«الشرق الأوسط» تنشر رسالة الرئيس الأميركي لمجموعة الـ20

TT

عندما التقينا في لندن في أبريل (نيسان) 2009، كنا نواجه أسوأ أزمة مالية عالمية منذ ثلاثينات القرن الماضي. وقد عملنا بسرعة غير مسبوقة واتخذنا إجراءات قوية عززت جانب الطلب وأصلحت أنظمتنا المالية. وقد نجح الأمر بالفعل.

في بيتسبرغ، مع بداية استعادة الاقتصاد عافيته، اتفقنا على العمل معا لتحقيق نمط أكثر توازنا من النمو العالمي واتخاذ إصلاحات مالية لتعزيز نظامنا المالي وحماية اقتصادياتنا من غياب الاستقرار.

في تورنتو، نلتقي في وقت تتجدد التحديات أمام الاقتصاد العالمي. ويجب أن نعمل سويا على تعزيز تحرك الاقتصاد نحو استعادة نشاطه. ونحن بحاجة إلى الالتزام بسياسات مالية عامة مستدامة على المدى المتوسط. وينبغي أن ننجز ما بدأناه فيما يتعلق بالإصلاح المالي.

ويجب أن تتمثل أولويتنا الأولى في تورنتو في حماية وتعزيز استعادة الاقتصاد لعافيته. وقد عملنا بجد استثنائي لاستعادة النمو، ولا يمكننا أن نترك الاقتصاد يتداعى مجددا أو يفقد زخمه الآن. ويعني ذلك ضرورة أن نعيد التأكيد على وحدة هدفنا من خلال إقرار السياسات اللازمة لدعم الحفاظ على قوة الاقتصاد. ومن الضروري أن نحظى بتحرك مستدام باتجاه استعادة النشاط الاقتصادي قوته يخلق فرص عمل جيدة تحتاجها شعوبنا. في الواقع، حال انحسار الثقة في قوة تحرك اقتصادياتنا دون استعادة عافيتها، ينبغي أن نكون على استعداد للاستجابة مجددا بالسرعة والقوة المطلوبتين لتجنب تباطؤ عجلة النشاط الاقتصادي. من أجل استعادة الاقتصاد العالمي عافيته على نحو قوي ومستدام ينبغي أن يبنى ذلك على طلب عالمي متوازن. الملاحظ أن نقاط ضعف خطيرة توجد عبر اقتصاديات مجموعة العشرين. ويساورني القلق حيال ضعف طلب القطاع الخاص والاستمرار في الاعتماد الشديد على الصادرات من جانب بعض الدول التي تتسم بالفعل بفوائض خارجية ضخمة. وتعتمد قدرتنا على تحقيق عودة مستدامة لاقتصاد عالمي قوي على قدرتنا على تحقيق نمط من نمو الطلب العالمي يتجنب التفاوتات التي ظهرت في الماضي. في بيتسبرغ، اتفقنا على أن الدول ذات الفوائض الخارجية بحاجة لتعزيز المصادر المحلية للنمو. وسيتعين على القادة والحكومات أن يقرروا لأنفسهم السبيل لتحقيق هذا الهدف. في بعض الدول، من شأن تعزيز شبكات الضمان الاجتماعي تعزيز مستويات منخفضة من الاستهلاك. وفي أخرى، بمقدور الإصلاحات بأسواق المنتجات والعمل تعزيز الاستهلاك والاستثمار. أيضا، أود التأكيد على أن أسعار الصرف المعتمدة على السوق تشكل عنصرا أساسيا لدعم اقتصاد عالمي قوي ومتوازن.

إننا بحاجة لاتخاذ تعديلات مالية من شأنها تحقيق استقرار في معدلات الديون بالنسبة لإجمالي الناتج الداخلي عند مستويات مناسبة على المدى المتوسط. إنني ملتزم باستعادة النشاط المالي داخل الولايات المتحدة، وأعتقد أنه ينبغي على جميع الدول الأعضاء بمجموعة العشرين وضع خطط موثوق بها ومؤازرة للنمو لاستعادة وضع مالي عام مستدام. إلا أنه من الحيوي أن يتوافق التوقيت وسرعة الإجراءات في كل دولة مع احتياجات الاقتصاد العالمي، وزخم الطلب الخاص بالقطاع الخاص والظروف الوطنية. ويجب أن نتحلى بالمرونة في تكييف وتيرة جهود تعزيز الاقتصاد وتعلم الدروس المستفادة من الأخطاء التي وقعت بالماضي عندما جرى سحب المحفزات الاقتصادية بسرعة مفرطة وأسفر ذلك عن تجدد مصاعب اقتصادية وركود. من جانبنا، سنتخذ إجراءات لدعم استعادة الاقتصاد نشاطه على صعيد الطلب الخاص وإعادة العاطلين إلى حقل العمل. في الوقت ذاته، نعترف بأهمية إقرار نهج مالي موثوق به على المدى المتوسط، ولذلك ستقلص إدارتي عجز الميزانية الذي ورثناه بمقدار النصف بحلول السنة المالية 2013 وسنعمل على خفض عجزنا المالي إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي بحلول السنة المالية 2015، الأمر الذي سيحقق استقرارا في معدل الديون بالنسبة لإجمالي الناتج الداخلي عند مستوى مقبول خلال ذلك العام.

