شح المياه يهدد سكان جنوب البصرة بالهجرة من جديد

خبير: تحويل مجرى شط العرب إحدى الوسائل للخلاص من الضغوط الإيرانية

TT

لم تمض أربعة أشهر على افتتاح نوري المالكي رئيس الوزراء محطات تحليه مياه الفاو (99 كم) جنوب البصرة بكلفة 14 مليون دولار وما رافقه من دعاية انتخابية واسعة حتى تعطلت منذرة أهالي الفاو وأبي الخصيب والسيبة والبحار وما بينها من قرى ممتدة على الضفة الغربية لشط العرب بعودة أزمة المياه من جديد بعدما أدت إلى هجرة العشرات من الأهالي في صيف العام الماضي.

وكشف وليد الشريفي قائمقام الفاو عن «وجود أخطاء تقنية أدت إلى توقف محطات التحلية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن محطات التحلية الأربع التي نفذتها الحكومة المركزية «توقفت عن العمل الآن بعد مرور مدة أربعة أشهر على افتتاحها، كانت معظمها في فصل الشتاء الذي تكون فيه الحاجة إلى المياه قليلة، بسبب عدم وجود أحواض ترسيب». وأضاف: «تحتوي مياه شط العرب التي تعتمد عليها المحطات نسبة عالية من الطين وتحتاج عملية التحلية والتصفية إلى وجود أحواض ترسيب وتصفية». وقال إن الأهالي «عادوا إلى استخدام مياه الشط عالية الملوحة، التي بلغت ما يقارب من 25 ألف جزء في المليون قابلة للزيادة خلال الأيام القادمة، بمعنى أنها غير صالحة للاستهلاك البشري والحيواني وسقي المزروعات لعدم إيفاء الجانب الإيراني بإعادة فتح مجرى نهر الكارون». ويرى الشريفي أن «مشكلة هجرة الأهالي وإفراغ المدن والقرى من سكانها حالة متوقعة ما لم تتخذ الجهات المعنية إجراءات سريعة لمعالجة مشكلة المياه». من جانبه أكد الدكتور شلتاغ عبود على أن الحكومة المحلية تولي اهتماما كبيرا لهذه المسألة وقد شكلت لجنه فنية برئاسة نائب المحافظ وعضوية رؤساء الدوائر المعنية لبحث المشكلات والمعوقات التي تواجه المحطات خلال الفترة الماضية ووضع الحلول المناسبة لإعادة تشغيلها.

ويرى وليد عباس الحلفي عضو مجلس المحافظة أن «مشروع تحلية المياه يحمل دلالات فشله منذ اليوم الأول لتشغيله، كون محطات التحلية تحتاج إلى مياه خام صافية غير متوفرة في مياه شط العرب العالية الغرين، وأن بناء محطات صغيرة مثل هذا المشروع يمثل هدرا للمال العام لأنها قليلة الإنتاج وعالية الكلفة ومخصصة فقط لأغراض الشرب وبكميات محدودة، وقد لاقى معارضة شديدة من لجنة الأعمار في المجلس لم تعر لها الحكومة المركزية أهمية تذكر»، مشيرا إلى أن «المنطقة بحاجة إلى محطة كبيرة تشيد في منطقة سيحان، لتزويد مناطق جنوبي المحافظة بما تحتاجه من الماء ولمختلف الاستخدامات عبر أنابيب تصل إلى المساكن».

وذهب خبراء بالموارد المالية إلى أن «معالجة مشكلة المياه في مناطق جنوب البصرة لا تكمن في عملية إصلاح محطات التحلية بقدر معالجة المشكلات الرئيسية التي يعاني منها شط العرب».

وقال عصام الإمام الخبير في الموارد المائية إن «الشط يعاني من انخفاض المياه العذبة فيه نتيجة نقصان كمية المياه الواردة إليه من نهري دجلة والفرات، إضافة إلى منع مياه نهر الكارون عنه فضلا عن الإهمال من قبل الجهات الحكومية المختصة في معالجة وترميم ضفتي النهر من الترسبات وعدم إجراء عمليات الكري والتعميق، مما أدى إلى انسياب مياه البحر إليه والتأثير بزيادة الملوحة فيه».

وأكد الخبير عباس الصكب على أن «البلد أمام كارثة مائية بسبب تغيير مجرى الأنهر الحدودية داخل إيران، ومن أهمها نهرا الكارون الذي يصب في شط العرب والكرخة المغذي للأهوار وقيام الجانب الإيراني ببناء سدود وخزانات عليهما». ويرى الصكب أنه «في حالة عدم الوصول إلى نتائج إيجابية مع الجانب الإيراني لحلحلة هذه المشكلة ينبغي اللجوء إلى إحياء مشروع تغيير مجرى شط العرب الذي طرحته حكومة النظام السابق عام 1989 ليكون مجرى شط البصرة حاويا للمياه الناتجة عن التقاء نهري دجلة والفرات في منطقة القرنه وهو الحل النهائي لهذه المشكلة وهو إحدى الوسائل الممكن استخدامها لمواجهة الضغوط والكوارث المائية التي تواجه البلاد».