ساركوزي «يذعن» لميركل حول الحكومة الاقتصادية الأوروبية

قبل مطالبها أيضا بشأن قواعد الميزانية في الاتحاد وضغوط جديدة على منطقة اليورو

إيحاءات وجه ميركل وساركوزي تقول الكثير (رويترز)
TT

قبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مطالب ألمانية بشأن تشديد قواعد الميزانية الأوروبية، في الوقت الذي تعرضت فيه منطقة اليورو لضغوط جديدة بسبب الخفض الحاد للتصنيف الائتماني لليونان وإشارات محبطة بشأن بعض البنوك الإسبانية. وعقب محادثات في برلين مساء أول من أمس الاثنين قبل ساركوزي مقترحا ألمانيا بأنه ينبغي تعليق حقوق التصويت لدول منطقة اليورو التي تنتهك بشكل متكرر الحد الأقصى المسموح به لعجز الميزانية حتى إذا استلزم ذلك تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي. كما أذعن لإصرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن «الحكومة الاقتصادي» ينبغي أن تشمل دول الاتحاد الـ27 وليس دول منطقة اليورو الـ16 فقط مثلما كانت تطلب فرنسا، وتخلى عن مطالب بإنشاء أمانة خاصة بمنطقة اليورو. ومحا خفض مؤسسة «موديز» تصنيفها الائتماني لليونان بواقع أربع درجات إلى ديون عالية المخاطر مكاسب 4 أيام في أسعار اليورو والأسهم الأوروبية وأشاع مخاوف جديدة في الأسواق العالمية. وتراجع مؤشر ثقة المستثمرين والمحللين في ألمانيا أكثر من المتوقع أمس مما دفع اليورو للتراجع أمام الدولار. كما ارتفعت أمس أيضا علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون فوق عوائد السندات القياسية الألمانية لحيازة ديون دول على أطراف منطقة اليورو مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا وأيرلندا. وزادت أيضا تكلفة التأمين على ديون تلك الدول ضد العجز عن السداد. وأثارت «موديز» مخاوف بشأن قدرة اليونان على سداد ديونها في الأجل المتوسط رغم حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو وذلك بسبب إجراءات التقشف المشددة التي اتفقت عليها مع منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، والتي يمكن أن تعطل النمو وتواجه مصاعب سياسية لتنفيذها. وانتقد أولي رين مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي توقيت قرار «موديز» بوصفه «صادما ومؤسفا». وأضاف أن الخفض لم يضع في الاعتبار التطورات الأخيرة في الدولة وأثار مجددا تساؤلات بشأن وكالات التصنيف. وأقرت إسبانيا - التي تكافح لخفض عجز هائل في الميزانية وإعادة هيكلة القطاع المالي - أمس بأن البنوك الأجنبية ترفض إقراض بعض بنوكها، لكنها نفت تقارير بوسائل إعلام ألمانية أفادت بأنها تستعد لطلب مساعدة من الاتحاد ألأوروبي. وبحسب «رويترز» ردا على سؤال بشأن تلك التقارير، قالت ميركل إنها لا ترغب في تأجيج التكهنات، لكنها أضافت أن إسبانيا والدول الأخرى تعلم أن شبكة الأمان المالي الأوروبية قائمة الآن إذا لم تكن قادرة على الوصول إلى أسواق الائتمان. ونقلت صحيفة «الباييس» اليومية الإسبانية عن مصادر حكومية قولها إن مدريد تريد من الجهات التنظيمية الأوروبية نشر نتائج اختبارات التحمل لكل بنك لاستعادة الثقة. في الوقت نفسه قال مسؤول بالحكومة الألمانية أمس إن اللجوء إلى استبعاد أعضاء بمنطقة اليورو كعقوبة غير مدرج حاليا على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن مناقشة الخلل في التوازنات المالية داخل الاتحاد يتوقع أن يركز على الدول التي تعاني من العجز. وفيما يخص الإجراءات اللازمة لإحياء الثقة في النظام المالي، قال المسؤول الألماني «سيكون من الممكن نشر تفاصيل اختبارات التحمل (للبنوك) لتبديد المخاوف. لكن هناك أيضا خيارات أخرى». وبحسب «رويترز» لم يصدر تعليق فوري من الحكومة الإسبانية أو بنك إسبانيا المركزي بشأن التقرير. وتعارض ألمانيا وفرنسا والبنك المركزي الأوروبي مثل تلك الخطة - التي يؤيدها بشدة وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر - خشية أن تؤدي إلى مزيد من المضاربات ضد بعض البنوك الأوروبية. ونقلت «الباييس» عن مصدر بالحكومة الإسبانية قوله «إذا عرفت النتائج فستكون هناك أكثر من مفاجأة». ومن المقرر أن تعلن إسبانيا وفرنسا عن إصلاحات هيكلية اليوم الأربعاء أي قبل يوم من قمة للاتحاد الأوروبي مقررة يوم الخميس بشأن قواعد الميزانية والإصلاح الاقتصادي.

