس منطقة كردستان العراقية الرسمية.

ويلتقي أبو مازن الذي يصل باريس غدا قادما من واشنطن، وزير الخارجية برنار كوشنير مساء في إطار عشاء عمل، وغداء على مائدة الرئيس نيكولا ساركوزي اليوم التالي، ولقاءات سياسية أخرى. وسيكون موضوع غزة والمحادثات غير المباشرة والوضع الفلسطيني الداخلي على جدول مباحثات أبو مازن.

وفي الوقت عينه، يصل إلى باريس وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في زيارة لم يعلن عنها رسميا وستتركز على المواضيع نفسها. ولم يعرف ما إذا كان الجانب الفرنسي سيسعى إلى جمع أبو مازن وباراك.

ويرتدي توقيت الزيارتين أهمية كبيرة إذ إن باريس ومعها مدريد ولندن والاتحاد الأوروبي بشكل عام تريد الإسراع في طرح مجموعة من الأفكار في اجتماع لوكسمبورغ لتخفيف الحصار المفروض على غزة. غير أن الأفكار الأولى التي طرحها كوشنير متمثلة بقيام قوة بحرية أوروبية بتفتيش السفن المتجهة إلى غزة في ميناء قبرصي وعودة المراقبين الأوروبيين إلى معبر رفح، لم تلق تجاوبا لا من إسرائيل ولا من مصر وفق ما أعلنه كوشنير من كندا قبل 3 أيام. وفي رسالة مفتوحة مشتركة صادرة عن وزراء خارجية فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، نشرت في 3 صحف أوروبية، يدعو الوزراء الثلاثة إلى تنفيذ القرار 1860 بحذافيره باعتبار أن الوضع الحالي في غزة «لم يعد ممكنا الاستمرار فيه. ويتعين توفير الاحتياجات الإنسانية للغزاويين وتجفيف اقتصاد التهريب عبر الأنفاق وإيجاد ضمانات بمنع تكاثر تهريب السلاح ووصول مجموعات إرهابية إلى غزة».

ويدعو الوزراء الثلاثة إسرائيل إلى وضع لائحة للسلع الممنوع إيصالها إلى غزة بحيث تكون كل السلع غير المنصوص عليها مسموحة. كما يقترحون إعادة نشر قوة الرقابة الأوروبية على معبر رفح ومدها إلى معبر كارني (المنطار) على أن يتولى الاتحاد الأوروبي تمويل ودعم عمليات التفتيش.

وبموازاة ذلك، عاد الثلاثة إلى المقترح الفرنسي بتولي فرق أوروبية تفتيش البواخر المتجهة إلى غزة في قبرص. وقام الثلاثة بإعداد ورقة عمل تتضمن هذه الأفكار ستطرح على الوزراء الأوروبيين في لوكسمبورغ لأخذ موافقتهم. غير أن مصادر فرنسية أفادت بأن كل ما يقترحه الأوروبيون مرهون بما ستقبل به إسرائيل. وقالت الخارجية الفرنسية إن اتصالات مكثفة تجري في الوقت الحاضر بين الأوروبيين من جهة وبين السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة التي لم تعلن بعد موقفا بهذا الصدد. وتصر باريس على طرح ما يمكن من الأفكار في حال رفضت ورقة العمل المشتركة لأن نظام الحصار المعمول به حاليا لم يعد مقبولا.

أما بخصوص التحقيق في الاعتداء الإسرائيلي على السفينة مرمرة، فإن الوزراء الثلاثة يدعون إلى أن يكون «متوافقا مع المعايير الدولية». غير أنهم لا يستعيدون فكرة أن يكون دوليا بل يرون أنه «سيكون له بالضرورة بعد دولي» باعتبار أن الضحايا الذين سقطوا أتراك وأميركيون.

وكان أبو مازن قد اختتم زيارته لواشنطن أمس بلقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وشدد عباس مجددا بعد انتهاء اللقاء على أهمية فك الحصار عن غزة. وبحث عباس مع كلينتون إمكانية تحقيق السلام ورفع الحصار ولجنة التحقيق في الاعتداء الإسرائيلي على «أسطول الحرية». وقال: «هناك حديث الآن ما بيننا وبينهم من أجل عمل اللازم لفك الحصار على غزة، بمعنى فتح جميع المعابر وكل شيء». وحول فرص السلام، أكد عباس أن التركيز الآن حول المرحلة الأولى وهي تحديد الحدود وبسط الأمن، قائلا: «نحن نعمل بجدية كاملة لإنهاء المرحلة الأولى حول الحدود والأمن».

يذكر أن زيارة عباس لواشنطن استمرت 3 أيام وشملت لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ومسؤولين في الإدارة الأميركية بالإضافة إلى لقاء مع قيادات الكونغرس والمؤسسات الفكرية في واشنطن وزعماء اليهود. وكانت ندوة أبو مازن في معهد «بروكينغز» الأولى من نوعها للرئيس الفلسطيني وحضرها دبلوماسيون وإعلاميون كثر. واهتمت وسائل الإعلام الأميركية بزيارة عباس، خاصة عشاءه مع عدد من قادة المنظمات اليهودية والمفكرين المقربين من المنظمات اليهودية ليل الأربعاء. واعتبرت صحيفة «بوليتيكو» النافذة في واشنطن أن عباس قاد حملة مراكز النفوذ بأهمية السلام والعمل على تحقيقه.

وكتب رئيس منظمة «جي ستريت» المؤيدة للسلام أمس أن أبو مازن شريك للسلام، مضيفا في مقال رأي أن «على المنظمات الأميركية اليهودية الكف عن البحث عن أخطاء في القيادة الفلسطينية الحالية والإقرار بأنه قد لا يكون شريكا أفضل». وتابع: «من مصلحة إسرائيل وأصدقائها ضمان عدم ضياع هذه الفرصة والقيام بما يمكننا من أجل تقويته وتقوية فرص نجاحه». ويذكر أن الرئيس الفلسطيني حذر خلال زيارته إلى واشنطن من أن فرص السلام وحل الدولتين أخذت «تتآكل»، مطالبا الولايات المتحدة والجهات المهتمة بالسلام بالتعامل بجدية مع القضية والضغط على الحكومة الإسرائيلية بإجراء مفاوضات جدية من أجل إحلال السلام.

وتركز لقاء عباس بكلينتون على فك الحصار عن غزة. وأفاد مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» بأن كلينتون وعباس «اتفاقا في أنه لا يوجد حل عسكري للوضع في غزة وأنه يمكن مواصلة الترتيبات الحالية ويجب تغييرها». وأضاف المسؤول أن «الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية سيكونان جوهريين في جهود المجتمع الدولي للرد على الاحتياجات في غزة». وشدد المسؤول على أن هناك حاجة لـ«طريقة أفضل» لمعالجة الأوضاع في غزة ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار «قلق إسرائيل الأمني».

ومن جهة أخرى، أفاد المسؤول الأميركي بأن المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل سيعود إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة لمواصلة المحادثات غير المباشرة، مضيفا: «نحن نشيد بالرئيس عباس لالتزامه العميق لوضع مسار أفضل لشعبه». وبحث عباس مع كلينتون أيضا مشروع السلطة الفلسطينية لبناء المؤسسات الفلسطينية والاقتصاد المحلي من أجل الإعداد لدولة فلسطينية مستقبلية، وأكد المسؤول الأميركي أن «الولايات المتحدة تدعم ذلك بقوة».