عشاق كرة القدم في مقديشو لا يتابعون مباريات كأس العالم بسبب حظر الإسلاميين

بعضهم يخاطر بحياته من أجل مشاهدة المباريات في مناطق خاضعة للحكومة رغم مخاوف بقصفها

TT

بعد أن طال انتظار أول مونديال لكأس العالم تستضيفه القارة الأفريقية، وهو الحدث الذي يهتم بمتابعة مجريات أحداثه الأفريقيون بشكل خاص باعتبار أنه الأول من نوعه الذي يجري في قارتهم، فإن كثيرا من مشجعي مباريات كرة القدم في العاصمة الصومالية مقديشو، التي تشهد معارك دموية شبه يومية، لم يتمكنوا من متابعة المونديال بسبب حظر المسلحين الإسلاميين مشاهدته في المناطق التي يسيطرون عليها.

وعلى الرغم من أن كأس العالم حدث كبير يحظى بتغطية إعلامية مكثفة في عدد كبير من بلاد العالم، فإنه لا توجد في الصومال قنوات محلية تبث هذا الحدث الرياضي، كما أنه لا توجد في مقديشو قاعات الفيديو العامة لعرض المباريات، كما أن دور السينما أغلقت أبوابها في المناطق الخاضعة للفصائل الإسلامية، مما جعل مشجعي كرة القدم وبخاصة الشبان في حيرة شديدة، حيث لم يجدوا مكانا لمتابعة المنافسات هذه المرة.

ومع ذلك يخاطر الكثير من مشجعي الكرة خاصة الشبان بحياتهم لمشاهدة مجريات المباريات، في دور سينما وقاعات فيديو عامة، تخضع للحكومة، حيث تفتح السينما أبوابها هناك، على الرغم من المخاوف الكبيرة من التعرض لتفجيرات من قبل مسلحين.

ولا يزال البعض من مشجعي كرة القدم في مقديشو مصرين على فعل أي شيء يمكن فعله لمشاهدة مباريات كأس العالم. ولجأ البعض إلى تركيب وصلات الأقمار الصناعية في منازلهم، مهما كان الثمن باهظا، ورغم المخاطر المحفوفة بها، لكن العدد الذي يستطيع تحمل تكاليف ذلك ضئيل جدا، وكان ذلك سبب توجه الكثير من مشجعي الكرة إلى دور السينما وإلى المقاهي الشعبية لمشاهدة المباريات في الفترة الماضية.

وواجهت تلك القلة التي استطاعت تحمل تكاليف تركيب وصلات الأقمار الصناعية في منازلهم مشكلة أخرى، وهي مشكلة الكهرباء، في وقت يعد فيه الحصول على مولدات الطاقة الكهربائية أو شراؤها من الأسواق أمرا في غاية الصعوبة بالنسبة للكثيرين، بسبب أسعارها المرتفعة، مما يجعل متابعة المباريات أمرا صعبا للغاية.

وتحدث عدد من مشجعي كرة القدم في مقديشو لـ«الشرق الأوسط» أمس، وقال أحمد (24 عاما) وكان أحد مرتادي صالات دور السينما قبل إغلاقها بسبب أوامر الإسلاميين، وأحد مشجعي كرة القدم «هذا المونديال لعام 2010 في جنوب أفريقيا يحظى باهتمام خاص بالنسبة لكثير من محبي الكرة، باعتبار أنه الأول من نوعه الذي تستضيفه القارة الأفريقية؛ لذا كنا نهتم بمتابعة مجريات أحداثه، لكن المشكلة أن الحركات الإسلامية منعتنا من مشاهدة مباريات كأس العالم في الأماكن العامة مثل دور السينما». وأضاف أحمد «لكن طبعا ليس بإمكانهم منعنا من مشاهدة المباريات في منازلنا».

أما أحمد جوري (28 عاما) فقال لـ«الشرق الأوسط» وهو يشتري قميصا رياضيا يعود للمنتخب الجزائري «أنا انتقلت من منزلي في حي هوري وا بشمال مقديشو الذي يسيطر عليه المسلحون الإسلاميون، إلى منزل لأحد أصدقائي في حي بولو حوبي، جنوب مقديشو، وهو من بين المناطق التي تديرها الحكومة، لمشاهدة مباريات كأس العالم فقط». وعن المنتخب الذي يشجعه قال جوري «طبعا المنتخب الجزائري هو ممثل العرب في المونديال. لا أعتقد أنه سيحقق إنجازات كبيرة، لأن القرعة وضعته ضمن مجموعة قوية؛ لكنني أشجعه فقط لأنه الفريق العربي الوحيد في المونديال».

أما عبد الله أحمد (26 عاما) وكان أحد مرتادي دور السينما، فتحدث عن تأثير إغلاق دور السينما بالنسبة له فقال «الحظر الذي يفرضه المقاتلون الإسلاميون ضد دور السينما يمثل ضربة، ليس فقط لي، بل بالنسبة لعشاق كرة القدم، نحن لا نستطيع تحمل تكاليف تركيب وصلات الأقمار الصناعية في منازلنا، بسبب ارتفاع أسعارها، ونحن حريصون على متابعة أحداث كأس العالم، لذا اضطرنا إلى الانتقال إلى المنطقة الخاضعة للحكومة ففيها تعمل دور السينما».

وفي مثل هذه المناسبات كانت المحلات تهتم بعرض الملابس الرياضية وقمصان الفرق المشاركة في المونديال، لكن ذلك لا يوجد هذه المرة، كما أن المقاهي والمطاعم لم تستعد هي الأخرى لهذا الحدث الرياضي الكبير. وعن الأسباب وراء ذلك، قال علي حسن (46 عاما) صاحب محل لبيع الملابس في سوق حمر ويني بشرق مقديشو «إن المونديال كان أفضل مواسمنا، وكنا نهيئ قمصان المنتخبات التي تشارك في البطولة، خاصة المنتخبات التي يشجعها الصوماليون، مثل المنتخب البرازيلي والإيطالي والبريطاني، وكذلك المنتخبات الأفريقية التي تشارك في ذلك الموسم، لكن هذه المرة الأمور على عكس ذلك، ليس هناك اهتمام بالمونديال من قبل الشباب، بسبب إغلاق دور السينما التي كانوا يتابعون المباريات فيها». وأضاف حسن «حاليا ليس هناك جمهور يشجع المنتخبات المختلفة، ولا يوجد أحد يذهب للسوق لشراء قمصان رياضية».

وكانت حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضان للحكومة الصومالية، اللذان يسيطران على معظم الأقاليم الجنوبية والوسطى من البلاد وأجزاء واسعة من العاصمة مقديشو، قد منعا السكان من مشاهدة مباريات كرة القدم. وكانت ميليشيات اتحاد المحاكم الإسلامية التي كان يقودها الشيخ شريف شيخ أحمد (الرئيس الحالي) أول من أمر بإغلاق دور السينما في العاصمة مقديشو، وذلك في عام 2006 حيث كانت تبث مباريات كأس العالم حينها.