شنايدر المتألق يقضي على آمال البرازيل وينهي حلم دونغا في المونديال

انتقم لنفسه بعد أن عاملوه بسوء في ريال مدريد قبل أن يستغنوا عنه

TT

بعد أن تلاعب بمنتخب البرازيل وعزف أجمل الألحان في مواجهته، يفكر ويسلي شنايدر لاعب منتخب هولندا في عمل جديد. وقد صرح اللاعب قائلا: «أعتقد أنني سأكون فرقة موسيقية». ويمتلك شنايدر الآن مجموعة من الطبول يحسده عليها رونالدينهو، نظرا لأن الطبلة هي الجائزة التي يحصل عليها أفضل لاعب في كل مباراة، وقد حصل شنايدر حتى الآن على 3 منها في 5 مباريات. وعلق شنايدر على ذلك قائلا: «إنه أمر رائع أن يتم وصفك كأفضل لاعب في المباراة، لكنني يجب أن أشكر الفريق على كل هذه الجوائز التي أحصل عليها». ويبدو من حديث اللاعب وكأن قرنا قد مر على المباراة الأولى له أمام الدنمارك، عندما حصل على جائزة أفضل لاعب وتحدث بشكل يحمل الكثير من السخرية مع الصحافيين الهولنديين قائلا: «بالتأكيد أستحق جائزة أفضل لاعب». لكن اللاعب اعتذر عن ذلك الأمر بعد بضعة أيام وصرح قائلا: «هذا صحيح، لقد لعب فان بوميل أفضل مني. لكنكم كنتم تضعونني تحت ضغط، ولهذا قمت بالرد بهذه الطريقة».

العقل: إن لسان ويسلي شنايدر حاضر دائما مثل قدمه، لكن العقل هو الأهم دائما. وقد صرح رود خوليت قائلا قبل انطلاق البطولة بشأن شنايدر: «سيكون شنايدر نجم البطولة. وأقول ذلك لأنه يمتلك شيئا يصنع الفارق دائما وهو العقل». إن امتلاك شنايدر لعقل راجح يظهر من طريقة لعبه، لكنه يظهر أيضا من طريقته في الخروج من المواقف العصيبة: فبعد أن وضعه نادي ريال مدريد في الظل، وكاد أن يحرمه حتى من مكان لركن سيارته في مقر النادي، أعاد شنايدر بناء نفسه بشكل أفضل من السابق في ميلانو. وقبل بضعة أشهر كان شنايدر لاعبا غير مقبول يقول له أحد مسؤولي ريال مدريد: «لقد لعبت تلك المباراة الودية، لكنك لن تلعب بعد ذلك قط مع نادي ريال مدريد». لقد حدث ذلك في مدينة دورتموند وفي تلك المباراة سجل روبين هدفا رائعا وذهب بعد ذلك لمعانقة شنايدر بقوة. وبعد أقل من عام انطلق شنايدر نحو الدور قبل النهائي في المونديال إلى جانب روبين، وهو لاعب آخر استغنى عنه نادي ريال مدريد، بينما سيشاهد اللاعبون الكبار الذين اشتراهم فلورينتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد المباراة أمام التلفزيون.

الفخر: لقد أخذ شنايدر يضرب على جبهته غير مصدق بعد إحرازه للهدف الثاني في مرمى البرازيل، وكانت السعادة الجنونية تبدو على وجهه، وذهب ليهدي الهدف لخطيبته يولانسي كالمعتاد وليطلق ابتسامات السعادة أمام الكاميرات. وبعد ذلك تمالك نفسه وقام بإخفاء السلسلة التي يرتديها تحت قميصه البرتقالي. وقد علق شنايدر على فوز المنتخب الهولندي وتأهله للدور قبل النهائي قائلا: «أريد الآن أن أحتفل وأن أستمتع بذلك الوضع، لكننا لا يجب أن نفقد تركيزنا. إن الفوز على منتخب البرازيل، أحد المرشحين للبطولة، أمر رائع، وكذلك إحرازي لهدفين في دفاع قوي مثل هذا، لأنني أشعر أن الهدفين اللذين فزنا بهما من صنعي أنا.

