أوباما يطالب مجموعة الـ20 بمواجهة «أوقات التحديات»

مواجهة أميركية ـ صينيةجديدة حول أسعار صرف العملة

الرئيس الأميركي أوباما يلقي كلمة في بداية العمل في طريق من تمويل قانون إعادة الاستثمار في كولومبس بولاية أوهايو (أ.ب)
TT

اشتد الخلاف الأميركي - الصيني حول أسعار صرف العملة وتأثيرها على التجارة والاقتصاد العالميين قبل أسبوع من عقد قمة مجموعة العشرين في كندا. وفي رسالة موجهة إلى قادة مجموعة العشرين، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما على أهمية ترك أسعار الصرف لآليات السوق من أجل تعزيز الاقتصاد العالمي. وحملت رسالة أوباما تحذيرا من التراخي في مواجهة الأزمة الاقتصادية، قائلا إنها «أوقات تحد». وطالب أوباما قادة الدول العشرين بـ«العمل معا لتقوية المعافاة وعلينا الالتزام بإعادة التمويل العام المستدام على المدى المتوسط وعلينا إكمال العمل من أجل الإصلاح الاقتصادي». وحذر أوباما من التخلي عن الجهود السابقة لإصلاح النظام المالي، الأمر الذي التزم به القادة في اجتماعات دول العشرين السابقة.

وعلى الرغم من أنه لم يتحدث مباشرة عن الصين، فإن مطالبة أوباما لترك أسعار الصرف لآليات السوق كانت إشارة واضحة للصين التي تواجه اتهامات بالتلاعب بأسعار عملتها من أجل توسيع تجارتها والانتفاع من تراجع عملات أخرى. وجاء في الرسالة التي وزعها البيت الأبيض على الإعلاميين أن «دلالة تحرير سعر صرف العملات ضرورية لدعم اقتصاد عالمي قوي ومتوازن». بينما كان أوباما قد وجه رسالته في 16 يونيو (حزيران) الحالي إلى قادة دول العشرين، نشرت أمس بعدما كانت بكين قد حذرت من انتقاد سياستها لعملتها. وصدرت مطالبات من الكونغرس لمعاقبة الصين بسبب رفضها رفع اليوان، إلا أن أوباما امتنع عن تسمية الصين أو التصعيد معها مباشرة. وبدأ أوباما رسالته بالحديث عن اجتماع قمة العشرين في لندن في أبريل (نيسان) 2009، حين واجه العالم «أسوأ أزمة عالمية اقتصادية منذ الثلاثينات من القرن الماضي»، معتبرا أن الإجراءات التي تم الاتفاق عليها «قد نجحت»، ولكنه حذر من التباطؤ في اتخاذ إجراءات لحماية التعافي الاقتصادي ودعمه. وهناك تخوف أميركي من الخطوات الأوروبية للحد من الصرف العام في محاولة لتقليص الدين العام. وقال أوباما إن مشكلات التمويل العام يجب أن تحل «على المدى المتوسط»، بدلا من الاستعجال في اتخاذ إجراءات قد تعرقل التعافي. وتعهد أوباما في رسالته بالعمل على معالجة الدين الأميركي، قائلا إنه سيعمل على «إعادة الاستدامة المالية للولايات المتحدة».

ومن جهة أخرى، قال أوباما إنه قلق من «الاعتماد العالي المستمر على الصادرات من بعض الدول التي لديها فائض كبير». وبالإضافة إلى بحث التجارة العالمية، ودورها في خلق فرص العمل، شدد أوباما على أهمية إبقاء المراقبة على المؤسسات المالية وخصوصا فيما يخص رأسمالها وإبقاء السيولة الكافية للقيام بعملها. إلا أنه من الواضح أن الرئيس الأميركي يعتبر مراعاة المعافاة الاقتصادية المتأرجحة أولوية الدول الكبرى، مطالبا قادة دول العشرين بإعادة التأكيد على «تزويد الدعم السياسي الكافي» من أجل «النمو الاقتصادي المستدام».

وبينما كانت اجتماعات دول العشرين السابقة منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في واشنطن ولندن وبيتسبرغ قد شهدت حالة من الإجماع على الإجراءات الفورية لمواجهة الأزمة الاقتصادية، فمن المرتقب أن تشهد اجتماعات تورونتو بين 25 و26 يونيو (حزيران) الحالي خلافات حول الخطوات المقبلة وطريقة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تعهد بها القادة سابقا. وأفادت وكالة «رويترز» بأن دول العشرين ستتخلى عن خططها الأولية لفرض ضريبة على البنوك الكبرى، وهي نظرية كان قد طرح فكرتها صندوق النقد الدولي وعارضته دول مثل البرازيل واليابان، إذ إن بنوكها لم تكن بحاجة إلى الإنقاذ الحكومي. ومن المرتقب أن يتفق القادة على قوانين جديدة حول تمويل المؤسسات المالية وآلية معالجة إفلاسها مستقبلا كي لا يتأثر الاقتصاد العالمي بالطريقة التي شهدها عام 2008 بعد أزمة البنوك العالمية. وأفاد نائب مدير صندوق النقد الدولي جون ليبسكي، بأن قادة دول العشرين سيصادقون على مبدأ تحمل القطاع المالي مسؤولية مشكلات اقتصادية مستقبلية.

وحدد أوباما أربع نقاط يجب أن يتفق عليها قادة الدول العشرين في تورونتو، وهي متطلبات أكثر شدة للمؤسسات المالية، بالإضافة إلى مراقبة أكبر لأسواق المشتقات، وشفافية أكبر لأسواق المال، وآلية أكثر كفاءة لإغلاق المؤسسات المالية الكبيرة. ويتجه الرئيس الأميركي إلى اجتماعات قمة الدول الصناعية الثمانية والدول العشرين في كندا الأسبوع المقبل حاملا ثقلا كبيرا بسبب أزمة اقتصادية تبقي مستوى البطالة بين 9 و10 في المائة تفاقمت مع انفجار البئر النفطية في خليج المكسيك. وتشدد إدارة أوباما على أهمية الخروج من قمة دول العشرين بنتائج ملموسة تجاه إصلاح النظام المالي العالمي بدلا من الاسترخاء بعد ظهور بوادر أولية لانتهاء الأزمة الاقتصادية.

وقضى أوباما أمس في ولاية أوهايو للحديث عن الاقتصاد، ليطلق حملة إعلامية وسياسية تنسقها إدارته لإبراز إنجازات اقتصادية من قانون «المعافاة» الذي مررته الإدارة الأميركية بعد وصول أوباما إلى البيت الأبيض. وشهد أمس إطلاق المشروع الـ10 آلاف من مشاريع «المعافاة» الذي تموله الحكومة الأميركية. وهذا المشروع لرصف طريق في مدينة كولومبوس في أوهايو، ومن المتوقع أن يخلق 300 فرصة عمل. وشارك وزير النقل ري لحود مع أوباما في لقاء جماهيري للحديث عن الاقتصاد الأميركي وما قامت به الإدارة الأميركية لمعافاته.