التشويش بين العبث.. ومسؤولية الناقل؟!

مساعد العصيمي

TT

هناك من يريد الإفساد وهناك من يتلذذ بالتخريب.. وهناك من لا يسره نجاح غيره.. وما يجمع بين هؤلاء هو مقدار العبث الذي يحدثه صاحبه ضد من لا يحب لهم الخير.. وأحسب أن إفساد النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم ينطوي على هذا الشأن، فهو من عينة الإفساد كيدا وغيظا على الآخرين.. ليس إلا لوجود رغبة كامنة ترفض أن يعيش الآخرون حبور اللحظة ومتعة المشاهدة.. وأنا مثل غيري تابعت ما حدث من تشويش على إرسال قناة «الجزيرة»، ذلك الموجه للشرق الأوسط بغرض نقل مباريات كأس العالم.. ووسط تأكيد مسؤولي القناة أنه بفعل فاعل.. وهو ما أشار إليه الفيفا في بيانه عن الواقعة.. وما تم التلميح إليه بأنه فعل عربي ضد عربي.. أحسب أننا ما زلنا أسرى كعرب لمفاهيم بعضنا، تلك التي تنحصر في إطار دوامة الغيظ ورفض الآخر.. وإلا فما الذي يدفع لمعاقبة المشاهدين وهم الذين قد أرخوا جيوبهم ثمنا للمشاهدة.. وإن كان ثمة غيظ وانتقام من القناة الناقلة فأحسب أن كأس العالم ليست مجاله.. لكن فيما بيننا كعرب يظهر أننا أصحاب أولويات حتى في الفعل المشين، فلم يحدث من قبل أن تم التشويش على فعل اجتماعي رياضي كما هو كأس العالم أو أي بطولة كروية قارية أو إقليمية وحتى محلية.. ليكون ما حدث محل أولوية لم يسبق أصحابها إليها أحد.

ما نتمناه أن تكون القناة وعبر تصريحات مسؤوليها قادرة على كشف المتسبب وتعريته ومحاكمته.. وفي الجانب الثاني وهو ما يثير العجب حقا.. كيف لقناة بهذه القوة والمسؤولية والالتزام أن تكون ضحية لفعل مجهول.. فهل عدمت التقنيات التي تؤمن مسارها ونقلها.. وهل تقنية المعتدي أعظم شأنا من تقنيتها.. إلى ما قبل الحادثة كنت أعتقد أن لقناة «الجزيرة» شأنا تقنيا عالي الجودة قوي التوجيه عصي الاختراق.. لكن.. يبدو أن الثابت على كوكبنا.. أنه لا يوجد ما يستحق أن يطلق عليه «صعب الاختراق»؟

الأكيد أن كأس العالم شأن عام وإن كان بقيمة مالية.. وما حدث تجاهه هو جريمة.. وما حدث تجاهنا كعرب تحديدا هو تأكيد للكيد الذي ما زال يعشش في مخيلة قلة تنتمي إلينا عرقا.. لكن ما دخلنا نحن؟.. وعلى من تحمل مسؤولية أن يعجل بالحلول.. لأن ما حدث هو انتهاك، ليس للنقل بل للخصوصية، وفوق ذلك لسمعتنا المنهكة جراحا واتهاما!

[email protected]