الصومال: تعديل وزاري شامل في حكومة شرمارك

مخاوف من انسحاب جماعة أهل السنة من الحكومة

TT

أعلن رئيس الوزراء الصومالي عمر شرمارك عن تعديل وزاري كبير في حكومته. وشكل شرمارك حكومة تتكون من 39 حقيبة وزارية، وأسندت لوجوه جديدة وزارات مهمة مثل الخارجية، والدفاع، والإعلام، والتخطيط، والعدل، والأمن الوطني، والصحة. وحصلت حركة أهل السنة والجماعة على 5 حقائب وزارية هي التخطيط والتعاون الدولي، والأمن الوطني، والتربية والتعليم، ونزع السلاح، والمصالحة. لكن الشيخ يوسف القاضي المتحدث باسم أهل السنة والجماعة صرح للصحافيين قبل الإعلان عن التعديل بساعات بأنهم لن يقبلوا بتوزير أشخاص لا يمثلون أهل السنة وصرح باسم كل من ؛ مصطفى دحلو، وأحمد عبد السلام. وقد ورد اسما الرجلين في قائمة التعديل؛ حيث أسندت حقيبة التخطيط والتعاون الدولي إلى مصطفى دحلو، كما أسندت حقيبة الأمن الوطني إلى أحمد عبد السلام. وصرح مسؤول كبير في «أهل السنة والجماعة» لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة ستعلن اليوم رسميا عن انهيار اتفاق الحكومة والجماعة بسبب ما وصفه بعدم التزام رئيس الوزراء باتفاقية تقاسم السلطة الموقعة في أديس أبابا في أبريل (نيسان) الماضي». وقد احتفظ اثنان من الإسلاميين المقربين من الرئيس الصومالي بمنصبيهما وهما وزير الداخلية «عبد القادر علي عمر»، و«محمود عبد غارويني» وزير الشؤون الإنسانية. ومن الوجوه البارزة في الحكومة الجديدة يوسف حسن إبراهيم الذي عين وزيرا للخارجية، وهو منصب شغله في حكومات سابقة وينتمي لإقليم «أرض الصومال» الذي أعلن نفسه من طرف واحد جمهورية مستقلة في شمال البلاد، ويشغل إبراهيم حاليا سفير الصومال لدى الصين. وأسند منصب نائب رئيس الوزراء إلى آدم مدوبي (رئيس البرلمان السابق) وحصل نائبه السابق د. محمد عمر طلحة على منصب وزير الشؤون الاجتماعية. وتضم التشكيلة الجديدة سيدتين فقط هما وزيرة الشباب والرياضة، خديجة محمد ديرية، ووزيرة شؤون المرأة والأسرة، فوزية محمد شيخ. ويأتي التعديل الوزاري الجديد في وقت تواجه فيه الحكومة تحديا أمنيا واقتصاديا خطيرا، فقد ضاعف المقاتلون الإسلاميون المعارضون من هجماتهم خلال الأيام الأخيرة واستولوا على عدد من المواقع القريبة من القصر الرئاسي، كما أن الحكومة تواجه شحا في الموارد المالية وهي تعتمد أساسا على المساعدات الخارجية المتعثرة. ومن المتوقع أن يصادق البرلمان الصومالي على الحكومة الجديدة خلال أيام، وليس معروفا فيما إذا كانت ستحصل على ثقة أغلبية النواب الذين كان يطالب كثيرون منهم بتشكيل حكومة صغيرة وذات كفاءة عالية. وكان وزير الإعلام الصومالي المنصرف طاهر محمود جيلي قد حذر قبل أيام في حديث لـ«الشرق الأوسط» من انفجار سياسي جديد بسبب التعديل الوزاري المرتقب. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل الأوضاع الخطيرة القائمة التي لا تحتمل أي هزة ينبغي التحرك بحذر شديد، وينبغي أن لا يؤدي التعديل القادم إلى انفجار سياسي لن يكون بمقدورنا السيطرة عليه»، على حد تعبيره. وأضاف جيلي: «هذه المهمة تتطلب فهما واعيا لفن الإدارة والسياسة وإدراكا كاملا للمعادلة القائمة بكل أبعادها، كما تتطلب وقفة طويلة ومتأنية قبل أن يقرر من سيبقى في الحكومة ومن سيخرج ومن سيدخل، ويجب أن يتم ذلك عبر نظام مقبول لدى كافة الأطراف، وينبغي أيضا أخذ الحيطة لمنع حدوث كل ما يمكن أن يكون بمثابة ردود فعل خطيرة ومدمرة».

على صعيد آخر أنشأت الأمم المتحدة محكمة جنائية خاصة في كينيا لمحاكمة القراصنة الصوماليين، وذلك بعد موافقة الجهات المانحة على تمويل تلك المحكمة. وأنشأ هذه المحكمة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وفتحت في مدينة مومباسا الساحلية، ويوجد في كينيا نحو 150 مشتبها بالقرصنة قيد الاعتقال في انتظار محاكمتهم بتهمة قيامهم بأعمال قرصنة، وقد تم إصدار حكم بحق 18 منهم فقط. وكانت كينيا قد هددت في وقت سابق من هذا العام بأنها ستوقف محاكمة القراصنة الصوماليين ما لم توافق الدول الأخرى على مشاركتها في تحمل العبء. إلا أن السياسة التي انتهجتها كينيا بالتهديد بوقف وضع القراصنة المشتبه بهم أمام محاكمها قد انتهت بعد زيارة كاثرين آشتون مسؤولة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية إلى كينيا في مايو (أيار) الماضي بهدف بلورة رؤية إقليمية للتصدي للقراصنة الصوماليين، كما أن الجهات المانحة وافقت على تقديم الدعم اللازم لكينيا وتمويل قطاعها القضائي.

ويشارك الاتحاد الأوروبي وألمانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا وجهات مانحة أخرى في تمويل هذه المحكمة الجديدة في كينيا التي تعد خطوة جديدة في مجال مكافحة القراصنة الصوماليين الذين باتوا يشكلون خطرا داهما على السفن في خليج عدن والمياه الدولية قبالة السواحل شرق أفريقيا مما جعلها من أخطر الممرات البحرية في العالم.

في هذه الأثناء قال المتحدث باسم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أدريان إدواردز: «إن الوضع في الصومال يتدهور ويزداد سوءا كل يوم». وأضاف: «العنف وانتهاكات حقوق الإنسان متواصلة لتهجير آلاف المدنيين قسرا». وذكر المتحدث باسم المفوضية أنه على الرغم من تدهور الوضع في جنوب الصومال فإن عدد اللاجئين الذين يفرون من الحرب إلى الدول المجاورة انخفض منذ بداية العام الحالي، لأن الرحيل محفوف بمخاطر أكثر.