جامعة الملك سعود تستعد لتسجيل أول براءة اختراع في مقاومة حوادث الإبل

فريق عمل المشروع لـ«الشرق الأوسط»: الابتكار يحمي إلى 50% من حوادث الحيوانات

فريق العمل في صورة جماعية مع د. علي الغامدي وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت جامعة الملك سعود لـ«الشرق الأوسط» عن أنها في المراحل النهائية من تسجيل براءة اختراع في مقاومة حوادث الإبل، حيث من المرتقب أن تسجل الجامعة براءة الاختراع هذه خلال فترة شهرين بحد أقصى.

وتأتي هذه المبادرة في الوقت الذي تشهد فيه السعودية معدلات مرتفعة في نسب حوادث الإبل مقارنة بالدول الأخرى، حيث تشير إحصاءات إلى أن أكثر من 400 شخص يلاقون حتفهم سنويا في حوادث الطرق، كما يصاب ما لا يقل عن 30 ألفا آخرين بجروح وإصابات مختلفة.

وأوضحت جامعة الملك سعود لـ«الشرق الأوسط» أن السيارة السعودية الأولى «غزال1» التي قامت الجامعة بتصميمها، في مراحلها الأخيرة من تسجيل براءتي اختراع في خارطة صناعة السيارات العالمية الأولى لمقاومة حوادث الإبل والآخر لـ«إديتر» ذي سعة تبريد عالية لمواجهة سخونة الأجواء في البلاد، وذلك خلال فترة شهرين بحد أقصى.

وأوضح الدكتور سعيد درويش المدير الفني والتنفيذي لمشروع «غزال1» لـ«الشرق الأوسط» أن ابتكار تصميم يقاوم حوادث الحيوانات في الطرق، يأتي في إطار ابتكار طريقة آمنة وفعالة لمواجهة أضرار حوادث الجمال في السعودية، مضيفا أن تصميم السيارة السعودية الأولى يحمي إلى نسبة 50 في المائة من حوادث الإبل.

وقال الدكتور سعيد درويش إن فريق العمل المكون من 55 طالبا، و8 أساتذة، قاموا ببحث كامل وشامل عن حوادث الإبل ومخاطرها، حتى توصلوا لهذا التصميم الفريد من خلال محاكاة اختبار التصادم للجمل، بعد أن تم أخذ أبعاد وأوزان عينة كافية من الإبل الموجودة بالمنطقة وبطرق عشوائية، وعمل نموذج لمجسم الجمل عن طريق استخدام برنامج الرسم الهندسي، وإجراء الاختبار على أكثر من نوع من السيارات، وهو ما أدى إلى تسجيل اختبار التصادم بالجمل كمواصفة قياسية سعودية من الممكن إرغام المصنعين عليها مستقبلا.

من جهته ذكر المهندس معتز المديميغ أحد أعضاء فريق عمل «مشروع غزال1»، أن ابتكار تصميم سيارة قادرة على مقاومة حوادث الإبل أتى بعد إجراء 600 محاولة لمعرفة مناطق الضعف في المركبة، مبينا أن عدد اختبارات الأمن والسلامة بلغت 180 اختبارا 90 منها كان عن عوامل إنسانية، والـ90 الأخرى عن السلامة.

وبين المديميغ لـ«الشرق الأوسط» أن تصميم «غزال1» أعيد نحو 300 مرة، ليجتاز الاختبارات، حتى توصل فريق العمل للشكل النهائي، مشيرا إلى أن مرحلة التصميم تعتبر المرحلة الأهم حتى تتوافق السيارة مع جميع مواصفات الأمن والسلامة.

وبالعودة إلى الدكتور سعيد درويش، قال إن خطة عمل مشروع غزال1 التي وضعت من جانب الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي، والدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود، ركزت على أهمية وضع نماذج وتصاميم مبتكرة ومميزة تميز التصنيع السعودي عن غيره، الأمر الذي جعل الفريق الفني، بحسب درويش، يبحث عن أهم احتياجات الأمن والسلامة في السعودية، ووضع براءات اختراع خاصة بالسعودية.

وأكد سعيد درويش لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع غزال1 تم تسليمه في الوقت المحدد له، حيث استغرقت فترة تنفيذه عامين ونصفا، مبينا أن كلية الهندسة الصناعية التي احتضنت تنفيذ المشروع كانت على اتصال دائم مع الدكتور علي الغامدي وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي، لمواجهة وحل جميع العوائق وتسهيل عمل المشروع.