من أجل تعزيز استعادة الاقتصاد نشاطه وتعزيز قدرة أنظمتنا المالية على توفير الاعتماد اللازم، يجب أن نبقي على زخم الإصلاح المالي. ومن شأن القضاء على الشكوك القائمة حيال شفافية الميزانيات المصرفية وملاءمة رؤوس الأموال المصرفية، خصوصا في أوروبا، الحد من تذبذبات السوق المالية وتكلفة الاقتراض. وينبغي أن ندعم جهود تعزيز الشفافية ودعم الإفصاح من قبل المؤسسات المالية الضخمة ببلادنا، والعمل، حينما تستدعي الضرورة، على تعزيز أوضاع مصارفنا فيما يتعلق برأس المال. إن قدرتنا على تحقيق النمو من دون التجاوزات التي عرضت اقتصادياتنا للخطر منذ عامين يستلزم منا إسراع جهودنا لإنجاز الإصلاحات اللازمة. داخل الولايات المتحدة، أقر الكونغرس قوانين إصلاحية شاملة للتنظيمات المالية. ويجب أن نعيد التأكيد على التزامنا المعلن في تورنتو بإطار عمل مشترك يوفر:

* متطلبات أكثر صرامة فيما يتعلق برؤوس الأموال والسيولة: نود من المفاوضين الممثلين لنا التوصل إلى اتفاق بشأن وضع إطار عمل جديد يتعلق برؤوس الأموال بحيث يمكننا إقراره في سيول بحيث يتضمن متطلبات أعلى بالنسبة لحقوق المالكين ووضع تعريفات أضيق نطاقا لرأس المال ومعدل رفع إلزامي بسيط ومتطلبات سيولة مناسبة. في الوقت الذي ندرس إجراءات انتقالية ملائمة، يجب ألا نغفل الحاجة للتأكد من تمتع مؤسساتنا المالية برأس المال اللازم لمواجهة الضغوط المستقبلية.

* تشديد الرقابة على أسواق المشتقات: نرغب في أن يتوصل المفاوضون التابعون لنا إلى اتفاق يجري تطبيقه عبر الأسواق المالية الكبرى يقضي بخلق إطار عمل متناغم للإشراف على أسواق المشتقات. وينبغي أن نخضع المضاربين في أسواقنا وجميع العناصر الكبرى المشاركة بأسواق المشتقات للإشراف والتنظيم، بما في ذلك متطلبات محافظة تتعلق برأس المال والهامش ومتطلبات على صلة بالإفصاح والإبلاغ ومعايير صارمة للسلوك التجاري للتخفيف من حدة أي مخاطر محتملة أو إمكانية إساءة استغلال الأسواق.

* فرض المزيد من الشفافية والإفصاح لتعزيز نزاهة الأسواق والحد من التلاعب بها.

* إقرار إطار عمل أكثر فاعلية لتفكيك الشركات العالمية الكبرى، بجانب مبادئ للقطاع المالي تمكنه من تقديم إسهام عادل ومهم في تحمل أي أعباء يخلقها على نحو يحمي دافعي الضرائب ويخلق مستوى من تكافؤ الفرص وتقليص المخاطر أمام اقتصادياتنا.

أيضا، أتطلع قدما في تورنتو نحو العمل بخصوص قضايا متنوعة بين الطاقة والتنمية وصولا إلى إصلاح الحكم داخل المؤسسات المالية الدولية.

معا، حددنا مجموعة العشرين باعتبارها المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي. ومن المهم أن تبدي مجموعة العشرين عزمها على الاستمرار في العمل الجماعي لتناول التحديات المتجددة أمام الاقتصاد العالمي. وأتطلع إلى مقابلتكم في تورنتو وإعادة التأكيد على وحدة هدفنا وعزيمتنا.

* المخلص: باراك أوباما