ليبيا: تساؤلات حول اختفاء المعتصم القذافي وتخليه عن مهمة مستشار الأمن القومي

اللواء الخويلدي الحميدي يخضع لعملية جراحية في ألمانيا

TT

قالت مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن المعتصم القذافي، أحد أنجال الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مستشار الأمن القومي الليبي، تخلى عن موقعه على ما يبدو في ظروف مثيرة للجدل لم تتضح معالمها بعد. وأوضحت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن المعتصم يقوم حاليا بجولة خارج ليبيا، مشيرة إلى أنه أمضى بعض الوقت في مصر قبل أن يتوجه إلى مكان غير معلوم بغية الراحة والاستجمام، على حد تعبيرها.

وكشفت المصادر ذاتها النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن أن المعتصم غادر موقعه بعد وقت قصير من قرار مفاجئ اتخذه والده القذافي، في وقت سابق، يقضي بتقليص صلاحيته كرئيس لجهاز الأمن الوطني الليبي، وضم أنشطة الجهاز فعليا إلى وزارة الخارجية الليبية التي يوجد على رأسها موسى كوسا.

ولم يصدر في ليبيا أي بيان رسمي بشأن ذلك، لكن شائعات متداولة بين أوساط دبلوماسية غربية وليبية في طرابلس، منذ الأسبوع الماضي، قالت إن المعتصم القذافي غاضب بسبب تقليص صلاحيته. وأثار الحرس المرافق لنجل القذافي انتباه مواطنين محليين وسياح أجانب خلال زيارته المفاجئة لآثار مصر القديمة في محافظة أسوان الجنوبية في مارس (آذار) الماضي.

وبعدما كان المعتصم وأنشطته يوميا تقريبا موضع متابعة في مختلف وسائل الإعلام الرسمية، فإنه مرت الآن نحو أربعة أشهر دون صدور أي خبر عنه، وهو ما عزز التكهنات بشأن وجود صراع غير معلن أدى إلى هذا الوضع.

وزعمت تقارير غير رسمية أن هناك صراعا غير معلن بين المعتصم وشقيقه الأكبر المهندس سيف الإسلام القذافي، الذي غالبا ما ينظر إليه على أنه الوريث المحتمل للعقيد القذافي، لكن مصادر مقربة من سيف الإسلام نفت لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه المزاعم، ووصفتها بأنها عارية عن الصحة.

وقال عاشور الشامس، مسؤول تحرير موقع «أخبار ليبيا» على شبكة الإنترنت (معارض)، إن المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد أن المعتصم القذافي تقلص دوره في جهاز الأمن الليبي بعد أن تولى منصب «مستشار الأمن الوطني» لما يقرب من ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن ذلك كان بسبب اصطدامه مع شخصيات أخرى، في مقدمتها موسى كوسا، الذي كان يتولى مسؤولية الأمن الخارجي، ولا تزال له علاقة به. واعتبر الشامس أن من بين أسباب اختفاء المعتصم هو استياؤه مما نشر عنه في الإنترنت إلى درجة تدخله وحجبه لموقع «يوتيوب» وبعض المواقع الأخرى، وخاصة المواقع الليبية في الخارج والداخل، وما أحدثه ذلك من إرباك، وإحراج لليبيا، التي يفترض أنها تسعى للانفتاح على العالم.

ومع ذلك، أكد الشامس في معرض رده على أسئلة وجهتها له «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، أن هذا لا يعني نهاية المعتصم، لافتا إلى أنه يتوقع أن يعود إلى السلطة بشكل ما، رغم أنه لا يملك القدرات أو المؤهلات المطلوبة لرجل الأمن أو رجل السياسة، على حد قوله.

وتولى المعتصم القذافي منصبه كمستشار للأمن القومي الليبي العام قبل الماضي، علما بأنه رافق القذافي في الكثير من رحلاته الخارجية بهذه الصفة كان آخرها عندما حل ضيفا أمام الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك.