وفي حين لا توجد إحصائيات رسمية ومحددة عن حوادث الإبل في السعودية، إلا أن مصادر إخبارية سعودية تشير إلى أن أكثر من 400 شخص يلاقون حتفهم سنويا في حوادث الطرق في السعودية كما يصاب ما لا يقل عن 30 ألفا آخرين بجروح وإصابات مختلفة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي انخفض فيه معدل الوفيات والإصابات الخطرة في المدن، خلال الأعوام الستة الماضية، حيث كانت أعداد حوادث الوفيات في عام 1425هـ 430 حادث وفاة، وفي عام 1426هـ 408 حوادث وفاة، وفي عام 1427هـ 353 حادث وفاة، وفي عام 1428هـ 357 حادث وفاة، وفي عام 1429هـ 315 حادث وفاة، وفي عام 1430هـ 266 حادث وفاة. وتشير إحصائيات إدارة الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة السعودية 1990 إلى أن عدد الإبل في السعودية من مختلف السلالات المحلية تقدر بنحو 600 ألف رأس، وأوضحت الدراسات المسحية الميدانية لمركز أبحاث الجوف أن الإبل المجاهيم تشكل نسبة 53 في المائة من مجموع إبل المملكة تليها المغاتير الوضح 20 في المائة، ثم الحمر 12.5 في المائة، فالصفر 7.5 في المائة، والبقية 7 في المائة من إجمالي القطعان.

واستطاعت جامعة الملك سعود من خلال البنية التحتية لكلية الهندسة بالجامعة احتضان «مركز التصنيع المتقدم» باشتراك تخصصات الهندسة الصناعية والهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية وطلاب الدراسات العليا وطلاب المرحلة الجامعية بتوجيه مشاريع التخرج لمهندسي المستقبل نحو تقنية السيارات في تكامل للتصميم فالإنتاج.

وعززت الجامعة من خلال بند التجهيزات المعمارية مركز التصنيع المتقدم في كلية الهندسة الذي احتوى على معمل خاص للهندسة العكسية وتجهيز المركز بـ«ريبوت» تصنيعي وكذلك بمعالج بيانات فائق السرعة وأحدث البرمجيات في تقنية السيارات.

ونشط طلاب الهندسة بالجامعة في التصميم الهندسي لتقنيات السيارات إذ هي ركن أساسي، لأن التصميم يحمل فلسفة وفكرة تصنيع السيارة فجامعة الملك سعود كانت هي المصممة لسيارة «غزال1» بنسبة تزيد عن 90 في المائة، أما دورها في التصنيع فكان في حدود 60 في المائة إذ أن الجامعات تعد مراكز بحوث وليست مراكز تصنيع لذا فخبراء الجامعة وباحثوها استطاعوا أن يستخدموا أحدث البرمجيات في تقنية السيارات لوضع الفكرة التصميمية الأساسية لـ«غزال1» ومن ثم تصميم باقي عناصرها.

وبهذا تمكنت الجامعة من خلال مركز التصنيع المتقدم أن تصنع أجزاء من السيارة تصل إلى نسبة 60 في المائة في شكلها الخارجي والداخلي حيث يملك مركز التصنيع المتقدم تجهيزات القوالب واللحام وريبوت التصنيع «تقنيات التصنيع» بالإضافة إلى توفير مادة «الكاربون فايبر» التي تم تصنيع جسم السيارة الخارجي منها واستفادة الجامعة من مصانع وطنية في استكمال بعض الأجزاء إذ أن صناعة السيارات تتطلب إنشاء خط صناعي بعد تصميمها، فالجامعة قامت بالتصميم «كونها مركزا علميا يبني الأفكار والتخطيط وهو جزء أساسي في التصنيع» وقامت بتصنيع سيارة النموذج بإمكانياتها مستعينة في ذلك بخبرة عالمية وجهود الباحثين فيها.

وقد استوحت الجامعة اسم «غزال» كونه يعيش في البيئة المحلية ويمتاز بجمال الشكل والخفة والانسيابية والسرعة والملاحظ أن الشكل الخارجي لمقدمة السيارة استوحي من الغزال.

وكانت جامعة الملك سعود قد أنشأت مركز نقل تقنية التصنيع في أوائل عام 1429هـ في كلية الهندسة بهدف نقل المعرفة وتوطين تقنية المنتجات الاستراتيجية وكذلك قطع الغيار المهمة للقطاعات، مثل تطوير وتصميم وصناعة السيارات، إضافة إلى التأسيس لثقافة ذلك النمط من الصناعة في جيل المستقبل وتخريج كوادر وطنية شابة تمتلك القدرة على التعامل مع منظومات التصنيع المتقدمة لتلبي حاجة سوق العمل المرتبطة بها.

