السعودية تتجه لسن نظام لـ«التوثيق» يخول البت في قضايا متنازع عليها دون الترافع أمام القاضي

يسمح بمنح تراخيص لمزاولة مهنة التوثيق.. ويكفل إلزامية العقود والإقرارات

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن نظام التوثيق، المتوقع أن تكشف السعودية النقاب عنه خلال أشهر قليلة مقبلة، سيُخوِّل لقضاة التنفيذ البت فوريا في أحكام القضايا المتنازع فيها، دون الحاجة لجلسات مرافعة أمام القاضي.

وتسير إجراءات التقاضي في السعودية على خط سير واحد في جميع التعاملات التي يثبت فيها تنازع أطراف من أي نوع، وتبدأ الخطوة الأولى بما يُعرف في البلاد بالحقوق المدنية، وتأتي هيئة التحقيق والادعاء العام كخطوة ثانية، ومن ثم يتم تحويل القضايا للمحاكم، التي تعمل على رفع القضايا وفق اختصاص التنازع، لينتهي المطاف بقضايا التنازع إلى قضاة التنفيذ، بعد مرورها على قضاة المراتب الأخرى، وهو ما يكفل أخذ الرأي والمشورة منهم قبل بلوغ القضايا محطتها الأخيرة لدى قاضي التنفيذ.

ويكفل النظام الجديد بلوغ القضايا بشكل مباشر قضاة التنفيذ، للبت مباشرة، دون الحاجة لمرورها على قضاة المراتب الأولية في السلم العدلي في المملكة، كما هو معمول به في النظام الحالي، وهو ما يؤدي إلى اختصار في الوقت والجهد، كفله نظام التوثيق.

وتتفاوت تخصصات القضاة في المملكة وفق معيار يتفاوت مع تفاوت المراتب التشريعية، في ما يتعلق بالسلم الوظيفي للقضاة، فيتسلسل القضاة في المملكة من (قاضي أ، وقاضي ب، وقاضي ج، وقاض تنفيذي، وقاض عام، وقاض إداري، وقاضي استئناف).

وفي الغالب يتم تعيين قضاة المرتبة (أ) في المحاكم الإدارية، أو ما يعرف في السعودية بالقضاء الإداري، أو ديوان المظالم، على اعتبار أن تلك المواقع تكفل لهم الدخول في برامج تكفل لهم التطوير من الناحيتين الوظيفية والتأهيلية.

ومن المتوقع أن تكشف السعودية، خلال الفترة المقبلة، عن نظام للتوثيق هو الأول من نوعه في المملكة، ويُطَبق على العقود والإقرارات، وبعض من الإجراءات الأخرى التي تحتاج توثيقا عدليا.

وطبقا لمصادر خاصة في وزارة العدل، أعطت «الشرق الأوسط» لمحة عن بنود نظام التوثيق، فإنه (نظام التوثيق) سيجيز للسعودي العمل كموثق، بعد تطابق الشروط التي تتطلبها عمليات منح تراخيص مزاولة مهنة التوثيق من قبل وزارة العدل، بل يجيز النظام للموثق أن يستعين بموثق آخر، إن تطابقت الشروط في الحالتين.

وطبقا لمصادر «الشرق الأوسط»، فإن النظام سيتركز حول توثيق «عقود الإيجار - والتقسيط - والوصايا - والديون - والكفالة - والرهن - والوكالة - والكمبيالات - والحضانة - والنفقة - بالإضافة إلى صكوك الإعسار».

وسيكفل نظام التوثيق للعقود والإقرارات أن تكون ملزمة قانونيا بين الأطراف المتعاقدة، وتكون العقود موافقة بعد إقرارها أحكام الشريعة الإسلامية، لقطع ما سمته المصادر بـ«التجاحد والنزاعات في العقود»، وهو ما سيؤطر جميع ما يحتاج للتوثيق من الناحية القانونية، وبالتالي الناحية الشرعية، التي تنبثق منها أحكام العقود والأنظمة التوثيقية.

وسيسمح النظام بتقاضي الموثق مبلغا كـ«أتعاب»، مقابل إنجاز مهام تحتاج توثيقا عدليا، وهو ما ستحويه لائحة أخرى تشرع حصول الموثق على أتعابه، ستصدر من قبل وزير العدل، بعد إقرار النظام من قبل مجلس الوزراء السعودي.

وتعمل هيئة الخبراء - الذراع المعاونة لمجلس الوزراء السعودي في ما يتعلق بدراسة القوانين والأنظمة المرفوعة من الجهات التشريعية للمجلس الذي يترأسه الملك - على وضع البصمات الأخيرة لما يُعرف بـ«مسودة نظام التوثيق السعودي».

وسيخضع الموثقون في السعودية لما تخضع له الأذرع المعاونة للجهات العدلية في البلاد، من حيث خضوعهم لطلعات تفتيشية دورية، تجريها الجهات العدلية التي تمنحهم تراخيص مزاولة المهنة، أو الجهات الرقابية التي تعمل على متابعة أداء عمل الجهات الحكومية.

وسيجيز النظام منح تراخيص مزاولة المهنة لمدة 5 سنوات قابلة لتجديد، برسم محدد (2000 ريال) لمنح الترخيص الأساسي، ومبلغ 1000 ريال لتجديد الرخصة، التي ستشترط مزاولة مهنة التوثيق خلال 180 يوما من منح الترخيص.

ويجيز نظام التوثيق السعودي لمن ألغي ترخيص مزاولته لمهنة «موثق» الحصول على ترخيص آخر عقب 5 أعوام من تاريخ صدور الترخيص الأول، في حين سيتم معاقبة من يثبُت انتحاله شخصية «موثق» بالحبس لمدة لا تقل عن عام، أو غرامة 100 ألف ريال، أو العقوبتين معا.

وكان عدد من الخبراء العدليين في المملكة، بالإضافة إلى أكاديميين متخصصين في القضاء والقانون، قد أشرفوا على وضع اللمسات الأولى على نظام التوثيق.

وستأخذ وزارة العدل بأفرعها العاملة إلى جانبها على عاتقها مهمة تطبيق النظام والقانون التوثيقي، عقب فراغ اللجان المتخصصة في دراسة الأنظمة بهيئة الخبراء، التابعة لمجلس الوزراء السعودي، من دراسة النظام، الذي سيُرفع لمجلس الوزراء، تمهيدا لإقراره والعمل على تطبيقه من قبل الجهات العدلية في المملكة.