دبي: مطعم شامي يمزج سحر الشرق بهوس المونديال

يعج بالزبائن.. ويرفع البطاقات الصفراء والحمراء ترحيبا بهم

من مطعم «ريم البوادي» في فترة المونديال («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد إمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، تنافسا محموما بين المطاعم والمقاهي والصالات لاجتذاب أكبر عدد من الزبائن في موسم نهائيات كأس العالم لكرة القدم من الحريصين على متابعة مونديال جنوب أفريقيا. ولقد خصصت هذه المرافق شاشات ضخمة يصل طول بعضها إلى 30 مترا، إلى جانب أجواء مونديالية تحاكي أجواء ملاعب جنوب أفريقيا، كل على طريقته. وبلغ سعر الدخول إلى إحدى صالات العرض في دبي لحضور المباريات 1000 درهم، أي ما يعادل 350 دولارا أميركيا.

غير أن مطعم ومقهى «ريم البوادي»، الذي يقع على شارع جميرا الشهير في دبي، يبدو صاحب حصة الأسد من عدد الزبائن الوافدين إليه بغية الاستمتاع بأجوائه المميزة، التي بمجرد دخول الزائر تحمله تلك الأجواء إلى عالم يختلط فيه سحر الشرق بحماسة المونديال في جنوب أفريقيا. وبالتالي، غدا المطعم - المقهى مقصدا للوافدين من كل إمارات الدولة، بل ومن بعض الدول الخليجية المجاورة، الذين صاروا يعتبرونه وجهة رئيسية لهم خلال فترة وجودهم في دبي.

في الحقيقة، بمجرد دخول الزائر إلى هذا المطعم - المقهى ترحب به فتيات الاستقبال اللواتي يرتدين قمصان الفريق الأشهر الذي سيلعب في ذلك اليوم، ويرافقنه عبر الكرات المعلقة والشباك المتدلية والشاشات المسطحة إلى طاولته. وعندما يجلس يكون بانتظاره نادل بقميص نجم الفريق من مستوى «ميسي» أو «كاكا» أو «كريستيانو رونالدو»، وهي قمصان يجري تغييرها باستمرار تبعا للمنتخبات اللاعبة ذلك اليوم في المونديال.

وبينما ينهمك الزبون في تناول طعامه، يتناهى إلى سمعه صوت مَن ينادي لروبينهو، نجم البرازيل، أو كلوزه، نجم ألمانيا، ليحضر له الماء أو قائمة الطعام، مثلا، في حين ترافقه صور المباراة في كل ركن من أركان المطعم.. إن لم يكن بالصوت وبالصورة، فبالصوت حتى في الحمام.

كل هذه الحركة والحماسة التي يحفل بها هذا المطعم، الذي يصبح مع موعد كل لقاء كروي أشبه بملعب دولي تتعدد فيه جنسيات الزبائن، ولا ينقصه سوى حَكَم ينظم حركة الزبائن ويقوم على خدمتهم..

إنه موجود..! وستضحك حقا وهو أمام طاولتك وعيونك مسمّرة على المباراة التي تعرض أمامك على الشاشة، عندما تسمع فجأة صافرة حكم.. مع أن اللعب مستمر.

ببساطة لا يستخدم مشرف الصالة أسماء موظفيه لتوجيههم إلى طاولة معينة، بل يستخدم الصافرة والإشارة لتلبية طلبات ضيوف المطعم، تماما كحكم المباراة. وهو يلعب الدور جيدا لدرجة أنه يبدو لبعض الوقت كأنه الحَكَم حقيقةً..

بل إن الأمور ذهبت إلى أبعد من ذلك، ولنفترض أن نادلا ما أخطأ أو تلكأ في عمله، فسترتفع في وجهه «البطاقة الصفراء» الجاهزة دائما، في مشهد لا بد أن ينتزع من الزبائن ابتسامة عريضة. كذلك هناك لمن يكرر الخطأ «بطاقة حمراء».. حيث لا مجال للتهاون مع حكم الصالة.

أما في ما يتعلق بالزبون فالعكس صحيح، إذ أدخل هذا المطعم بعض التعديلات على قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم، فـ«البطاقة الصفراء» هنا لا تعني الإنذار، بل تعني الترحيب، في حين تعني «البطاقة الحمراء» ترحيبا أكبر. وعليه إذا صفر نادل ورفع في وجه الزبون «البطاقة الحمراء» فسرعان ما تليها عبارة «أهلا وسهلا بكم».

ثم قبل أن ننسى، فإن أعلام الفرق المشاركة في المونديال تملأ الزوايا والجدران ومداخل المكان، ولم تقف الأعلام عند هذا الحد، بل وصلت أيضا إلى قوالب «الكيك» التي طبعت عليها أعلام البرازيل وألمانيا والأرجنتين وغيرها... ويكفي إذا كنت تود أن تحتفل بفريقك الفائز أن تطلب قطعة حلوى بعلم الفريق الذي تشجعه وتحتفل بانتصاراته.

وفي تعليق على هذه الأجواء، قال فادي، وهو صحافي يقيم في إمارة الشارقة ويشجع الأرجنتين: «خلال هذا المونديال كنت أشاهد المباريات إما في منزلي وإما هنا في مطعم (ريم البوادي)، فالأجواء هنا حماسية جدا وفي الوقت نفسه دافئة وشرقية. وتستطيع أن تستمتع بتناول أطباقك المفضلة ومشاهدة فريقك المفضل».

من ناحية أخرى، أدى الإقبال الواسع على ارتياد هذا المكان إلى إجراء أصحابه توسعة مضاعفة لصالاته شملت استئجار مبنى مجاور كان يشغله مصرف «إتش إس بي سي» البريطاني، إضافة إلى فتحهم فرعا آخر على شارع الشيخ زايد، أشهر شوارع دولة الإمارات. وبمعزل عن مونديال جنوب أفريقيا، اكتسب المطعم شعبية كبيرة في أوساط محبي المأكولات والمشاوي الشرقية، وكذلك من تستهويهم المثلجات (البوظة) الشرقية المصنوعة على الطريقة التركية والمنتشرة في سورية تحت اسم «الدندرمة»، التي يصدح صوت دقها في جهات المطعم الأربع.

ولم يغفل أصحاب المطعم الحرص على الديكور الشرقي العربي، لتأكيد هويته، وهكذا بجانب الديكور الذي يعتمد على القناطر المتداخلة، علقت السجاجيد والبسط العربية على الجدران، تتخللها صور كل المشاهير الذين زاروا المطعم وخبروا أجواءه على مدى السنوات الماضية.