لكن تتبقى مباراتان ولا يمكننا التوقف. إن الوصول للدور قبل النهائي بعد الفوز على البرازيل أمر مميز، لكننا سنشعر بالرضا عندما نصل لنهاية المطاف». لقد نجح المنتخب الهولندي في العودة للمباراة في أسوأ اللحظات، ويجب، كما يقول شنايدر، إجادة استغلال الحظ. وقد علق اللاعب الفذ على أحداث اللقاء قائلا: «لقد كان الشوط الأول عسيرا، وقلنا لبعضنا إننا يجب أن نمارس المزيد من الضغط على المنتخب البرازيلي. لقد كان من الممكن أن يكون الشوط الثاني هو آخر شوط لنا في المونديال، وكان من الضروري محاولة فعل أي شيء من أجل الفوز. وكان الفوز رائعا». وكان من الرائع أيضا تسجيل شنايدر للهدف الثاني برأسه. وعن ذلك الهدف يقول شنايدر: «لا أصدق ما حدث. أنا أسجل هدفا برأسي؟ إنني أقصر لاعبي فريقي قامة، ولا يتعدى طولي مترا و70 سنتيمترا». ولم يحرز اللاعب هدفا برأسه من قبل سوى مرة واحدة: مع نادي أياكس في مرمى نادي دين هاخ، ووقتها لعب الكرة بعينين مغمضتين. لكن عندما يكون هناك عقل واع، لا يهم أي شيء آخر.

لقد كان هناك الكثير من الكومبارس والكثير من المهزومين، وفائزان في مباراة منتخبي هولندا والبرازيل. وأول هذين الفائزين بالطبع هو شنايدر، لاعب ارتكاز نادي الإنتر الصغير والرائع، الذي استغنى عنه ريال مدريد في الموسم الماضي وأعاد الساحر مورينهو إطلاقه في مدار نادي الإنتر. وقد انتقم شنايدر بشكل كبير من كاكا. وبعد النجاحات والبطولات التي حققها مع نادي الإنتر، يقوم شنايدر بتوزيع جهده وطاقته – بالتوافق مع أداء منتخب هولندا الحالي – لكن كل لمسة يلمسها للكرة تمثل إبداعا. فهو يمرر الكرات الخطيرة لزملائه ويتسبب في إحراز المنافسين لأهداف في مرماهم ويحرز هو نفسه أهدافا حاسمة. وفي وسط الكثير من المؤدين يترك شنايدر بصمته كفنان مبدع، من فئة تختلف عن الآخرين.

إن الفائز الثاني من مباراة استاد بورت إليزابيث بين البرازيل وهولندا هو كرة القدم على الطريقة الإيطالية القديمة والكئيبة. وسيكون من المحزن أو من الممتع، طبقا لوجهات النظر المختلفة، ملاحظة كيف يلعب أحفاد بيليه وكرويف. فلم يعد هناك اللعب الممتع ولا السامبا من جانب البرازيل، ولم يعد هناك أيضا اللعب الجماعي ولا البرتقالة الميكانيكية التي تتحرك في تناسق من جانب المنتخب الهولندي. لقد لعب المنتخب الهولندي بدفاع حصين وشتت الكرة في المدرجات عند الضرورة، وكان يتمنى ألا يفوز الأفضل، مثلما كان يفعل البارون روكو في السنوات البطولية لمدينة بادوفا. ولم يظهر المنتخب الهولندي قط بهذا الشكل، على الرغم من أن فان باستن كان قد انتهك المحظورات في يورو 2008 من أجل جعل المنتخب الهولندي يلعب بشكل أكثر فاعلية وعملية.

وبالتأكيد لن نرى في الأعوام المقبلة، في ظل وجود ليوناردو أو غيره على مقعد تدريب البرازيل، منتخب السامبا يلعب بنفس الطريقة المليئة بالجهد مثل منتخب دونغا. يجب على منتخب البرازيل أن يستعد لمونديال 2014 الذي سيجري على أرضها: فالجميع ينتظرون فريقا رائعا صاعقا يمتلئ بالكثير من الأقدام الماهرة. فالجينات البرازيلية موجودة دائما ولن تختفي. لكن القوة العقلية هي المهمة في النهاية. وهي القوة التي افتقدها بالأمس فريق دونغا. فقد كان جميع اللاعبين شديدي العصبية. وشعروا بخوف شديد، بل أصيبوا بالشلل، بعد هدف التعادل الذي أحرزته هولندا.

لقد ظهر مرة أخرى أن الضغط الكبير على اللاعبين الكبار لعب دورا سلبيا كبيرا في المونديال الحالي. فقد أثرت الكثير من المشكلات النفسية بنسب مختلفة على منتخبات فرنسا وإنجلترا والبرتغال وأدت لعدم تألق ريبيري وروني وكريستيانو رونالدو. ويساهم أيضا في زيادة آثار الضغط على اللاعبين الانعزال الطويل الذي يتعرض له اللاعبون في جنوب أفريقيا، بسبب الدواعي الأمنية. فهناك الكثير من الطاقات التي لا تجد لها متنفسا - لأيام طويلة متتالية - وفي النهاية تعود لمسارها الأول مثل الآلة.