دعوات لإجراء تحقيق دولي في مجازر قرغيزستان

رئيسة الحكومة القرغيزية: عدد الضحايا 10 أضعاف ما أعلن عنه رسميا

TT

تكثفت الدعوات الدولية لإجراء تحقيق دولي في أعمال العنف العرقية الأخيرة في قرغيزستان، فيما أقرت رئيسة الحكومة القرغيزية المؤقتة بسقوط عدد كبير من الضحايا يصل إلى 10 أضعاف ما أعلن عنه رسميا، على حد تعبيرها.

وأقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس قرارا اقترحته الولايات المتحدة وقرغيزستان، «يطالب الحكومة القرغيزية بإجراء تحقيق مفصل وشفاف ومحاسبة المسؤولين عن الخسائر في الأرواح في إطار أحداث 7 أبريل (نيسان) 2010 وفي أثناء أعمال العنف العرقية الأخيرة». يشار إلى أن ثورة 7 أبريل كان أدت إلى مقتل 87 شخصا ودفعت بالرئيس السابق كرمان بك باقييف إلى الفرار، ومن حينها، تكاثرت المواجهات في البلاد. وصدر القرار بالإجماع في اليوم الأخير من جلسة المجلس الرابعة عشرة في جنيف. وحث قرار المجلس، أيضا، الحكومة القرغيزية على «تعزيز المصالحة العرقية ودعوة مجمل الأطراف إلى تجنب العنف». وأدان مجلس حقوق الإنسان أخيرا بحزم «انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في المظاهرات التي واكبت تغيير الحكومة» في أبريل إضافة إلى «الاستفزازات وأعمال العنف في أوش وجلال آباد».

بدورها، دعت الولايات المتحدة أمس إلى إجراء تحقيق دولي في أعمال العنف العرقية الأخيرة في قرغيزستان. ووصف روبرت بليك مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، الذي توجه إلى المنطقة، الوضع بأنه أزمة إنسانية، وحث الحكومة القرغيزية المؤقتة على العمل فورا على وقف إراقة الدماء. وتوجه بليك إلى مخيمات اللاجئين في أوزبكستان المجاورة، وقال للصحافيين في الجانب الأوزبكي من الحدود «نحث حكومة قرغيزستان المؤقتة على اتخاذ خطوات فورية لوقف العنف. إجراء تحقيق قرغيزي يجب أن يعضده تحقيق دولي».

وأشاد بليك برد الفعل السريع للسلطات الأوزبكية إزاء أزمة النازحين. ويعيش 100 ألف شخص في مخيمات على الجانب الأوزبكي الأكثر استقرارا الذي تصله مساعدات أكثر من تلك التي تصل إلى العالقين على الجانب القرغيزي من الحدود. وفي أحد المخيمات التي تنتشر فيها صفوف من الخيام عليها شعار الأمم المتحدة تحلقت عشرات النسوة والدموع تنهمر من أعين كثير منهن حول بليك، قبل توجهه إلى قرغيزستان. وقال بليك لهن من خلال مترجم «من المهم إرساء السلام لكي ترجعن في أمان». يشار إلى أن قرغيزستان تستضيف قاعدتين عسكريتين إحداهما أميركية والأخرى روسية. في غضون ذلك، توجهت رئيسة الحكومة القرغيزية المؤقتة روزا أوتونباييفا إلى جنوب البلاد حيث وقعت الاضطرابات الأخيرة وتعهدت بإعادة بناء المنطقة للسماح للاجئين بمغادرة المخيمات والعودة إلى منازلهم.

ووصلت أوتونباييفا إلى مدينة أوش التي تصطف المباني المحترقة على جانبي شوارعها على متن مروحية عسكرية للقاء المسؤولين المحليين، وقالت: «سنعيد بناء مدينة أوش مهما كلف الأمر لكي يعود الناس إلى منازلهم». وكشفت من ناحية أخرى أن عدد القتلى قد يكون عشرة أمثال الحصيلة الرسمية البالغة 190 قتيلا. وقالت في مقابلة مع صحيفة «كومرسانت» الروسية نشرت أمس إن عدد القتلى قد يصل إلى نحو 1900 شخص. وأضافت: «للوقوف على الرقم الحقيقي للقتلى سأضاعف العدد الرسمي عشرة أضعاف». واتهمت أوتونباييفا التي ترأس حكومة غير منتخبة رسميا، باقييف بتنظيم عصابات مسلحة لإطلاق النار على الأوزبك والقرغيز لإيقاد شرارة العنف العرقي في الجنوب المعقل التقليدي لباقييف.

كذلك، أعلنت أوتونباييفا للإذاعة الوطنية أن القوات الروسية ستحمي بعض المنشآت الاستراتيجية في قرغيزستان. وصرحت الرئيسة أن «العسكريين الروس سيحمون بعض المنشآت الاستراتيجية في قرغيزستان. تم اتخاذ هذا القرار لضمان أمن تلك المنشآت»، من دون تحديدها. وتقيم روسيا قاعدة عسكرية في كانت قرب بشكيك، شأنها شأن الولايات المتحدة التي تستخدم قاعدة ماناس العسكرية لنقل الدعم اللوجيستي إلى قواتها المنتشرة في أفغانستان.

وقال مسؤولون بالأمم المتحدة أمس إن نحو مليون شخص تضرروا جراء الصراع العنيف في قرغيزستان ويحتاجون إلى غذاء ومعونات أخرى. ويشمل هؤلاء 400 ألف شخص شردوا بعد فرارهم من الاشتباكات العرقية في مدينتي أوش وجلال آباد الجنوبيتين. ونزح نحو 300 ألف شخص إلى مناطق داخل قرغيزستان بينما عبر 100 ألف الحدود إلى أوزبكستان.

وقالت كريستيان برتيوم المتحدثة باسم صندوق اليونيسيف أمام مؤتمر صحافي في جنيف: «في الوقت الراهن نرى أن علينا تلبية احتياجات أكثر من مليون شخص من النازحين واللاجئين والذين قصدوا عائلات لإيوائهم وكلهم تضرروا جراء الصراع».

وكانت الحكومة المؤقتة أكدت أول من أمس عزمها المضي قدما بتنظيم استفتاء دستوري في 27 يونيو (حزيران) الحالي. وتريد أيضا أن تسلمها بريطانيا ماكسيم النجل الأصغر لباقييف الذي تقول إنه اعتقل في جنوب إنجلترا هذا الأسبوع. وقال عظيم بك بيكنازاروف نائب رئيسة الحكومة الانتقالية إن الولايات المتحدة عليها أن تحث بريطانيا على التعجيل بعملية التسليم كجزء من «حربها على الإرهاب». وحذر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» من أن متشددين إسلاميين قد يستولون على السلطة في قرغيزستان إذا فشلت الحكومة في الإمساك بزمام الأمور.