كابل تتحرك سريعا لاستغلال مستودعات المناجم المكتشفة حديثا

مؤتمر لـ 200 مستثمر في لندن الأسبوع المقبل

وزير المناجم الأفغاني وحيد الله شهراني في مؤتمر صحافي في كابل (أ.ب)
TT

أعلنت وزارة المناجم أول من أمس أنها ستتخذ الخطوات الأولى تجاه طرح مستودعات المعادن في البلاد أمام المستثمرين الدوليين في اجتماع يعقد الأسبوع المقبل في لندن، في الوقت الذي أعرب فيه أفغان عن مزيج من الأمل والشك بشأن التزام الحكومة بتطوير الثروة المعدنية المكتشفة حديثا في البلاد. وسيكون تركيز الاجتماع منصبا على منطقة هاجيجاك في إقليم باميان، التي تحتوي على احتياطيات رئيسية لخام الحديد، حسبما ذكر وزير المناجم الأفغاني وحيد الله شهراني في مؤتمر صحافي في كابل.

وكان هذا المؤتمر الظهور العلني الأول للوزير شهراني منذ إعلان الخبر بأن البلاد يوجد بها موارد معدنية غير مستغلة لا تقل قيمتها عن تريليون دولار بعد نشر مقال يوم الاثنين الماضي في صحيفة «نيويورك تايمز» فصل النتائج التي توصل إليها البنتاغون والمسح الجيولوجي الأميركي. وقال مسؤولون أفغان إن التقديرات الخاصة بهم تشير إلى أن هذه الاحتياطات قد تصل قيمتها إلى 3 تريليونات دولار.

وقال شهراني: «هذا الخبر السار لديه القدرة على إضافة قيمة كبيرة لاقتصاد أفغانستان، وسيخدم التنمية في البلاد».

وتشمل هذه المستودعات المعدنية التي لم تكن معروفة من قبل كميات ضخمة من الحديد والنحاس والكوبالت والذهب ومعادن صناعية مهمة مثل الليثيوم. وفي ظل اكتشاف الكثير من المعادن التي تعد ضرورية للصناعة الحديثة، قد تتحول أفغانستان إلى أحد أهم مراكز التعدين في العالم، وفقا لما ذكره مسؤولون أميركيون.

وجرى توجيه الدعوة إلى مائتي مستثمر في مجال التعدين من جميع أنحاء العالم لحضور اجتماع الأسبوع المقبل في لندن، حيث سيقدمون اقتراحاتهم حول كيفية تطوير مستودعات خام الحديد في هاجيجاك، وذلك حسبما أعلن كرايغ أندروز، الاختصاصي الرئيسي في التعدين لأفغانستان في البنك الدولي.

وبعد ذلك، ستعلن الوزارة عن مناقصة حول هذه المنطقة. وعلى سبيل المثال، من الممكن أن تطلب الحكومة من مقدم العرض تطوير مصنع للصلب ومنجم لخام الحديد، حيث إن هناك أيضا مستودعات قريبة للفحم. وتأمل الحكومة أن تكون قادرة بحلول شهر سبتمبر (أيلول) المقبل على الاستحواذ على اهتمام شركات التعدين، وربما بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) تخفيض العدد إلى خمس أو ست شركات، التي سيكون لديها القدرة على تنفيذ مثل هذا المشروع الضخم.

وسيساعد خبراء غربيون غير حكوميين الوزارة على تطوير عملية الطرح. وتعهد شهراني بجعل عملية الطرح والتعاقد حول حقوق التعدين تحظى بالشفافية بقدر الإمكان وذلك من أجل تقليص احتمالات الفساد. وقال إن الوزارة ستنشر العقود على موقعها على الإنترنت وستحاول إحاطة الصحافيين علما بها، وبالتالي الشعب. وسيتم إتاحة نسخ من العقود أمام أعضاء البرلمان وأعضاء المجتمع المدني.

