قيادي في السلفية الجهادية المغربية: محرومون من «الخلوة الشرعية».. ولنا تحفظات على مراجعات أبو حفص

قال عبر هاتف مهرب لـ «الشرق الأوسط»: أغلب المحتجزين بالسجن كانوا سيتوجهون إلى العراق.. ولم أتورط في تفجيرات الدار البيضاء

TT

عبر جوال مهرب إلى داخل إحدى زنزانات سجن سلا المغربي الذي يحتجز فيه عناصر وقيادات التيار السلفي الجهادي الذين اتهموا بتدبير تفجيرات الدار البيضاء التي وقعت في 16 مايو (أيار) 2003، تحدثت «الشرق الأوسط» إلى واحد من أبرز قيادات التيار الجهادي في السجن المغربي لأكثر من ساعة أول من أمس، ولم يتحدث القيادي الأصولي إلى «الشرق الأوسط» إلا بعد أن اطمئن أننا لن نكشف هويته خوفا من العقاب هو وجماعته بالسجن المغربي. وقال «م.ر» عن عشرات من الإسلاميين الذين دخلوا إضرابا عاما عن الطعام منذ أيام بسبب، ما زعم، سوء المعاملة في السجن المغربي، وقال إنه شخصيا أضرب عن الطعام منذ خمسة أيام، بسبب عدم تلبية وعود رسمية بالإفراج عن بعض قيادات الحركة الأصولية، وإعادة محاكمة كثير منهم اتهموا في نفس القضية، وإيقاف ما يعرف باسم «التغريب» أي نقل السجناء أو توزيعهم في سجون بعيدة عن منازل العوائل حتى يسهل زيارتهم. وقال إنه دخل السجن وهو في الثامنة والعشرين من العمر بعقوبة قدرها سبع سنوات ونصف سجنا لاتهامه في تفجيرات الدار البيضاء، واليوم يبلغ من العمر 35 عاما، وهو متزوج ويعول طفلين. وكانت «الشرق الأوسط» حصلت على رقمي جوالين مهربين داخل السجن المغربي من أحد قيادات الحركة الأصولية في بريطانيا، للتواصل مع معتقلي التيار السلفي الجهادي في السجن المغربي. وشكا «م.ر» مما وصفه من: «معاناة السجناء السياسيين وتعرضهم لعمليات الاختطاف أو النقل التعسفي إلى سجون أخرى وممارسة الضغوط عليهم من أجل وقف إضرابهم عن الطعام دون النظر لمطالبهم، وانعدام الرعاية الصحية، وقال إن سجناء الحق العام الذين ارتكبوا جرائم عادية أفضل منا حالا بكثير، فعلى الأقل هم يتمتعون مثلا بحقوق «الخلوة الشرعية» وهي مرة كل شهر أو عشرين يوما، حيث تذهب زوجة السجين لملاقاة زوجها في «خلوة شرعية» نص عليها القانون، لكن سجناء السلفية الجهادية محرمون منها. وقال إن هناك قيادات في الحبس الانفرادي وآخرين في زنزانات جماعية بعضها يسع لأربعة أو ستة من عناصر التيار السلفي، وأشار إلى أنه شخصيا يشارك في زنزانة بها ثلاثة من زملائه الإسلاميين. وزعم «م.ر» أنه بريء من الاتهامات التي طالته في قضية تفجيرات الدار البيضاء. وقال «إن الزيارة تتم من وراء الشبابيك وفي ظروف لا إنسانية. وزعم عن تفتيش دقيق يمس حتى الجوانب الحساسة للمعتقلين قبل التقاء ذويهم، ومنع إدخال عدد من المواد الغذائية من دون مبرر، وفرض اقتناء بعض المواد الغذائية من متجر السجن، والتأخير والمماطلة في الدخول إلى الزيارة (أكثر من ساعتين من الانتظار دون توفير الظروف الملائمة)، وقصر مدة الزيارة 20 دقيقة، وعدم تمكين المرحلين إلى سجن (تيفلت) من ملابسهم الخاصة».

