تقرير دولي: البنوك في الخليج وشمال أفريقيا قادرة على الحفاظ على الجدارة الائتمانية

«موديز» تشير إلى تجنب البنوك العربية للآثار الحقيقية للاضطراب المالي العالمي

TT

أكد تقرير دولي حصلت عليه «الشرق الأوسط» أن البنوك العربية من المحيط إلى الخليج ستظل معزولة نسبيا عن الآثار الحقيقية للإشكاليات المالية العالمية التي تعرض لها العالم منذ السنتين الماضيتين، مستشهدة على عدم وجود آثار ضارة واقعة تعرضت لها البنوك في المنطقة العربية.

وقال تقرير حصلت عليه «الشرق الأوسط» إن مئات البنوك في البلدان العربية كانت شبه معزولة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية وتداعيات الركود والاضطراب الاقتصادي التي عانت منها بعض الاقتصاديات حتى بعد ملامح تجاوز مرحلة الركود، مرجعا ذلك إلى مساعدة الخصوصيات المحلية والإقليمية في المنطقة من مواجهة أزمات السيولة، وانخفاض في الناتج، والتراجع الخطير في ثقة المستثمر، وتصاعد عوامل المخاطر.

لكن تقرير مؤسسة «موديز» الائتمانية لفت إلى أنه على الرغم من أن المصارف العربية لم تنج من مستويات معينة من الضغوطات فإن المؤسسات المالية التقليدية في شمال أفريقيا والمشرق العربي ودول مجلس التعاون الخليجي صمدت أمام الأزمة وسط إطراء واضح لما أثبتته المصارف الإسلامية من قدرة على التكيف مع المحنة الاقتصادية الكلية والاستمرار في التركيز على تشغيل عملياتها المصرفية.

ورشح التقرير قدرة البنوك في العالم العربي على الحفاظ على الجدارة الائتمانية المستقرة خلال الأزمة المالية، مستدلا ببعض البراهين المؤيدة لرؤيته أبرزها أن المصارف العربية (مع استثناءات قليلة جدا) لم تتعرض سوى لحد أدنى من التعرض إلى فئات الأصول العقارية ذات الصلة أو مشتقات الدين المنظم، فيما كانت تشتكي المصارف في العالم من عمليات تعثر الاستثمارات.

وتعتقد «موديز» أن ذلك نتيجة أن البنوك في المنطقة تعززت بانخفاض حوافز الحصول على تضخم من الخارج لاكتفاء وتنوع واردات الأسواق المحلية، مما ساعد في تعزيز وجود سوق محلية معزولة نسبيا إلى حد جيد في العالم العربي مع وجود تدخل حكومي في بعض الأحيان متزامنا مع بروز نتائج تحسين هياكل الاقتصاد الكلي.

وبحسب التقرير فهناك تحديات تتمثل في بقايا الأزمة الراهنة وتنامي أشكال المخاطر المصرفية المهددة، مشددا على أن المشهد المالي المصرفي في العالم العربي بدأ يتغير قبل الأزمة لكن موجة الأزمة والتغيرات المحيطة أجبرت على سرعة التعديلات، موضحا أن البنوك لن ترى فوائد هذه التعديلات في المدى القريب، وإنما على المدى البعيد.

ولفت التقرير إلى أن القضايا الراهنة في القطاع تختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، مما يعكس التنوع في الخدمات المصرفية في العالم العربي، مفيدا أنه على الرغم من تزايد الأعمال المالية والاقتصادية فيما بين بلدان المنطقة، فإن السمة الإيجابية تتمثل في تركيز السيولة وقوة الأصول ونوعية الموجودات.

وأضاف التقرير أنه لا تزال مجالات التركيز الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي وشمال أفريقيا البنوك تواجه قضايا مختلفة منها مواكبة وتيرة الإصلاحات المصرفية ذات الأهمية القصوى، التي أفضت إلى بعض النجاح مع تكامل الإصلاح التنظيمي، وسط مواجهة بعض الإشكاليات أبرزها إيجاد مصادر بديلة للنمو الذي يعتبر الهدف الصعب. ورشح تقرير «موديز» 3 دول خليجية بأن تكون الأكثر تضررا وذات النظرة السلبية في تحليلاته جراء الوضع المالي العالمي هي البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة (الإمارات)، مشيرا إلى أن النظم المصرفية فيها ستكون عرضة للتضرر من جفاف السيولة، والانخفاض الحاد في أسعار الأصول (ولا سيما تلك الممتلكات) وتأثر درامي السلبية الذي تعاني منه المؤسسات المتخصصة (مثل بيوت الاستثمار والشركات العقارية) نتيجة التمويل، والتخطيط الاستراتيجية الشامل واضطراب وضع الأصول واسعة النطاق.

وأبانت «موديز» أن البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا) التي تخضع لتصنيفاتها وعددها 69 بنكا منها 49 في دول مجلس التعاون الخليجي، بينها 10 مؤسسات مالية متوافقة مع الشريعة، و13 مصرفا في شمال أفريقيا و7 في بلاد الشام، تجنح في مستويات تصنيفاتها إلى الاستفادة من الارتفاعات القوية من تصنيف القوة المالية (BFSRs)، التي هي في حد ذاتها مؤشرات على أنها مؤسسات مالية جيدة وتضفي ملامح ائتمانية مستقلة.

ويعكس هذا النهج – وفقا لـ«موديز» - دعما قويا للنظم المتبعة ومستوى جيدا من الإدلاء بالبيانات وسط دعم قوي من البنوك المركزية في تلك البلدان حفاظا على قطاعاتها المالية وتعد ذات أهمية استراتيجية من قبل الحكومات.

ولفت تقرير «موديز» إلى الاستجابة السريعة من السلطات في كثير من الأحيان في توفير الدعم للمصارف على مدى العامين الماضيين خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديد آليات دعم وضعت لمساعدة البنوك الخليجية لتقويتها في الصمود في وجه العاصفة المالية العالمية وكذلك أزمة السيولة التي لديهم.