وقد بدأ المركز العمل في مجال تصميم وتصنيع تقنية السيارات قبل أكثر من عامين. وتمت زيارة عدد من الدول الصناعية المتقدمة في أوروبا «ألمانيا والنمسا وإيطاليا» ودول شرق آسيا «ماليزيا والصين وكوريا»، حيث تبين من تلك الزيارات أن مراكز البحث والتطوير والجامعات في تلك الدول تقوم بدور أساسي في مجال البحث والتطوير على تصميم وتصنيع واختبار المركبات وتقوم أيضا بدور مهم في معالجة المشكلات التي تواجه المصنعين وخطوط الإنتاج المتعلقة بهذه التقنية.

وعملت الجامعة على تأسيس نواة للمختبرات والتجهيزات المهمة لتقنية التصميم والتصنيع في مجال البحث والتطوير في تقنية السيارات والتقنيات الأخرى المشابهة. وفي إطار عمل المركز ولضمان إدخال هذه المعرفة والتقنيات إلى جيل المستقبل بأفضل الطرق فقد تم ذلك أيضا تحت إشراف خبراء عالميين في تصميم وصناعة السيارات وهم شركة «مجنا إيطاليا». فكان هناك التدريب المكثف للطلبة والعاملين في المشروع على أحدث برامج التصميم والتصنيع حيث تم التدريب محليا على برامج التصميم من قبل خبراء من جامعة قراز في النمسا. كما تم أيضا تنفيذ التدريب الخارجي لعدد من طلاب الكلية خلال الإجازة الصيفية في شركة «مجنا إيطاليا».

وقد تم تشكيل فريق عمل لمركز نقل تقنية التصنيع من كلية الهندسة ليتولى مهام التنفيذ والتنسيق والتدريب لنقل تقنية تصميم وتصنيع المنتجات الاستراتيجية مثل تصميم وصناعة السيارات إلى المملكة وبناء خطة توضح فيها الخطوات اللازمة والموارد المطلوبة كافة لهذا الغرض.

ويشار إلى أن أهداف المركز تشمل تدريب وتأهيل جيل من المهندسين قادرين على التعامل مع التوجهات المستقبلية للصناعة السعودية، والقيام بنشاطات بحثية في التصميم والتطوير والاختبارات للتقنيات المتقدمة في مجال المنتجات الاستراتيجية الوطنية، والمساعدة في إيجاد خبرات لتصميم وصناعة المنتجات الاستراتيجية في متناول المستثمر المحلي، وتوثيق روابط التعاون مع الصناعة وحل مشكلات الصناعات ذات التقنيات المشابهة بإجراء الاختبارات وسد احتياجات التدريب، وتشجيع الشباب الناشئ على مواصلة العمل في مجال هندسة تصميم وتصنيع المنتجات الاستراتيجية، وتقديم النصح اللازم لهم وتوفير المعلومات والدعم المطلوب، بالإضافة إلى تبادل التقنيات الجديدة والرائدة مع المراكز العالمية المتقدمة.

وقد تم وضع جدول زمني لمختلف مهام المشروع الأساسية وهي مرحلة التهيئة ومرحلة تصميم المظهر الخارجي والداخلي ومرحلة التصميم الهندسي والاختبارات ومرحلة تصنيع وتجميع السيارة الأنموذج. كما تم إعداد معرض مصغر لسيارة تم تفكيكها بهدف تدريب الطلاب على تصميم وتصنيع واختبار أجزائها المختلفة.

وأسهم مركز نقل تقنية التصنيع في رفع الكفاءة العلمية والفنية لدى الطلاب والمهندسين من خلال تدريب مكثف على أحدث برامج وتقنيات تصميم وتصنيع المركبات مما أحدث نقلة نوعية في مستوى أدائهم وطريقة تعاملهم مع مشكلات منظومات التصميم والتصنيع المختلفة. حيث نفذ 55 طالبا من طلاب الهندسة مشاريع تخرجهم ومشاريع رسائل الماجستير ضمن النشاطات المختلفة للمشروع.

ووفرت الجامعة التجهيزات والتسهيلات التي تساعد المركز على تنفيذ مهامه وتحقيق أهدافه.