وفي ألمانيا دائما أظهرت بيانات صدرت أمس عن معهد «زد إي دبليو» للأبحاث الاقتصادية أن المعنويات السائدة لدى خبراء المال بشأن التوقعات الاقتصادية لألمانيا قد تراجعت بأكثر مما كان يتوقعه خبراء الاقتصاد.

وتراجع مؤشر الثقة لمعهد «زد إي دبليو» ومقره ميونيخ بمقدار 17.1 نقطة ليصل إلى 28.7 نقطة في مؤشر على أن تعافي الاقتصاد الألماني قد يتباطأ. وبلغ المؤشر في مايو (أيار) الماضي 45.8 نقطة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته الخدمة الاقتصادية لوكالة الأنباء الألمانية وشمل خبراء الاقتصاد هذا الأسبوع أن معظمهم كانوا يتوقعون تراجعا معتدلا نسبته 1.9 نقطة للمؤشر الذي يتخطى بالكاد متوسطه على المدى الطويل والبالغ 27.4 نقطة.

وقال المعهد إن الخبراء الذين يشملون رجال أعمال ومحللين كانوا يتوقعون عموما أن التعافي المستمر في الربع الثاني سوف يتباطأ في نهاية هذا العام لكن ظلت التوقعات العامة إيجابية.

وقال رئيس المعهد فولفغانغ فرانز إن «التعافي الحالي لا يزال هشا. وسيتم نصح القيادة السياسية باتخاذ قرار بشكل حاسم الآن بشأن ضرورة خفض عجز الميزانية لكن يتعين الانتظار حتى 2011 لتنفيذه».

من جهة أخرى، استقرت أعداد الوظائف في منطقة اليورو في الأشهر الثلاثة الأولى هذا العام بعد انخفاضات سجلتها في الفصول السابقة، وذلك في مؤشر على أن الانتعاش الاقتصادي بدأ أخيرا يؤثر على سوق العمل. ولم تسجل أعداد الوظائف في البلدان الـ16 التي تستخدم اليورو تغيرا في الربع الأول مقارنة بالربع السابق بينما تراجع انكماشها على أساس سنوي إلى 1.2 في المائة مقارنة مع اثنين في المائة في الربع الأخير من 2009. من جانب آخر تراجع اليورو أمس عقب خفض تصنيف ديون اليونان إلى ديون عالية المخاطر من جانب مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني لتتجدد المخاوف بشأن الدين في منطقة اليورو، مما أضعف المعنويات وأنهى الاتجاه الصعودي للعملة. وخفضت «موديز» تصنيف دين اليونان 4 نقاط استنادا «لمخاطر تتعلق بالاقتصاد الكلي وتنفيذ» برنامج التقشف القاسي، مما جدد الشكوك القائمة بشأن قدرة اليونان على سداد ديونها. وزادت المخاوف بشأن إسبانيا بعد أن اعترف وزير الخزانة الإسباني كارلوس اكانا الاثنين الماضي بأن بعض البنوك الإسبانية واجهت حالة جمود للسيولة في التعاملات بين البنوك. ووضع ذلك حدا للاتجاه الصعودي لليورو خلال الجلسات القليلة الماضية حين قاد ارتفاع بورصات الأسهم المستثمرين لجني الأرباح من مراكز مدينة، مما أدى لتعثر العملة الموحدة دون مستوى مقاومة حول 1.23 دولار. وانخفض اليورو 0.3 في المائة مقابل الدولار عند 1.2182 دولار. ونزل الدولار الأسترالي 0.7 في المائة إلى 0.8522 دولار أميركي متراجعا من أعلى مستوى في شهر، سجله أمس نتيجة تنامي الاتجاه لتفادي المخاطرة الناجم عن خفض مستثمرين تعرضهم للعملات ذات العائد الأعلى. كما أضير الدولار الأسترالي بصدور محضر اجتماع البنك المركزي الأسترالي الذي أفاد بأن أسعار الفائدة ستبقى ثابتة على المدى القريب. وأبدى واضعو السياسات قلقهم بشأن مشكلات الدين في منطقة اليورو. ونزل اليورو 0.7 في المائة مقابل الين إلى 111.01 ين وفقد الدولار 0.4 في المائة ليهبط إلى 91.16 ين