أوتونباييفا تعد بحقبة جديدة مبنية على احترام القانون في قرغيزستان

جدل وسط القرغيز حول تنصيب امرأة رئيسة للبلاد

TT

وعدت روزا أوتونباييفا التي أصبحت أول من أمس امرأة تتولى رئاسة جمهورية قرغيزستان، ببدء حقبة سياسية جديدة في بلادها الخارجة لتوها من أعمال عنف، تكون مبنية على «الاحترام الكامل لدولة القانون».

وأدت أوتونباييفا اليمين الدستورية أمام أكثر من ألف من الحاضرين في قاعة الاحتفالات في العاصمة بشكيك، ووعدت ببدء عهد سياسي جديد في البلد المضطرب. وقالت خلال أدائها اليمين الدستورية «بصفتي رئيسة لن أدخر أي جهد لخلق ثقافة سياسية جديدة في البلاد مبنية على الاحترام الكامل لدولة القانون». وأضافت: «سأطلب من الحكومة كلها ضمان ذلك. هذه السياسة الجديدة لا يمكن أن تبنى على أوهام. يجب أن تصبح حقيقية وفعلية».

وتباينت الآراء بشأن الرئيسة الجديدة في بشكيك، إلا أن كونها أول امرأة تتولى الرئاسة في منطقة يهيمن عليها الرجال هو ما يثير الاهتمام. وقالت المتقاعدة ايرينا سيدوركينا: «للمرة الأولى لدينا رئيسة، وهذا درس مهم للرجال، إذ يمكن أن تعلمهم كيفية قيادة البلاد». أما الجندي السابق مارات زهوسوبوف فقال إنه يرى الأمور بشكل مختلف. وأوضح «أن تعيين امرأة رئيسة هو مهزلة. ربما كان ذلك ممكنا لو كنا في وقت سلم، ولكن من غير المقبول أن نجرب مع امرأة ليس لها خبرة ونحن على حافة الحرب».

وكانت أوتونباييفا السفيرة السابقة لقرغيزستان لدى بريطانيا، عينت رئيسة بالنيابة بعد التمرد الدامي الذي أسفر عن سقوط 87 قتيلا وأدى إلى هروب الرئيس قرمان بك باقيف. وتتولى أوتونباييفا مهامها في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد التي شهدت خلال الأشهر الأخيرة أعمال عنف وعدم استقرار سياسي. وتتولى الرئيسة الجديدة مهامها بعد أيام من إقرار دستور جديد بغالبية ساحقة في استفتاء ما يجعل من قرغيزستان أول ديمقراطية برلمانية في المنطقة. ويقلص الدستور الجديد الذي جرت المصادقة عليه الأحد الماضي، صلاحيات الرئيس ويمهد لانتخابات برلمانية قالت السلطات إنها ستجري مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لتعيين حكومة دائمة.

وستتولى أوتونباييفا رئاسة حكومة تصريف أعمال إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في 2011. وقد منحها الاستفتاء صلاحية تولي الرئاسة غير أنه لا يحق لها الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويتعين على حكومتها تهدئة التوترات في مناطق جنوب البلاد التي شهدت اشتباكات دامية بين الغالبية القرغيزية والأقلية الأوزبكية في مدينتي أوش وجلال آباد والمناطق المحيطة بهما، مما أدى إلى مقتل نحو ألفي شخص الشهر الماضي.

وفر أكثر من 75 ألف شخص إلى أوزبكستان المجاورة، إلا أنهم عادوا إلى قرغيزستان، مما دفع بمنظمات الإغاثة الدولية إلى التحذير من أزمة إنسانية في التعامل مع آلاف العائلات التي دمرت منازلها. وقال عدد من الضحايا إن أعمال عنف دبرتها ميليشيات قرغيزية مسلحة استهدفت المتحدرين من أصل أوزبكي الذين يشكلون نحو 14% من سكان قرغيزستان البالغ عددهم 5.3 مليون شخص.

واعتمدت الرئيسة الجديدة لهجة مصالحة بشأن العنف، وتجنبت إلقاء اللوم على جماعة عرقية دون غيرها، فيما وعدت بأن تبذل الحكومة مزيدا من الجهود لضمان عودة الخدمات إلى مواطنيها في المناطق الجنوبية المدمرة. وقالت: «اليوم تمر قرغيزستان بواحدة من أكثر الفترات دراماتيكية في تاريخها. ولسوء الحظ فإن أحداثا مأساوية جرت في مناطق أوش وجلال آباد، وسفكت قوى الظلام دماء كثير من الأبرياء». وأضافت «وأنا بدوري أعد بأن الدولة ستفعل كل ما في وسعها وبالسرعة الممكنة للتغلب على آثار هذه المأساة».

إلا أن أوتونباييفا تواجه سلسلة من المهام الصعبة التي تتعدى التغلب على العنف إذا أرادت إحلال الاستقرار في البلاد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المحلل السياسي في بشكيك مارات كازكباييف قوله: «إن أصعب الأشياء الآن بالنسبة لأوتونباييفا هو إنعاش الاقتصاد الوطني وحل المسائل الأمنية والمشكلات الاجتماعية، وأن تبرهن للعالم عن قدرتها على الحكم في الظروف الصعبة».

ومن المرجح أن تراقب كل من روسيا والولايات المتحدة الخطوات الأولى التي ستقوم بها الرئيسة الجديدة، وخصوصا أن للبلدين قواعد عسكرية في البلد الذي يتمتع بموقع استراتيجي.