حملة جديدة على محكمة الحريري.. وجلسة علنية في لاهاي للاستماع إلى اللواء السيد

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: تقارير تحدثت عن تحول معلومات وخيوط إلى أدلة ثابتة وقاطعة

TT

عادت المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق، رفيق والحريري، والاغتيالات المتصلة بها، إلى صدارة المتابعة السياسية والإعلامية في لبنان، على شكل حملات ضدها من قبل قوى وشخصيات سياسية وحزبية من فريق 8 آذار.

وجاء ذلك بعد أيام من إعلان المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، تحديد جلسة استماع علنية في الـ13 من الشهر الحالي، للبحث في طلب تقدم به اللواء جميل السيد، أحد الضباط الأربعة الذين أطلق سراحهم، للاطلاع على وثائق من التحقيق، مما قد يتيح له، حسب قوله، التأكيد بأن اعتقاله كان نتيجة وشايات كاذبة.

وقال القاضي دانيال فرانسن، في مذكرة تحمل تاريخ يوم الجمعة الماضي، إنه «سيمنح كلا من مقدم الطلب والنائب العام 20 دقيقة لتقديم حججهما». وتابع المصدر نفسه أنه سيكون بإمكان الطرفين «تقديم إيضاحات شفوية لبعض النقاط الأساسية في حججهما حول صلاحية المحكمة وحق مقدم الطلب في المثول أمام المحكمة».

وكان السيد اعتقل في 30 أغسطس (آب) 2005، بموجب مذكرة توقيف صادرة عن القضاء اللبناني. وفي التاسع والعشرين من أبريل (نيسان) 2009 أفرج عنه مع ثلاثة ضباط كبار آخرين بناء على أمر من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

وفي بيروت، اتخذ بعض السياسيين اللبنانيين المعارضين للمحكمة، من واقعة توقيف الموظف الفني في شركة «ألفا» للهاتف الجوال، شربل قزي، بتهمة التعامل مع إسرائيل، ذريعة لشن حرب على المحكمة. وبدأت الهجمات بتصريح للوزير السابق، وئام وهاب، الذي أكد أن «تحقيق بلمار كله بني على اتصالين هاتفيين أجريا عبر شبكة ألفا (سليس سابقا)، مما يعني تورط إسرائيل في الجريمة من خلال تمكنها من الدخول على الشبكة وإجراء اتصالات عبر خطوط يملكها لبنانيون من دون معرفة أصحابها بذلك».

واستتبع تصريح وهاب في مؤتمر صحافي للنائب السابق ناصر قنديل الذي اعتبر ما أسماها «فضيحة اعتقال جاسوس الاتصالات» «نسفا لمصداقية أي تقرير اتهامي للمحكمة، يستند إلى الاتصالات الهاتفية، بعدما تبين أن وظيفة الأجهزة التي زرعها الموساد الإسرائيلي هي أبعد من التنصت على هواتف اللبنانيين، بل إدخال معلومات مفبركة إلى هواتفهم». وحذر من «تفجير داخلي في لبنان على إيقاع تقرير مزور يصدر عن المحكمة الدولية، يستند إلى تقارير مزورة لاتصالات هاتفية جرى دسها بواسطة عملاء الموساد، لتوريط أسماء من المقاومة في الاتهام، يليها افتعال مجموعة من الأحداث العنيفة على أساس مذهبي، منها عمليات انتحارية لمجموعات متطرفة جرى تجنيدها لهذه الغاية». علما بأن المعلومات التي روجت عبر مصادر أمنية وتضمنت روايات الاختراق الإسرائيلي للمكالمات اللبنانية، تعارضت مع ما أعلنه وزير الدفاع إلياس المر الذي تحدث عن «تضخيم هذه المعلومات»، وتلميحه إلى أن قزي «ليس أكثر من عميل شاءت الصدف أن يعمل في شركة الهاتف الجوال».

وفي هذا الإطار أكد مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن «الحملة العنيفة التي تشن حاليا على المحكمة الدولية مريبة جدا وتطرح تساؤلات حول أبعادها ومغزاها، وكأن ثمة من يتهم نفسه قبل أن يوجه (المدعي العام الدولي دانيال) بلمار الاتهام إلى من يعتقد أنهم متورطون في جريمة اغتيال الحريري». واستغرب المرجع القضائي «كيف أن البعض حاول بالأمس الطعن في التحقيق الدولي بالاستناد إلى ما أسماه شهود الزور، وإذا به اليوم يحاول النيل من مصداقية هذا التحقيق عبر التشكيك في صحة المعلومات التي جمعها ووثقها المحققون من خلال الاتصالات».

وسأل: «ماذا لو قدم بلمار غدا أدلة موثقة حصل عليها من خارج هاتين الدائرتين؟ وما هي الغاية من استباق النتائج والحديث عن سيناريوهات محتملة، كأن لا غاية منها إلا تخويف اللبنانيين؟». وأشار إلى أن «كل المعطيات المتوافرة للدولة اللبنانية تفيد بأن المحكمة ماضية في مهمتها، ولن يوقفها التهويل لأنها مؤسسة قضائية دولية مستقلة، لم تعد خاضعة لمشيئة أحد لا داخل لبنان ولا خارجه».

وربطت مصادر متابعة لما يجري بين الهجوم على المحكمة الدولية، وتقارير تلقتها المراجع اللبنانية المختصة تحدثت عن تقدم هائل في عمل بلمار وفريقه. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التقارير «وضعت مسؤولين لبنانيين في أجواء التقدم الحاصل من دون أن تكشف حيثيات هذا التقدم، ومنها أن مكتب المدعي العام ضاعف من جهوده، وأن المحققين أضاءوا على الكثير من النقاط التي كانت غامضة في لبنان». وأشارت التقارير، بحسب المصادر، إلى أن «المعلومات والخيوط التي كانت متوافرة تحولت إلى أدلة ثابتة وقاطعة، وأن الفراغات التي كانت موجودة ملئت وجرى تصنيفها، وهناك بعض الأمور يجري تتبعها بقوة ووفق أعلى معايير الأدلة، وأن النتائج التي جمعت في الأشهر القليلة الماضية تتحدث عن نفسها». وتحدثت المصادر عن «تكثيف عمل المحققين والخبراء الدوليين في لبنان، وهذا ما مكنهم من استعادة الكثير من الأدلة، إلا أن هناك مهام أساسية أمامهم وتحتاج إلى جهد كبير أيضا».