ويعتبر مجلس الأمن الوطني في ليبيا الذي يترأسه المعتصم، ويتبع من الناحية الدستورية مؤتمر الشعب العام (البرلمان)، من أهم مكونات الدولة الأساسية في مجال الحفاظ على أمن الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والدفاعي، إضافة إلى التعامل مع الأزمات والكوارث الوطنية وإدارتها، واستقراء الاحتمالات حول المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها الوطن حاضرا ومستقبلا، ووضع الحلول المناسبة للتعامل معها بما يكفل حماية الأمن الوطني، وتحقيق المصالح العليا للدولة ومواطنيها.

ووفقا لما هو منشور عبر موقعه الإلكتروني على شبكة الإنترنت، فإن مهام المجلس تكمن في إعداد استراتيجيات الدولة في المجالات المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتوجيه الأجهزة المختلفة للدولة لتطوير استراتيجيتها بما يكفل تكاملها وتناسقها لتحقيق حماية الأمن الوطني، وتحديد الآليات والإجراءات اللازمة لذلك، ومراجعة السياسات المتعلقة بالعلاقات الدولية، ومراجعة المعاهدات والاتفاقيات ومشاريع موازنات الدولة، وإبداء الرأي حولها قبل المصادقة عليها، ومراجعة واقتراح السياسات التي من شأنها رفع المستوى المعيشي لأفراد المجتمع، ضمانا لنشر الرفاهية والاستقرار واقتراح إعلان حالة التعبئة العامة والطوارئ والحرب.

يشار إلى أن المعتصم حصل في مايو (أيار) 2002 على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان المصرية، حيث منحه الرئيس المصري حسني مبارك رتبة عقيد أركان حرب.

إلى ذلك، قالت مصادر مقربة من اللواء الخويلدي الحميدي، عضو مجلس القيادة التاريخية للثورة في ليبيا، وأحد أبرز المقربين من العقيد القذافي، إنه خضع أول من أمس لعملية جراحية ناجحة على الحوصلة المرارية بالمستشفى الجامعي بمدينة هايدلبورغ بألمانيا. وقال بيان إعلامي مقتضب تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الفريق الطبي المشرف على علاجه أكد تماثله للشفاء، ونقل عن رئيس الطاقم البروفسور ماركوس بوخلر، قوله إن الوضع الصحي للواء الحميدي مستقر وإنه غادر بالفعل العناية الفائقة، ويمكنه ممارسة عمله بشكل طبيعي بعد فترة النقاهة. ولم تعلن السلطات الليبية رسميا عن الوضع الصحي للحميدي الذي شارك العقيد القذافي في تنفيذ الانقلاب العسكري، الذي أطاح بملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي، علما أن شائعات سرت الأسبوع الماضي، أفادت بانتقال الخويلدي للعلاج في ألمانيا بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة.

على صعيد آخر، أفادت صحيفة سويسرية أمس أن ليبيا قد تكون احتجزت سويسريا ثالثا سنة 2008 لكن أفرج عنه سريعا بعد اعتقال رجلي الأعمال السويسريين نحو السنتين، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأفادت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» استنادا إلى مصادر مجهولة أن سويسريا ثالثا قد يكون منع من مغادرة ليبيا لكن لم يزج به في السجن كما كان حال رجلي الأعمال ماكس غولدي ورشيد حمداني اللذين اعتقلا في يوليو (تموز) 2008.

وأوضحت الصحيفة أن السويسري الذي كان يعمل في مجال لحم الأنابيب في شركة ألمانية تبني أنبوبا نفطيا في ليبيا قد يكون تمكن من اللجوء إلى سفارة سويسرا في طرابلس في الوقت المناسب، ورجحت أن يكون تم التفاوض حول رحيله نهاية سبتمبر (أيلول) 2008 مقابل تأشيرة لأحد الأعيان الليبيين.