وحذر شهراني ومستشاروه من التوقعات العالية والمفرطة، مشددا على أن عملية التطوير تستغرق سنوات، وأن هناك الكثير من العقبات يجب التغلب عليها، أقلها انعدام الأمن في بعض المناطق التي يوجد بها معظم المعادن، وعدم وجود بنية تحتية للنقل. وروج المسؤولون الدفاعيون الأميركيون هذا الأسبوع لثروة أفغانستان المعدنية غير المستغلة بوصفها خبرا سارا نادرا فيما قد تكون محاولة لتبديد التشاؤم بشأن الحرب ونتائجها. وإذا كان توقيت الخبر يهدف إلى تغيير نبرة سلبية في التقارير الإعلامية عن الصراع المستمر منذ تسعة أعوام تساءل خبراء كيف يمكن لتقديرات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لثروة معدنية تتجاوز قيمتها التريليون دولار أن تغير دفة الأمور بأي حال من الأحوال.

وعلق أنتوني كوردزمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مؤسسة بحثية في واشنطن على الخبر السار الذي تم نسجه بدقة حول المعادن الأفغانية قد تثبت واقعيته الاقتصادية وقد لا تثبت. عمليا لن يكون هناك مردود للموارد المعدنية بأفغانستان قبل خمس سنوات على الأقل. وقال بروس ريدل خبير شؤون أفغانستان إن هذه الثروة من ذهب ونحاس وخام حديد والسلع الباهظة الثمن مثل الليثيوم والمعادن النادرة يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة حيث تتصارع الصين والهند وروسيا على منجم الثروة.

وقال ريدل المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بالإعلان عن هذا يقولون إن أفغانستان مكان جيد باستثناء الإرهاب. لكن هذا في الواقع قد يذكي الخصومات بالمنطقة والتي كانت محور مشكلات أفغانستان لقرنين.

وفي كابل، قال الطلاب وأصحاب المتاجر على حد سواء إنهم يعتقدون أن الحكومة لديها المقدرة على تطوير المناجم في نهاية المطاف، لكن ليس من دون المساعدة من الأجانب.

وقال غلام حضرت، مالك أحد المحلات التي تبيع قطع غيار السيارات، «ليس لدى الحكومة الحالية القدرة على إطلاق مثل هذه المشاريع الكبرى، لا من حيث الإدارة ولا من حيث الأمن».

ورفع غلام إصبع السبابة، الذي تم تشويهه عندما كان يحارب الروس في ثمانينات القرن الماضي؛ وأشار إلى آثار الجروح على رجله وعلى صدره من بداية تسعينات القرن الماضي، عندما كان يحارب أمراء الحرب بعضهم البعض من أجل السيطرة على البلاد، «لقد قدم الآلاف التضحيات مثلي أثناء حياتهم. لكنني على يقين من أنني لن أرى أي منافع من هذه المناجم في حياتي، ولن تراها أنت في حياتك. ولا أعرف ما إذا كان أبنائي سيشاهدون هذه المنافع أم لا».

وأشار عبد الرحمن أشرف، أحد مستشاري الوزير، إلى نفس الرأي عندما سأله صحافي شاب في المؤتمر الصحافي حول ما إذا كان جيله سيرى منافع هذه الاحتياطيات المعدنية، وقال: «لا ينبغي على جيلك أن يعتقد أن الثلاثة تريليونات دولار هي مبلغ يمكنك إنفاقه، لكن أطفالك، وأحفادك، وأطفالهم سيكون لديهم الحق في هذه الاحتياطيات».

«علينا أن نتعلم كيف نستخدمها». وكان فيصل فاروقي، وهو طالب بالسنة الأولى بجامعة كابل ويدرس القانون والعلوم السياسية، أكثر تفاؤلا، وقال إنه يرى أن هذه الاحتياطيات والاهتمام العالمي بها شيء تحتاج الدولة أن تستفيد منه. وقال: «لقد حان الوقت أن نرى الإرادة» للاستفادة من هذه الثروة، مضيفا: «إنها فرصة أمامنا كي نخرج من هذا البؤس، وعلينا انتزاعها بأيدينا، حتى لو كانت أيدينا مرتعشة».

* شارك عبد الواحد وفا في هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»