المونديال والبافانا البافانا

عبد الرزاق أبو داود

TT

كأس العالم عادت إلى توهجها وسطوع شمسها هذه المرة من جنوب القارة السمراء، وخلال شتاء جميل يحل بجنوب أفريقيا خلال صيف شمال العالم، وحيث يتنافس 32 منتخبا عالميا قدمت من أنحاء العالم لإحراز كأس البطولة العالمية الأكثر حضورا ومشاهدة وامتقاعا وعراقة ومردودا، كيف لا وقد أضحت هذه التظاهرة العالمية الكبرى محط انتظار المليارات من سكان المعمورة، ناهيك عن انعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والإعلامية المتشعبة التي تسعى كثير من دول العالم للاستفادة منها.

قد يرى البعض من النقاد أن بداية هذه البطولة العالمية لم تكن بالصورة التي كانت متوقعة، وهو ما قد يكون صحيحا إلى حد ما، وبالقدر الذي يمكن تعليله، وبالتالي فإن توالي مباريات البطولة سيظهر الكثير من النقاط الإيجابية والسلبية، ومن هذا المنطلق فإنه لا يمكن الحكم على المستويات الفنية لفرق البطولة ومبارياتها الـ64 وهي في بدايتها، إلا بعد انطلاق صافرة الختام في المباراة النهائية على كأس البطولة وأذان شمسها بالمغيب في جنوب بلاد البافانا بافانا الذين خيبوا آمال جماهيرهم «المزعجة» جدا، عطفا على استخدامها لآلات شوهت صورة النقل التلفزيوني إلى حد كبير.

أبدعت الأرجنتين وألمانيا والبرازيل وأورغواي وغانا، وبدت كل من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا - وهي قوى كبرى في عالم كرة القدم، كما أشار أحد خبرائها العالميين أخيرا - حائرة مرتبكة، ولم تظهر بمستوياتها المعهودة، ودقت نواقيس الخطر فأصاب القلق جماهيرها، في حين أن الدول الأفريقية المشاركة، عدا نيجيريا إذا استثنيا مباراتها الثانية، لم تظهر بالشكل المطلوب في هذه الجولة، على عكس الدول الآسيوية الممثلة بالكوريتين واليابان إذا استثنيا أستراليا، وهي ليست آسيوية على أي حال، ولكنها ألحقت بالدول الآسيوية عمدا، ربما لتسهيل التحاقها بكأس العالم، كما نوه بعض النقاد.

فرنسا وألمانيا سقطتا في الدور الأول، وخاصة الأولى في هذا المونديال الذي تستضيفه بلاد البافانا بافانا، فرنسا أسقطها العناد والغرور وتخبطات المدرب دومنيك، الذي ظهر تائها، ولاعبيه الذين يعتقدون أنهم سيحلون مكان أبطال فرنسا والعالم عام 1998، عندما أجبر زيدان ورفاقه العالم على احترامهم والتصفيق لهم تقديرا لأدائهم الرائع في مونديال 98 بفرنسا. إسبانيا قدمت مستوى جيدا رغم سقوطها أمام سويسرا التي قدمت مباراة أولى رائعة، وبإمكان الإسبان التعويض، ولكن فرنسا يبدو أنها خرجت نهائيا، ولن تستطيع التعويض، وعليها أن تغير فريقها بالكامل استعدادا لمونديال آخر، أما مدربها فقد صدر الحكم عليه مسبقا، وقبل المونديال، مما وضعه في حرج وموقف صعب في التعامل مع لاعبيه ووسائل الإعلام، وهو توجه لم يكن جيدا من قبل الجهات الفرنسية المعنية، فقد كان بإمكانهم الصبر حتى انتهاء المونديال وإعلان قرار إبعاد المدرب الحالي أو الاستغناء عنه.