نتنياهو مستعد لزيارة رام الله.. ويدعو أبو مازن إلى القدس

الرئيس الفلسطيني لصحافيين إسرائيليين بعد لقاء ميتشل: لا تقتلوا ما تبقى من آمال السلام

أبو مازن (إ.ب.أ)
TT

بعد ساعتين من اللقاء مع المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه يدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إلى زيارة في القدس. وقال إنه من جهته مستعد لأن يسافر إلى رام الله للقائه، لبحث سبل الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة لتسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. في المقابل دعا أبو مازن الإسرائيليين، عبر ستة من كبار الصحافيين اليهود التقاهم في مقره في رام الله أمس، أن لا يفقدوا الفلسطينيين ما تبقى لهم من آمال في السلام.

وكان نتنياهو يتكلم في مؤتمر صحافي مشترك مع ميتشل، فقال إنه يعرف أن الإدارة الأميركية تؤيده في مطلبه البدء بمفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة وتسعى للانتقال إلى المفاوضات المباشرة، ولكنه مستعد لتقصير المسافات وتوفير الجهود والمبادرة إلى لقاء مع أبو مازن في أقرب وقت، في القدس أو رام الله، ومباشرة هذه المفاوضات معه. ففي هذه المفاوضات فقط يمكن تسوية القضايا المركبة وقد حان الوقت للوصول إليها.

وأعرب نتنياهو عن أمله في أن يكون لقاؤه في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يوم الثلاثاء المقبل، رافعة للمفاوضات المباشرة وتغيير الأجواء في المنطقة. ورد ميتشل قائلا إن السياسة الأميركية ما زالت ترى ضرورة حيوية في الانتقال إلى المفاوضات المباشرة باعتبارها مصلحة مشتركة لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية وللولايات المتحدة. ولكنه يعمل في هذا السبيل من خلال التروي والحكمة وإزالة العقبات خطوة خطوة. وفي المحادثات بين نتنياهو وميتشل، قال المبعوث الأميركي إنه يتوقع أن يتم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة في أغسطس (آب) المقبل.

من جهة ثانية، بادر أبو مازن الذي التقى ميتشل في رام الله أمس، إلى استضافة ستة من كبار الصحافيين السياسيين الإسرائيليين في مقر الرئاسة في المقاطعة في رام الله وأمضى معهم نحو ثلاث ساعات، رد خلالها على كل أسئلتهم بصراحة ووضوح، بما في ذلك أسئلة شخصية. وحرص على إبلاغهم بأن رئيس حكومتهم نتنياهو رفض عرضا من التلفزيون الفلسطيني لإجراء مقابلة صحافية معه. وخرج الصحافيون معجبين بمواقفه. وقال أحدهم، وهو ألوف بن، إنه «في الوقت الذي يمتنع فيه نتنياهو عن مخاطبة الرأي العام الفلسطيني، قرر أبو مازن أن يدير المفاوضات المباشرة مع الشعب في إسرائيل وكان موفقا. فقد بدا واثقا ومصمما ومتمسكا بعملية السلام ومبادرا لأفكار جديدة تساعد على دفع المسيرة». وقال أبو مازن في رده على الأسئلة إنه ليس يائسا من مفاوضات السلام ولكنه ليس متفائلا أيضا. فبعد شهرين من المفاوضات غير المباشرة، لم يقدم نتنياهو أي اقتراح جدي يدفع عملية السلام إلى الأمام، بل لم يرد على اقتراحات تقدم بها الجانب الفلسطيني وتهرب من اقتراحات أميركية في الموضوع. وقال أبو مازن إنه مستعد للانتقال إلى المفاوضات المباشرة، ولكنه يحتاج إلى رؤية استعداد إسرائيلي لعمل شيء. وأكد أن المطروح حاليا هو قضيتا الحدود والأمن. والسلطة الفلسطينية أبدت استعدادها لقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 بشكل أساسي، مع تعديلات حدودية طفيفة على أساس مبدأ «شبر مقابل شبر». وأكد أن الدولة الفلسطينية تشمل القدس الشرقية عاصمة لها والقدس الغربية عاصمة لإسرائيل. وأكد أبو مازن ما كان قد كشفه لـ«الشرق الأوسط» في مقابلة أجريت معه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنه تبادل مع رئيس الوزراء السابق، ايهود أولمرت، خرائط تفصيلية حول موضوع الحدود. وسلم نسخة من هذه الخرائط للمبعوث ميتشل الذي سلمها لنتنياهو حتى يعطي رده عليها، ولكن نتنياهو لم يرد بعد.

