قرغيزستان: توسع الاضطرابات يدفع الحكومة للاستنجاد بروسيا

ارتفاع عدد القتلى إلى 63.. والاتحاد الأوروبي يعتزم إرسال مبعوثه

TT

طلبت قرغيزستان من روسيا أمس المساعدة، لوقف الصراع العرقي الذي اندلع في ثاني كبرى مدن البلاد أول من أمس، مخلفا 63 قتيلا على الأقل وأكثر من 800 جريح، في أسوأ أعمال عنف تشهدها البلاد منذ الإطاحة بالرئيس في أبريل (نيسان) الماضي.

وفيما توسعت الاضطرابات وانتقلت إلى العاصمة، قالت الحكومة المؤقتة إنها عاجزة عن منع العصابات المسلحة من إحراق المنازل والشركات التابعة للأوزبك في مدينة أوش. وقالت رئيسة الحكومة المؤقتة روزا أوتونباييفا للصحافيين «نحتاج تدخل قوات مسلحة خارجية لتهدئة الوضع. لقد ناشدنا روسيا المساعدة، ووقعت بالفعل مثل هذا الخطاب للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف».

وكشف الجهاز الصحافي للحكومة الروسية عن اتصال هاتفي جرى بين رئيس الحكومة فلاديمير بوتين وأوتونباييفا في وقت متأخر من مساء أول من أمس، تناول تطورات الإحداث في قرغيزستان، واحتمالات استجابة موسكو لما تطلبه الحكومة القرغيزية المؤقتة. وقالت مصادر روسية إن موسكو رفضت تدخل أي من وحداتها العسكرية الموجودة في قاعدتها العسكرية في قانت على مقربة من العاصمة بشكيك في الأحداث الجارية هناك.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيرسل ممثله الخاص إلى وسط آسيا بيير موريل. ورد متحدث باسم الاتحاد الأوروبي على سؤال بشأن مساعدة روسيا المحتملة قائلا «سنرحب بأي جهد من واحد من شركائنا الدوليين للمساعدة في الموقف في قرغيزستان». وقالت أوتونباييفا إن أوش تواجه أيضا أزمة إنسانية لأن الطعام ينفد. وذكرت أن حكومتها قررت فتح الحدود إلى أوزبكستان للسماح بفرار الأوزبك رغم أنه لم يتضح بعد من يسيطر على الحدود. واتهمت أوتونباييفا أنصار باقييف بتأجيج العنف لعرقلة خطط حكومتها بشأن إجراء استفتاء وطني يوم في 27 يونيو (حزيران) الحالي للتصويت على إجراء تعديلات في الدستور. وقالت «هذا الحدث يظهر أن الحملة من جانب هؤلاء الناس للعودة إلى الوراء كبيرة للغاية».

وسارعت السلطات القرغيزية إلى دعوة الضباط ورجال الشرطة وأفراد القوات المسلحة المتقاعدين للعودة إلى العمل، للمساعدة في إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق الجنوبية في البلاد.

ومن جانبه، ناشد عظيم بك بيكنازاروف، نائب رئيس الحكومة القرغيزية المؤقتة، المتقاعدين من العاملين السابقين في أجهزة الأمن والمخابرات ووزارتي الداخلية والدفاع أن يهبوا لدعم جهود الحكومة في فرض الأمن والاستقرار في قرغيزستان التي قال إنها تمر بظروف مأساوية جدا.

وكانت الحكومة أعلنت فرض حالة الطوارئ وحظر التجول بعد اندلاع الشغب في أوش والمناطق المجاورة، فيما أرسلت المزيد من المدرعات والوحدات الإضافية من القوات المسلحة للمساعدة في وقف الاشتباكات بين ممثلي مختلف القوميات، لا سيما بين القرغيز والأوزبك، مما دعا الكثيرين منهم يفرون إلى المناطق الحدودية المتاخمة لأوزبكستان. وقالت المصادر القرغيزية إنه من المقرر أن توفد العاصمة إلى أوش زهاء 300 من الضباط المتقاعدين. وأشارت إلى تجمع ما يقرب من الألف من أبناء العاصمة في قلب المدينة مطالبين بتوفير وسائل النقل من أجل السفر إلى أوش لنجدة القرغيز في مواجهة الأوزبك، فيما نجحت قوات الشرطة في تفرقة المتظاهرين والحيلولة دون وصولهم إلى مساكن المواطنين من أصول أوزبكية في بشكيك بعد أن نجحوا في اختطاف عدد من الباصات والسيارات واخترق عدد منهم مبنى الإذاعة والتلفزيون. غير أن مصادر أخرى أشارت إلى استمرار أعمال الشغب في العاصمة حتى صباح أمس.

وقد شغلت هذه الأحداث المشاركين في قمة رؤساء بلدان مجموعة شنغهاي التي اختتمت أعمالها في طشقند بإصدار بيان أعربوا فيه عن قلقهم تجاه توتر الأوضاع في قرغيزستان، فيما أكدوا عزمهم تقديم مختلف أشكال الدعم إلى السلطات هناك. وأكد الرئيس الروسي اهتمام بلاده بضرورة تقديم الدعم اللازم من أجل تجاوز قرغيزستان لمرحلة المصادمات الداخلية وهي التي تعاني من جراء عجز السلطات المحلية عن حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الموروثة.

وقال ميدفيديف إن بلاده معنية بخروج قرغيزستان من الأزمة الراهنة وسرعة تشكيل هيئاتها للسلطة على نحو يكفل إيجاد لحلول لأزماتها الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن قرغيزستان أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة شنغهاي فيما هي حليفة لروسيا وشريكتها المقربة على حد تعبيره. وكشفت مصادر عسكرية عن استحالة أي تدخل عسكري من جانب قوات الانتشار السريع التابعة لمعاهدة الأمن الجماعي في قرغيزستان، مشيرة إلى أن ميثاق المنظمة لا يسمح بذلك إلا في حال اختراق أحد أعضاء المنظمة لحدود دولة أخرى تتمتع بعضوية هذه المنظمة.