تفاقم الخلافات داخل قطاع المهندسين في المغرب

الحكومة تدافع عن موقفها بالحوار مع إحدى النقابتين المتنازعتين

TT

تفاقمت الخلافات داخل قطاع المهندسين المغاربة، ووجدت الحكومة نفسها طرفا في هذه الخلافات، بعد أن تبادلت نقابتان الاتهامات حول من يمثل المهندسين، في وقت خاضت فيها النقابتان في أوقات متفرقة إضرابات عن العمل، كان آخرها إضراب نظمتها إحدى النقابتين قبل يومين على الصعيد الوطني.

وتتنازع نقابة «الاتحاد الوطني للمهندسين» مع «النقابة الوطنية للمهندسين» تمثيلية المهندسين. وتتهم النقابة الثانية الحكومة بمحاباة «الاتحاد الوطني للمهندسين»، بيد أن مسؤولا حكوميا دحض هذه الاتهامات. وقال «الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة» إنه الجهة الوحيدة التي تمثل شريحة واسعة من المهندسين والمعنية بالحوار مع الحكومة.

وكانت النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة خاضت سلسلة إضرابات، وقامت بحركات احتجاجية في إطار ما أطلقت عليه «أسبوع الغضب». وحمل مجموعة من المهندسين شارات احتجاج، كما شاركوا في وقفات احتجاجية في كل من مراكش والدار البيضاء وفاس وطنجة، وخاضوا إضرابا، احتجاجا على ما اعتبروه «رفضا حكوميا لمطالبهم، وتعامل الحكومة مع طرف واحد تعتبره الممثل الشرعي للمهندسين».

وقال بيان للنقابة الوطنية للمهندسين إنها «تندد بالمماطلة الحكومية من خلال تعاملها مع مطالب المهندسين، كما تحمل الوزير الأول (رئيس الوزراء) المسؤولية عن تداعيات رفضه الحوار مع النقابة». وندد البيان في الوقت نفسه بالطريقة التي يتم بها تحضير «مناظرة وطنية حول الهندسة» من المفترض تنظيمها أواخر الشهر الحالي. ودعا البيان البرلمان بغرفتيه إلى التدخل لمعالجة مشكلات القطاع الهندسي «أمام عجز الحكومة في إيجاد حلول للمشكلات التي يعرفها القطاع، والتدخل لوضع حد لتمادي بعض الأحزاب في استغلال القضايا الهندسية لخدمة مصالحها الضيقة»، على حد قول البيان.

وقال ربيع الخمليشي، رئيس اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للمهندسين، إن دخول المهندسين في «أسبوع غضب» جاء ردا على «حملة تشنها عدة أطراف وعلى رأسها الحكومة ضد النقابة» على حد قوله. وأوضح الخمليشي لـ«الشرق الأوسط» أن أطرافا نقابية أصبحت تهيمن على العمل النقابي، وليس في صالحها أن تنافسها نقابات جديدة. وانتقد الخمليشي في الوقت نفسه حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي المشاركين في الحكومة، وقال إنهما يقودان هذه الحملة لأن أغلب مهندسيهما يهيمنون على الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة. وقال إن الحزبين يتحملان «مسؤولية الجمود والفراغ الذي عرفته الساحة النقابية للمهندسين منذ أن سيطروا على قيادة النقابة في المؤتمر الذي انعقد عام 1994». وأوضح الخمليشي أن هذا الجمود في عمل الاتحاد دفع بعدد من جمعيات المهندسين إلى تأسيس تحالف بينها قاد إلى تأسيس النقابة الوطنية للمهندسين في عام 2007، مشيرا إلى أنه بعد تأسيس النقابة الجديدة، عقد الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة مؤتمره في السنة الموالية، وانتخب رئيسا من الاتحاد الاشتراكي ونائبه من حزب الاستقلال، على الرغم من هيمنة مهندسي «جماعة العدل والإحسان» المحظورة، وحزب «النهج الديمقراطي» اليساري على الاتحاد.

بيد أن عبد الله السعيدي، رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، قال إن حوار الحكومة مع نقابتهم أمر طبيعي، لأنها تأسست عام 1971 ولها تمثيلية واضحة. وأضاف السعيدي لـ«الشرق الأوسط» أن الإضراب الذي شنه الاتحاد مؤخرا حقق نجاحا كبيرا كما أفادت الأرقام الحكومية، إذ بلغ 90 في المائة في القطاع العام، في حين عجزت النقابة الوطنية للمهندسين عن تحقيق هذا الرقم في إضراباتها. وأشار السعيدي إلى أن بعض القياديين في النقابة الوطنية للمهندسين حضروا كأعضاء في المؤتمر الأخير للاتحاد ثم انسحبوا لاحقا، مستغربا، كيف يضعون رجلا في الاتحاد ورجلا أخرى في النقابة الوطنية؟. وأقر السعيدي بأن الاتحاد عرف جمودا خلال سنوات ماضية، لكنه أشار إلى أن تأسيس النقابة لم يكن رد فعل على هذا الجمود، بل جاء بعد أن استعاد الاتحاد عافيته ونشاطه.

من جهته، قال خالد الناصري، وزير الإعلام، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تتحاور مع من يبدو مؤهلا ليكون ناطقا باسم جهة معينة لها مطالب، متسائلا هل ينتظر من الحكومة أن تجلس مع حشد من المهندسين؟.. مضيفا «هذا عبث، ولا أعتقد أن هناك عاقلا يمكن أن يطالب الحكومة بالقيام بذلك». وأضاف الناصري أن الحكومة تحاور أي طرف تتوافر فيه مواصفات معينة، وقال إن الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة تتوافر فيه هذه الموصفات، مشيرا إلى أنه إذا برزت جهات أخرى لها تمثيلية ستتحاور معها الحكومة.