الجزائر: جدل ديني حول رفض أئمة مساجد العاصمة الوقوف لتحية النشيد الوطني

الشيخ شيبان: لا يوجد نص يعتبر النشيد بدعة يستوجب هجرها

TT

يحتدم بالجزائر جدل حول أئمة مساجد محسوبين على التيار السلفي، رفضوا في اجتماع رسمي الوقوف تحية للنشيدالوطني الرسمي. واعتبرت وزارة العدل موقف الأئمة «تطرفا يغذي العنف»، في إشارة إلى الجماعات الإسلامية التي انتهجت السلاح أسلوبا للتعبير عن خروجها عن المجتمع. واستنكرت أوساط دينية موقفا غير مألوف صدر عن قطاع من الأئمة يشار إلى أنهم ينتمون إلى التيار السلفي، يتمثل في رفضهم الوقوف عند عزف النشيد الوطني خلال اجتماع رسمي أشرف عليه وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله. وجرى الاجتماع أول من أمس بـ«دار الإمام» بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث رفض أئمة وظفتهم الوزارة ببعض المساجد، النهوض من مقاعدهم أثناء سماع النشيد الوطني خلافا لغالبية الحاضرين بالقاعة. وفهم ذلك على أنهم يعتبرون الوقوف للنشيد، الذي هو عبارة عن أبيات شعرية لشاعر ثورة التحرير مفدي زكرياء، نوعا من «التقديس».

ولم يتفوه الأئمة «المتمردون» بأي كلمة وفضلوا متابعة أعمال الاجتماع الذي جاءوا من أجله. أما الوزير غلام الله، فاستنكر بشدة عدم وقوف الأئمة لتحية النشيد، وقال: «هل إذا قمت من مكاني لتحية النشيد يعني أنني أقدسه؟ هل معنى ذلك أن عقيدتي فاسدة؟ إن التقديس في مثل هذه الحالات لا يعني العقيدة في شيء، بل هو احترام للشهداء»، يقصد الذين سقطوا في ساحة المعارك من أجل أن تستقل الجزائر من الاستعمار الفرنسي (1962). وتابع وزير الشؤون الدينية: «لست أدري إن كان ذلك (موقف الأمة) رغبة في التميز، لكن التميز يكون في العلم، أما ما حدث فهو تميز شيطاني، ومن يحدث الفرقة بين المسلمين لا يستحق إمامتهم».

ونقلت الصحافة عن الشيخ عبد الرحمن شيبان، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين،أمس، قوله إن الوقوف للنشيط الوطني «لا يتعارض مع العقيدة مثلما يظن البعض، لانعدام ما ينص على تحريمه أو اعتباره بدعة يستوجب هجرها، والدليل أن أغلب المشايخ وخيرة العلماء، أمثال: محمد الغزالي والبشير الإبراهيمي وأحمد حماني، لم يثبت عنهم أنهم نهوا تلاميذهم، وهم من علماء الوقت الراهن، عن الوقوف عند عزف النشيد الوطني». ويعتقد الشيخ شيبان، (92 سنة)، أن الاستماع للنشيد الوطني «أمر محبب، لأن ديننا الحنيف يؤكد أن حب الوطن من الإيمان».

وأعلن الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» المشارك في الائتلاف الحكومي، رفضه ما حدث بـ«دار الإمام»، وقال إنه «تصرف منحرف، ولكنه نتيجة طبيعية لسياسات انتهجتها الدولة دفعت باتجاه تعزيز وجود بعض التيارات، التي تدعي أنها ذات بعد علمي ولا تتعاطى السياسة»، في إشارة إلى التيار السلفي الذي يملك أتباعا كثرا في الأوساط الدينية، خاصة بمساجد العاصمة. والشائع أن قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، علي بن حاج، هو الزعيم الروحي لهذا التيار.

وعبر الحزب الإسلامي المعارض «حركة الإصلاح الوطني» عن «أسفه» لما سماه «قصورا فكريا يعانيه هؤلاء الأئمة»، مشيرا إلى أن «سياسة الحكومة هي المسؤولة عن مثل هذه التصرفات، كونها حاربت الفكر الإصلاحي ومدرسة الوسطية والاعتدال في الإسلام».