يذكر أن تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية كانت سلسلة من الهجمات الانتحارية وقعت في 16 مايو 2003 في مدينة الدار البيضاء كبرى مدن المغرب والعاصمة الاقتصادية للبلاد، وأدت إلى 41 قتيلا وزهاء 100 جريح، جميعهم مغاربة.

وتحدث عن عدد كبير من الإسلاميين في سجن سلا المغربي محتجزين بتهمة محاولة الذهاب للقتال في العراق. وقال «إن عدد الإسلاميين في سجن سلا المغربي نحو 250 سجينا، ونحن محتجزون في جنام (ميم) في الدور الأرضي والأول، وقامت إدارة السجن بعزل الأصوليين عن بقية سجناء الحق العام، ليس تشريفا أو تكريما، ولكن كنوع من التنكيد علينا». وسألته عن إدارة السجن فقال هناك مدير عام جديد وصل قبل 20 يوما اسمه محمد عذرية، وليس لنا علاقة به، لأن أمور الإسلاميين وإضرابهم العام في يد وزارة العدل والاستخبارات». وتحدث «م.ر» عن قيام إدارة السجن المحلي بسلا بترحيل المعتقل الإسلامي هشام العلمي إلى سجن تيفلت المدني، الذي يعرف باسم «غوانتانامو المغرب» وهو سجن مخصص للعقوبات التأديبية حيث يقبع فيه معتقلو ما يسمى بالسلفية الجهادية الرافضون «للمراجعات الإسلامية»، وتجريده من ثيابه بمجرد وصوله إلى السجن. وسألته «الشرق الأوسط» عن كيفية معرفته بأنباء بقية سجناء السلفية الجهادية في المغرب، فقال إن أخبارنا تتناقل بسرعة مثل النار في الهشيم عبر زيارات العوائل أو محاميي الحق العام الذين يزورون السجون. وتحدث أيضا «م.ر» عن إضراب الطلبة الصحراويين المعتقلين عن الطعام، ضمن ما يسمى بـ«المرابطين الجدد» تحت طائلة ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب. وتحدث «م.ر» عبر الهاتف عن شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب، وقال لا يسمون أنفسهم هكذا وإنما هذه تسمية الحكومة، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب والشيوخ يرفضون تسميتهم بالسلفية الجهادية ويقولون «نحن أهل السنة والجماعة». وتحدث عن تحفظات على مبادرة المراجعات التي أطلقها قبل أقل من عام المعتقل محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بـ«أبو حفص»، تحت عنوان «أنصفونا» التي أعلن من خلالها الرغبة في المصالحة مع الدولة. وتساءل «م.ر» عن ماذا سنتراجع؟ عن تعاطفنا مثلا مع قضايا المسلمين في العراق وأفغانستان، إن وضعنا في المغرب يختلف مثلا عن مصر وليبيا، لأنه كانت هناك تنظيمات إسلامية مسلحة مثل «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد» اللتين دشنتا في السجون مراجعات تنبذ العنف، ولكن في المغرب، هناك إسلاميون، أو كما تسميهم أصوليين، من مناطق مختلفة جغرافية، لا يربطهم سوى أفكار مشتركة. وانتقد مبادرة أبو حفص، وقال إنها تتسم بالتعميم، ولم تتطرق إلى ملابسات محاكمات شيوخ السلفية. من جهة أخرى تلقت «الشرق الأوسط» بيانا من «المرصد الإسلامي» بلندن أمس، وهو هيئة حقوقية تتابع أخبار الأصوليين حول العالم تحدث عن تدهور الحالة الصحية بالسجن المحلي بسلا لكل من محمد حاجب، عبد العزيز الإدريسي ومحمد فوزي. وأعرب مدير «المرصد الإعلامي الإسلامي» بلندن ياسر السري أبو عمار المصري في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» مما وصفه عن قلقه الشديد وخشيته أن تتعرض حياة السجناء للخطر في حال استمرار إضرابهم عن الطعام، وناشد كل الجهات المعنية التدخل من أجل إنقاذ حياة بقية السجناء. وناشد نقابة الأطباء والمحامين تشكيل لجنة طبية لزيارة السجناء، والعمل على وقف هذه الممارسات المخالفة للقوانين المحلية والقوانين الدولية.