الاتحاد تأسس بعد الوحدة

محمود تراوري

TT

إلى بطولة عام 1978 في الأرجنتين كانت نهائيات كأس العالم مقتصرة على 16 فريقا، ثم ارتقى عدد المنتخبات المشاركة إلى 24 فريقا في بطولة 82 بإسبانيا، وفي بطولة 98 بفرنسا ارتفع العدد إلى 32 فريقا، مما جعل رصد الفوارق «الطبقية» كرويا سهلا جدا، بحسب عدد من المراقبين الذين ذهبوا منذ ذلك التاريخ إلى أن نهائيات كأس العالم الحقيقية التي تجمع القوى الكروية لا تبدأ إلا في ثمن النهائي تقريبا.

هذا مخرج لي لأتحاشى التطرق لكأس العالم الآن، ملتفتا لشأن محلي بحت يتصل بالتاريخ الكروي السعودي الذي لم يضبط حتى الآن، وبقي أسيرا للاجتهادات الفردية.

الجمعة الماضية أورد الزميل فهد الدوس في صفحته الجميلة المتخصصة في الأرشيف الرياضي بجريدة «الرياض»، أن الرمز الرياضي (علي داود) تألق في الذود عن مرمى الوحدة من منتصف الثمانينات حتى منتصف التسعينات الهجرية.

وهذه المعلومة غير دقيقة، فعلي داود اعتزل اللعب في نهاية الثمانينات، ولعل الكل يتذكر أنه كان معلقا بارعا إبان دورة الخليج الثانية في الرياض عام 1392 هـ. ومعاصرو تلك الحقبة يتذكرون أن حراسة الوحدة في مطلع التسعينات حتى منتصفها وآخرها تناوب عليها عبد الوهاب عركي ثم علي سروجي وحسن داود شقيق علي داود.

وأبقى في سياق التاريخ، مشيرا إلى المذكرات البهية التي بدأ في سردها الكاتب الكبير عابد خزندار في المجلة الوليدة «بكة» التي تصدرها أمانة العاصمة المقدسة، حيث يثير جملة من القضايا والأسئلة المختصة بالشأن الرياضي، وتحديدا فيما يتعلق بالتاريخ، فهو يقول: «.. والاتحاد تأسس في نفس العام الذي تأسس فيه نادي الوحدة وربما بعد ذلك»، معيدا ما يصر عليه كثير من الوحداويين بأن ناديهم سبق الاتحاد في التأسيس، غير أن الاتحاد سبقهم في التسجيل رسميا، وتلك في تقديري مسألة ليست شائكة أو معضلة لا يمكن حسمها، فهي فترة تاريخية لم تصل للمائة عام ويمكن من خلال لجنة علمية محايدة ومتمكنة وبالرجوع لكل وثائق تلك الفترة حسم الجدل حول هذا الموضوع الذي يبدو غير معقول البتة أن يستمر هكذا عرضة للاجتهادات والتناقضات.

مسألة أخرى بدت لافتة في مذكرات الخزندار وهي قوله: «.. وكان أثرياء جدة يدعمون الاتحاد ماديا، أما الوحدة فلم يكن يدعمه أحد من أثرياء مكة، بل كان اللاعبون يشترون أحذيتهم من جيوبهم، ولم يكن للوحدة في تلك الأيام مقر، بل كنا نجتمع في بيت الآشي أو الأشعري».

الخزندار كان يسرد وقائع حدثت قبل ما ينيف عن قرابة السبعين عاما.. فيا للهول منذ أمد بعيد وأثرياء مكة ناءون عن ناديهم.

لماذا يا ترى؟

هذا ما سأحاول تناوله ثانية، إذا لم ندخل في «حمى» كأس العالم بانتشاء.