وأكد أبو مازن أنه اقترح في الموضوع الأمني وضع قوات دولية للفصل على الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. ورفض بشكل قاطع وجود أي جندي إسرائيلي على أرض الدولة الفلسطينية. وعندما سئل إذا كان لديه استعداد لوضع نفسه مكان نتنياهو وتفهم الضغوط عليه من معسكره اليميني والصعوبات التي يواجهها حتى داخل حزبه الليكود، فأجاب: «أنا في وضع أصعب من وضعه بكثير. فعندي أيضا توجد معارضة (حماس وغيرها) ويوجد ائتلاف صعب (منظمة التحرير الفلسطينية) وتوجد خلافات داخل حزبي (حركة فتح). كما أنني أتعرض لضغوط خارجية من دول عربية أو إسلامية أو غربية».

وسئل أبو مازن عما إذا كان ينفي وقوع المحرقة ويشكك في عدد اليهود الذين قتلوا بأيدي النازية، فأجاب: أن هذا تشويه لموقفه. وأكد أن أطروحة الدكتوراه التي قدمها عن هذا الموضوع ما زالت موجودة ومنشورة على الملأ، وفيها لا يشكك في العدد بل يقول إن من الصعب إحصاء العدد، «فقد يكون خمسة ملايين وقد يكون سبعة ملايين. لكنني أضفت أن قتل إنسان بريء واحد يعتبر جريمة بشعة لا يرضاها للصديق ولا للعدو».

وحول لقاء أبو مازن وميتشل قال صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، إن لقاء الرئيس بالسيناتور ميتشل، شمل بحث القضايا الرئيسية المتعلقة بالحدود والأمن. وأضاف أن الرئيس طرح على السيناتور ميتشل قضايا هدم المنازل في حي سلوان، وإبعاد النواب عن مدينة القدس، وقضية فندق شبرد، والاستيطان المستمر في الأرض الفلسطينية.

وأشار عريقات إلى أنه ستكون هناك جولة قادمة للسيناتور ميتشل لم تحدد بعد، وأنه تم الاتفاق على استمرار التواصل بين الجانبين الفلسطيني والأميركي.

وأوضح عريقات في تصريحات للصحافيين عقب اللقاء الذي كان حاضرا فيه، أنه لا يمكن تحقيق السلام والانتقال إلى المفاوضات المباشرة، ما لم يتم إحراز تقدم في موضوع حدود عام 1967، أي حل الدولتين، وامتناع إسرائيل عن القيام بالإجراءات التعسفية والاعتقالات وسياسة الاستيطان والإغلاقات. وأضاف عريقات الذي كان حاضرا في اللقاء في تصريحات للصحافيين: «نأمل أن تكون رسالتنا هذه واضحة للمجتمع الدولي والإدارة الأميركية».

وتابع القول: «نأمل ببذل كل جهد ممكن قبل انتهاء المدة المحددة للمفاوضات غير المباشرة، للتوصل لحل في قضيتي الحدود والأمن، تمهيدا لحل كافة قضايا الوضع النهائي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».

إلى ذلك, ذكرت مصادر إسرائيلية، الليلة قبل الماضية، أن الوسيط الألماني جيرهارد كونراد، سيصل قريبا إلى قطاع غزة من أجل استئناف الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس لإبرام صفقة تبادل الأسرى، يطلق بموجبها سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن نحو 1000 أسير فلسطيني.

وقالت هذه المصادر للقناة التلفزيونية الثانية في إسرائيل إن هذا التطور حصل في أعقاب تدخل عدد من دول الغرب التي استمدت التشجيع من المسيرة الكبرى التي تنظمها عائلة شاليط منذ خمسة أيام وتستقطب تأييدا جماهيريا واسعا في إسرائيل والعالم، لعلها تؤثر على الطرفين وتدفعهما إلى عمل ما يجب عمله لإطلاق الصفقة.